هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
عمل في جميع الإدارات الجمهورية منذ عام 1980 للرؤساء رونالد ريغان وجورج بوش (الأب) وجورج دبليو بوش (الابن).
جاء به الرئيس الأمريكي الجمهوري دونالد ترامب مستشارا للأمن القومي بدلا من هربرت ماكماستر.
دبلوماسي عنيد، كثيرا ما يتعرض لانتقادات من دبلوماسيين أمريكيين ودوليين لأسلوبه الفج والعدائي، واصفين إياه بأنه "حاد جدا".
ساعد في بناء ملف "امتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل"، وهو الملف الذي كشف لاحقا أنه كان وهميا وملفقا لتبرير غزو العراق في عام 2003.
لا يبدو أنه قد عدل كثيرا من آرائه ووجهات نظره منذ آخر منصب تولاه في الحكومة الأمريكية، فهو يدافع في كتاباته الصحفية ومقابلاته الإعلامية عن استخدام القوة العسكرية ضد كوريا الشمالية وإيران. ويعتبر "جماعة الإخوان المسلمين" منظمة "إرهابية معقدة للغاية وجماعة استبدادية مسلحة".
وسيكون مستشار الأمن القومي الثالث لترامب خلال فترة 14 شهرا من وجوده في الإدارة، وسيباشر العمل في منصبه الجديد الشهر المقبل.
ولد جون إدوارد جاكسون بولتون في عام 1948 بولاية ماريلاند، حينما كان يعمل والده رجل إطفاء، حيث ترعرع في بيئة شعبية من الطبقة دون المتوسطة، والتحق بجامعة "ييل" ونال منها درجة البكالوريوس عام 1970.
وعاد ثانية والتحق بكلية الحقوق بجامعة "ييل" وتخرج فيها عام 1974، عمل بعدها في عدة مكاتب للمحاماة في واشنطن حتى عام 1997، ثم عمل في معهد "أمريكان إنتربرايز إنستيتيوت" الذي يُعد أحد أهم مراكز الأبحاث المحافظة في الولايات المتحدة، ومصنع كوادر الحزب "الجمهوري"، وبعد ذلك شغل بولتون منصب نائب الرئيس للبحوث السياسية، كما عمل مساعدا لوزير الخارجية الأسبق جيمس بيكر.
وجوده إلى جانب بيكر أهله للانتقال إلى الأمم المتحدة سفيرا للولايات المتحدة ما بين عامي 2005 و2006 عضوا معينا من الرئيس جورج دبليو بوش.
وعمل مستشارا لمؤسسة "فريدوم كابيتال لإدارة الاستثمارات".
ويشارك بولتون أيضا مع عدد من المراكز الفكرية ومعاهد السياسة المحافظة سياسيا، بما في ذلك معهد "إيست ويست ديناميكس"، و"الاتحاد القومي للأسلحة"، و"اللجنة الأمريكية للحرية الدينية الدولية"، و"مجلس السياسة الوطنية" ومعهد "غيتستون".
وكان مشاركا بارزا في العديد من الجماعات المحافظة الجديدة، مثل "مشروع القرن الأمريكي الجديد" و"المعهد اليهودي للأمن القومي الأمريكي" و"لجنة السلام والأمن في الخليج".
وكان مستشار السياسة الخارجية للمرشح للانتخابات الرئاسية عام 2012 ميت رومني.
"حرب مقبلة"
ويؤسس تعيينه من ترامب بمنصب مستشار الأمن القومي لحرب مقبلة في المنطقة، خاصة أن بولتون يبذل ما بوسعه لدفع ترامب إلى الانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران.
بولتون الذي تمكن من إقناع ترامب باستخدام لغة واضحة تجاه الاتفاق النووي الإيراني، تقوم على فكرة إما تعديله أو الانسحاب منه، موضحا أنها الوسيلة الوحيدة التي يمكن استخدامها للضغط على الحلفاء الأوروبيين للرضوخ لمطالب الإدارة الأمريكية.
بولتون كان مهندس غزو العراق فى عام 2003، وكان من ضمن الذين روّجوا للتقارير التي تدعي امتلاك نظام صدام حسين برنامج أسلحة دمار شامل، حتى بعدما تبين عدم صحة هذه التقارير، أصر على موقفه دون تغيير.
يحمل شعار "الغزو أولا" بدلا من "أمريكا أولا"، ما يشكل حالة من الارتباك بشأن سياسة ترامب الخارجية، وفيما إن كان ترامب يعلم حقا كيفية استخدام القوة العسكرية.
ويقول لاري ديموند من "معهد هوفر" في جامعة ستانفورد: "إنه اختيار غريب من رجل يقول إنه عارض حرب العراق". وأضاف ديموند، الذي عمل مستشارا بارزا أثناء حرب العراق: "إنه اختيار غريب لعين".
الانحياز لإسرائيل
وكثيرا ما دافع بولتون بشدة عن سياسات بوش المتطرفة، بما في ذلك العدوان الإسرائيلي على لبنان في عام 2006، قبل أن يصبح معلقا على شبكة "فوكس نيوز" بأسلوبه العدواني.
ويعد بولتون من وجوه تيار المحافظين الجدد، رغم أنه يرفض هذا المصطلح، ويشتهر بدفاعه عن "إسرائيل".
هذا الانحياز غير المتردد إلى "إسرائيل" كان السبب وراء سرعة ترحيب تل أبيب بتعيينه على لسان عدد من مسؤولي حكومة بنيامين نتنياهو فهو "صديقهم القوي"، تقول وزيرة "العدل" الإسرائيلية أيليت شاكيد في بيان: "يواصل الرئيس الأمريكي ترامب تعيين أصدقاء حقيقيين لإسرائيل في مناصب عليا، جون بولتون أحد البارزين منهم، ويتمتع بخبرة واسعة ولديه تفكير أصيل استثنائي".
وأضافت شاكيد: "هذا تعيين ممتاز (...) لقد اتضح أن إدارة ترامب هي الأكثر ودية لإسرائيل على الإطلاق".
أما وزير التعليم الإسرائيلي رئيس قائمة "البيت اليهودي" في الكنيست الإسرائيلي نفتالي بينيت فوصف هذا التعيين بأنه "عظيم ".
وعلى الجانب الفلسطيني، لم يلق تعيين بولتون ترحيبا، حيث توقعت عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حنان عشراوي أن يؤدي تعيين بولتون إلى تشدد متزايد في الموقفين الأمريكي والإسرائيلي وخلق "واقع مدمر" على الفلسطينيين والمنطقة.
وقالت عشراوي: "هذا الرجل لديه تاريخ طويل في معاداة فلسطين، منذ أن كان في الأمم المتحدة، حيث كان يدافع عن الحصانة الإسرائيلية"، مضيفة أنه "بتعيينه باتت الأمور الآن واضحة واكتملت الدائرة، بأن الإدارة الأمريكية انضمت إلى الصهاينة المتطرفين وإلى المسيحيين الأصوليين والبيض العنصريين".
لكن عضو الكونغرس الجمهوري لي زيلدين يقول كلاما مغايرا فهو يرى أن بولتون "رجل يتمتع بمؤهلات استثنائية".
وأضاف: "لن تحدث تسريبات بعد اليوم من مجلس الأمن القومي"، موضحا أن "الذين بقوا من عهد أوباما سيرحلون، والفريق سيضاعف جهوده".
عداء أحد صقور المحافظين الجدد، بولتون، للأمم المتحدة يبدو ظاهرا ولا يحتمل الجدل فهو الذي قال إن "المؤسسة الدولية (الأمم المتحدة) قد تفقد عشرة طوابق من بنايتها دون أن يلاحظ أحد".
فهو يدعو الإدارة الأمريكية إلى وقف تمويل الأمم المتحدة عقابا لها على ما اعتبره تكرارا لخطيئة القرار الصادر عام 1975، الذي اعتبر الصهيونية آنذاك شكلا من أشكال العنصرية، ومن خلال قرار الجمعية العامة الأخير الذي دعا الولايات المتحدة إلى التراجع عن قرارها بشأن الاعتراف بـ"القدس عاصمة لإسرائيل".
القضية الفلسطينية
لا يوارب ولا يهادن في حديثه حول الصراع العربي الإسرائيلي فهو يعتبر أن "حل الدولتين مات منذ زمن ويجب البحث عن حل آخر للصراع الفلسطيني الإسرائيلي".
ويدعي بولتون، أن "الشعب الفلسطيني يتم استغلاله من مجموعات متطرفة منذ زمن طويل، ويجب حل مشاكلهم بطريقة أفضل من حل الدولتين، وأن الرئيس الفلسطيني لا يوجد لديه شرعية، لقد وصلنا إلى نهاية الوهم الذي بدأ عام 1964 بإنشاء منظمة التحرير، التي خلقت شعورا بأنها البديل الفلسطيني، والموضوع هنا ليس في الحدود، ولكن في طبيعة الدولة التي ستكون إلى جانب إسرائيل، وهي بالتأكيد ستكون دولة إرهاب".
ويطرح بولتون الحل الذي يراه مناسبا للنزاع في الشرق الأوسط وحل القضية الفلسطينية، المتمثل بأن "يعود قطاع غزة بشكل كامل للسيادة المصرية، والاتفاق مع الأردن على الضفة الغربية، بحيث يكون جزء كبير منها تحت سيادة (إسرائيل) والباقي تحت سيادة الأردن كما كان الوضع قبل عام 1967".
ويدعم سياسة ترامب بالكامل بخصوص نقل السفارة الأمريكية إلى مدينة القدس المحتلة، مؤكدا أن "القدس لن تقسم وستبقى موحدة وحل الدولتين قد مات منذ زمن ولن تقام دولة فلسطينية"، مدعيا بأن الاستيطان في المناطق التي احتلت عام 1967 "شرعي ولا يتنافى مع القانون الدولي".
وفي الملفات الرئيسية الأخرى يدعو بولتون الولايات المتحدة إلى وضع استراتيجية لمرحلة ما بعد "تنظيم الدولة/ داعش"، فيما أشار إلى أن "العراق بوضعه الحالي لا يعتبر صديقا".
وقال بولتون في مقال نشر له في صحيفة "وول ستريت جورنال" إن "على الولايات المتحدة التخلي عن دعمها العسكري للحكومة العراقية الحالية أو خفضه بشكل كبير"، مشيرا إلى أن "الشيعة الموالين لإيران هم الذين يهيمنون على العاصمة بغداد".
وأضاف بولتون أن "حال العراق اليوم تشبه حال أوروبا الشرقية في أواخر الأربعينيات من القرن الماضي، حيث شددت موسكو قبضتها عليها"، موضحا أن "توسيع السيطرة السياسية والعسكرية لبغداد على المناطق التي استعادتها من تنظيم الدولة إنما يزيد من قوة إيران، وهذا لا يمكن أن يكون من مصلحة الولايات المتحدة".
وشدد بولتون على أن "الولايات المتحدة بحاجة إلى وضع استراتيجية لمرحلة ما بعد داعش، بحيث تكون الغلبة في المنطقة لأمريكا وليس للنفوذ الروسي والإيراني"، مبينا أن "على أمريكا أن تدرك أو تعترف بأن كلا من إيران وروسيا خصم، وأن العراق لا يعد صديقا".
وأضاف: "سبق أن اقترحت إنشاء دولة جديدة علمانية وديمغرافية سنية في أراضي غربي العراق وشرقي سوريا، ولكن قد تكون هناك حلول أخرى، غير أن التلهف أيضا للعودة إلى الحدود التي رسمها الأوروبيون منذ قرن تقريبا لا يعتبر أحد هذه الحلول".
ولفت إلى أن "التدخل الروسي ومحور موسكو مع الأسد وملالي طهران يهدد بشكل خطير مصالح الولايات المتحدة وإسرائيل وأصدقاءنا العرب في المنطقة برمتها".
ولا يخفي بولتون موقفه السلبي من قطر فيما يتعلق بالأزمة الخليجية التي لا يتوقع لها نهاية قريبة في ظل سيطرة اليمين المتطرف على جميع المناصب القيادية في إدارة ترامب.
الدبلوماسي المخضرم الذي عمل في إدارات "ديمقراطية" و"جمهورية" آرون ديفيد ميلر، يرى أنه "مع تعيين جون بولتون، سيكون فريق ترامب للسياسة الخارجية الأكثر تحفظا وإيديولوجية والأقل براغماتية في الذاكرة الحديثة، في وقت تتطلب فيه التحديات على الساحة الدولية الحزم ولكن أيضا مرونة وبراغماتية".
فيما يحذر المؤرخ والصحفي جاريث بورتر، من أن تعيين بولتون مستشارا للأمن القومي يعني "أن الحرب على إيران قد تصبح أمرا مؤكدا".
"الديمقراطيون" وخبراء السياسة عبروا عن خشيتهم من تأثير بولتون على ترامب وجعله مرتاحا مع الحروب، فمن جانبه يقول السيناتور الديمقراطي جاك ريد في تصريح له: "أنا قلق من أنه (بولتون) والرئيس (ترامب) سيشكلان مكونا قابلا للاشتعال".
آراء ترامب في السياسة الخارجية وفي قضايا أخرى كثيرة متغيرة ومزاجية ونزقة، وهو لن يظهر امتعاضه من "شاربي" مستشاره الجديد بولتون.
فقد نقلت صحيفة "نيويورك تايمز" عن مصدر رفيع أن ترامب كان يريد دائما أن يصبح بولتون عضوا في فريقه المسؤول عن السياسة الخارجية لإدارته، لكن اعتبر أن شاربيه الكبيرين جدا "غير مناسبين" لمسؤول سياسي رفيع المستوى.
أما الآن، فقد يتجاهل ترامب شكل "شاربي" مستشاره الجديد.
وكان بولتون صرح سابقا بأنه لن يحلق شاربيه على الرغم من الانتقادات التي يواجهها بسببهما في وسائل الإعلام.
كان بولتون قريبا من المحافظين الجدد في الولايات المتحدة الأمريكية، ومن "كبيرهم" السياسي اليهودي الأمريكي ريتشارد بيرل المعروف في وسائل الإعلام الأمريكية بـ"أمير الظلام" و"دراكولا".
بيرل كان يقول كلاما قريبا من كلام ترامب وبولتون، يقول بيرل: "سيكون العراق هو الهدف التكتيكي، وستكون المملكة العربية السعودية هي الهدف الإستراتيجي، أما مصر فستكون الجائزة الكبرى".
تلميذ "أمير الظلام"
يبدو أن تلاميذ "أمير الظلام" أحكموا سيطرتهم من جديد على البيت الأبيض، وبولتون نفسه صنع وكبر وتربى في هذه المدرسة التي قادها لنحو تسع سنوات نائب الرئيس جورج بوش الابن، اليميني المتطرف ديك تشيني، والتي تدعو إلى التخلي عن "الحلفاء التقليديين" واللجوء إلى سياسة تغيير الأنظمة وتجاهل أي ذكر أو وجود للفلسطينيين.
الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر، قال في مقابلة مع صحيفة "يو إس أيه توداي" الأمريكية: "من الممكن أن يكون قرار تعيين جون بولتون أسوأ غلطة ارتكبها الرئيس الأمريكي منذ توليه الرئاسة".
ووصف بولتون بأنه "شخصية حربية تدعم سياسات كارثية".
العالم يقوده مجموعة من السياسيين الذين يعشقون صناعة الأزمات والحروب، لكن الأخطر أن يحيط برئيس الدولة الأكبر في العالم متطرفون سبق لهم أن قادوا المنطقة إلى حرب أحدثت الانقسام الأكبر في العالم العربي والإسلامي، وهي الحرب ضد العراق، وفق ما أكده معلقون حذروا من أن بولتون قد يكون أسوأ هؤلاء دون منافس.