هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
في السابع عشر من شباط/ فبراير من كل عام، يحتفل الليبيون بذكرى ثورتهم ضد نظام معمر القذافي، والذي قتل في تشرين الأول/ أكتوبر 2011.
وشهدت ليبيا بعد مقتل القذافي، أول انتخابات في تاريخها والتي أفرزت مؤسسات تشريعية من مؤتمر وطني عام ثم مجلس النواب، وتم تشكيل عدة حكومات وسُمح بتشكيل الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني.
إخفاقات
لكن في المقابل، شهدت البلاد عدة إخفاقات نتيجة الصراع السياسي والمناطقي والعسكري، ما عرقل الثورة الليبية من استكمال متطلباتها، والتعثر كثيرا في تحقيق ما يصبو إليه المواطن، بل ومكن ذلك "فلول" القذافي من العودة للمشهد من جديد.
"عربي21"، استطلعت آراء ناشطين ومشاركين في ثورة فبراير، حول رؤيتهم للثورة بعد 7 سنوات، فماذا قالوا؟
"ثورة مضادة"
وقال القيادي في المعارضة ضد القذافي، وأمين عام الجبهة الوطنية لإنقاذ ليبيا السابق، إبراهيم صهد، إن "المؤسسات التي قادت الثورة منذ المجلس الانتقالي والمجلس التنفيذي وكل الأجسام اللاحقة لم تتعامل مع الأوضاع بمفهوم الثورة، ما أتاح المجال أمام فوضى السلاح وسيطرة الحكم المنهار على الإدارة الوسطى ثم عجزت عن مواجهة إرهاصات الثورة المضادة إلى أن أصبحت ثورة "فبراير" في موقع الدفاع".
وأضاف: "وبخصوص من يحنون للقذافي، فهم يفتقدون إلى المنطق وينسون الفظائع والجرائم التي ارتكبها القذافي في حق ليبيا وطنا ومواطنين وإمكانات، صحيح أن الثورة قد تعثرت وبرزت ممارسات تخالف أهدافها ولكن هذا التعثر لا يمكن أن يكون مبررا للحنين لحكم القذافي".
وتابع: "نحتاج إلى لم صفوف كل أبناء الشعب الليبي وتوحيد المؤسسات والعمل المشترك لإرساء دعائم الدولة المدنية، والتكاثف لرفض التدخلات الأجنبية والتصدي لوقف الحملات العسكرية المدعومة من دول لها أجندة تطال التراب الليبي والإمكانات الليبية وأعني بذلك ما يسمى بالكرامة، وعلى كل قوى "فبراير" أن تتوافق للتصدي إلى الثورة المضادة".
"تفاؤل"
المتحدث باسم المؤتمر الوطني الليبي السابق (أول مؤسسة منتخبة في البلاد)، عمر حميدان، عبر عن "تفائله تجاه الثورة، وأنها ستخرج من هذه العقبات وتنتهي بنظام سياسي مستقر، لاسيما أن كل الأطياف الآن حتى المتصارعة منها، تنسب إلى الثورة وتتبرأ من نظام القذافي".
وفي رده على من يحن إلى نظام القذافي، قال: "أرد على هؤلاء بأن ينظروا حولهم فإن كل القوى السياسية في ليبيا حاليا هي قوى الثورة، وسيأتي اليوم الذي يتفقون فيه، وربما يكون قريبا جدا"، حسب رأيه.
أميركا.. والدستور
لكن الناشط السياسي ورجل الأعمال الليبي، خالد السكران، أوضح أن "مسار الثورة انحرف بعد عام 2012، بسبب التدخلات الخارجية وضعف الثقافة السياسية عند الشعب الليبي وأيضا سياسة القذافي التي نتج عنها غياب المؤسسات مثل الجيش وغياب الدستور".
وتابع: "للأسف اختفى أنصار القذافي أثناء نجاح الثورة، لكن الفشل والخوف من المجهول زرع الأمل في عودة سيف القذافي ونظام والده، لكن خروج الدستور الليبي إلى النور، وأيضا تدخل الولايات الأمريكية المباشر سينهي الصراع الإقليمي والداخلي"، وفق كلامه.
من يؤيد القذافي؟
الكاتب الليبي، إبراهيم قويدر، رأى من جانبه؛ أنه "لا يحن لنظام القذافي إلا أتباعه المستفيدون منه وكذلك بعض البسطاء الذين يقيسون الأمر بالأمن والأمان وليس حنينا وحبا في النظام السابق".
وبخصوص رؤيته للثورة الليبية ومستقبلها، قال: "الطريق صعب في ظل وجود هذه المجموعات المتحاربة على السلطة وانتشار السلاح، ولابد من معالجة قوية لهذا الأمر، كي يستطيع السياسيون "الخيرون" تحقيق المصالحة الوطنية والسلم الاجتماعي"، كما قال.
"خيبة أمل"
وقال الأكاديمي الليبي، جبريل العبيدي، إنه "ليس جميع من خرج في حراك فبراير 2011 كان يريد إنهاء الظلم وإسقاط طاغية وبناء دولة مدنية، ولهذا اختلاف مشارب ومطالب الخارجين كانت السبب في انحراف مسار "الثورة" إذا صح هذا الوصف سياسيا".
وتابع: "الانتفاضة استبدلت طاغية بطغاة جدد، لهذا كفر بها جل من ثاروا، وخيبة الأمل كانت حاضرة باستمرار حتى في من ظنوهم يوما ثوار ضد القذافي ليس فقط من جماعة "الإسلام السياسي" بل حتى ممن أظهروا تأييدا للدولة المدنية، مما تسبب في حنين البعض لطاغية بدلا من مجموعة طغاة"، وفق رأيه.
"للقصة بقية"
وأكد مدير مركز بيان للدراسات والباحث الليبي، نزار كريكش، أن "مسار الثورة في ليبيا مسار كلاسيكي، وهناك من يرفض الثورة بدعوى أن وضع القذافي كان أفضل، لكن بالنظر لمساحات التغيير الممكنة الآن، يجعلنا نقول إن توافق كافة القوى ممكن في حال كان هناك مشروع وطني جامع"، حسب قوله.
واستدرك قائلا: "الثورة طريق للمستقبل وليست صفحة من الماضي نتنازعها فيما بيننا، لذا فإن منطق التاريخ يفرض أن التغيير قادم وأن للقصة بقية".