هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "الكونفدنسيال" الإسبانية تدوينة للمحلل فريد زكريا، تحدث فيها عن عمالقة التكنولوجيا على غرار فيسبوك وغوغل، الذين أصبحت هيمنتهم على هذا المجال تواجه فترة صعبة للغاية.
وقال الكاتب، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إن فضيحة "كامبريدج أناليتيكا" قد سلطت الضوء على ضرورة إعادة النظر في مسألة احتكار شركات التكنولوجيا الكبرى للسوق الرقمي. وفي نهاية سنة 2017، بات بالإمكان وضع حد للثقة التي يمنحها الأفراد لصناعة التكنولوجيا.
وذكر الكاتب أن الكشف عن استخدام شركة كامبريدج أناليتيكا للبيانات الشخصية لنحو 50 مليون مستخدم لموقع فيسبوك، قد تزامن مع تفكير العديد من الأشخاص في إيجاد طرق مناسبة لتعديل نشاط الشركات التكنولوجية التي تسيطر على الاقتصاد الأمريكي، وتؤثر أيضا على حياة الأفراد بشكل متزايد.
وبين الكاتب أن الاقتصاد الرقمي يعتمد اليوم على ثلاث تكنولوجيات رئيسية وهي؛ الشريحة الإلكترونية، والإنترنت، ونظام التموضع العالمي، التي تخدم إلى حد كبير مصالح الحكومة الفيدرالية. في المقابل، يجهل العديد من الأشخاص أن نظام التموضع العالمي المعروف باسم "جي بي إس"، الذي يستخدم الأقمار الصناعية لتوفير معلومات عن الموقع الجغرافي ومراكز التحكم التي تعتبر بالغة الأهمية بالنسبة للاقتصاد الحديث، يخضع إلى حد الآن لملكية الحكومة الأمريكية وتتولى إدارته القوات الجوية.
وأورد الكاتب أنه بينما تقوم هذه التكنولوجيات الثورية بإنشاء صناعات جديدة، يتم تدمير تكنولوجيات أخرى وإعادة تشكيل المجتمعات والمدن. كما أصبح الاقتصاد التكنولوجي اليوم خاضعا لهيمنة عدد قليل من الشركات العملاقة، التي تخلق حاجزا فعليا أمام الشركات الحديثة. ففي وادي السليكون، لا تتوقع الشركات الناشئة أنها ستتحول إلى شركات مستقلة بذاتها، وإنما تتركز خطط العمل الخاصة بها على أن يتم الاستحواذ عليها من قبل شركة غوغل أو فيسبوك أو أمازون أو مايكروسوفت أو آبل.
ويبدو أن الوضع قد تجاوز العمل بمبادئ السوق الحرة وأصبح يكرس لقانون الاحتكار. وفي ظل هذه الاستراتيجية، نلاحظ أن عدد الشركات التجارية الناشئة آخذ في الانخفاض خلال هذا العصر التكنولوجي الكبير.
اقرأ أيضا: أزمة "فيسبوك" تتفاقم.. مستخدمون يقيمون دعوى قضائية
وأشار الكاتب إلى أن أبرز المشاكل التي طفت على السطح مؤخرا هي مسألة انتهاك الخصوصية، التي أكدتها فضيحة "كامبريدج أناليتيكا" وفيسبوك. وبما أن الشركات التكنولوجية تتعامل اليوم مع مليارات المستخدمين، فإن كل فرد يعد بمنزلة نقطة صغيرة من البيانات. ونظرا لأن المستخدم بات أشبه بمنتج بالنسبة لمعظم الشركات التكنولوجية، فإن بيع معلوماته للآخرين أصبح طريقة لتحقيق هامش من الربح.
وأوضح الكاتب أنه من المؤكد أن عمالقة التكنولوجيا سيردون بأنهم حاولوا "دمقرطة" المعلومات وإنشاء منتجات ذات قدرة وإمكانيات هائلة وحسنوا من حياة الأفراد. وهو ما قامت به أيضا بعض الابتكارات السابقة مثل الهاتف والسيارات والمضادات الحيوية والكهرباء. لكن بسبب قوة تأثير هذه المنتجات وقدرتها على التغيير، أصبح من الضروري أن تضطلع الحكومات بدورها في حماية الأفراد وفرض جملة من القيود على الشركات الحديثة التي لها دور مهم في الاقتصاد.
اقرأ أيضا: "مايندز" تسعى إلى إطلاق منصة تواصل بديلة للفيسبوك
وأضاف الكاتب أن التغيير يمكن أن يأتي من طرفين، حيث سيبدأ الإجراء التنظيمي من الغرب. ومن المتوقع أن يضع الاتحاد الأوروبي بعض القواعد التي ستدخل حيز التنفيذ في 25 أيار/ مايو المقبل، مما سيسهل على الأشخاص معرفة كيفية استخدام بياناتهم والحد من استغلالها. ومن المحتمل أن تسير الولايات المتحدة على المنوال نفسه في المستقبل القريب.
وأشار الكاتب إلى أن التغيير الثاني يمكن أن يأتي من الشرق. وحيال هذا الشأن، قال رجل الأعمال الهندي ناندان نيلكاني، إنه لم يكن هناك سوى عدد قليل من المنصات الرقمية مع أكثر من مليار مستخدم، وكلها خاضعة لإدارة الشركات الأمريكية والصينية، مثل غوغل، وفيسبوك، أو تينسنت الصينية.
في المقابل، تمتع الهند اليوم بمنصتها الرقمية الخاصة، التي تضم حوالي مليار مستخدم. والمثير للاهتمام أن الهند قامت بإنشاء أكبر قاعدة بيانات للمعلومات البيومترية في العالم، المعروفة باسم "أدهار"، التي تضم تقريبا بيانات كل سكان هذه الأمة البالغ تعدادها 1.3 مليار نسمة.
وأكد الكاتب أن هذه المنصة الوحيدة في العالم التي تعود للملكية العامة، وهذا يعني أنه ليس هناك أي حاجة لاستغلال بيانات المستخدم لكسب الأموال. إلى جانب ذلك، من الطبيعي أن تفكر الهند في إدراج هذه البيانات ضمن الملكية الشخصية، حيث يمكن للأفراد الاحتفاظ بها أو استئجارها أو بيعها كما يحلو لهم في سوق حرة وديمقراطية. وبناء على ذلك، يمكن أن تصبح الهند عن جدارة المبتكر العالمي لحقوق بيانات الأفراد.
وفي الختام، نوه الكاتب بأنه أمام الازدهار الذي شهدته تقنية البلوكتشين، من المحتمل أن نرى مزيدا من التحديات في المستقبل القريب ضد الشركات التكنولوجية الرائدة. وسواء كان ذلك من الشرق أو الغرب، فإن التغيير آت لا محالة، ما من شأنه أن يحدث العديد من التغييرات في عالم التكنولوجيا. وفي حال أديرت هذه التكنولوجيا بالشكل الصحيح، يمكن أن تنتج أسواقا أكثر حرية وتوفر إمكانيات فردية أكثر.