هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
توسعت دائرة الغضب في المنطقة الشرقية من المغرب، فبعد شهر من الاحتجاجات والاعتصامات بمدينة جرادة، بعد مقتل عاملين في منجمين غير قانونين (الساندريات)، تواصل المدينة غضبها في ظل عدم تجاوب الدولة والحكومة مع مطالب الساكنة.
الاحتجاجات التي فجرتها ظروف الوفاة القاسية للعاملين، فتحت المنطقة على سؤال فرض الشغل والظروف المعيشة للجهة الشرقية من المغرب التي راكمت على امتداد 20 سنة الأزمات بسبب تبعات إغلاق الحدود المغربية الجزائرية.
معاناة جهة الشرق
وقال الناشط المدني والإعلامي، محمد شلاي: "جهة الشرق تعيش على وقع احتجاجات يومية جراء التهميش والإقصاء والظلم وتفشي نسبة البطالة وغياب شبه تام لفرص الشغل، خاصة بعد إحكام غلق الحدود مع الجزائر".
وتابع محمد شلاي، في تصريح لـ"عربي21": "فمناطق كبني ادرار ووجدة وجرادة وتندرارة وبوعرفة أصبح غالبية سكانها تحت خط الفقر، واستفحلت معاناة المواطنين مع ارتفاع أسعار المحروقات بشكل غير مسبوق وغير مبرر".
وسجل أن "المسؤولية تتحملها الحكومة وخاصة وزارة الفلاحة والصيد البحري لكون هذه الأخيرة تملك صندوق التنمية القروية، ويتحملها أيضا مجلس الجهة الذي رصدت له إمكانيات مادية مهمة لتنمية الجهة ولكن النزعة السياسية الضيقة لرئيسه حالت دون استغلال هذه الإمكانيات".
وعن احتجاج سيارات الأجرة أوضح أن "ارتفاع أسعار المحروقات طبعا يؤثر بشكل مباشر وسلبي جدا على القدرة الشرائية للمواطنين".
إضراب سيارات الأجرة
وعاشت مدينة وجدة إضرابا عاما لسيارات الأجرة، حيث خاضت الاثنين إضرابا نظمه سائقو وأرباب سيارات الأجرة بنوعيها الصغيرة والكبيرة بوجدة أكبر مدن المنطقة الشرقية، بسبب الارتفاع الصاروخي في أسعار المحروقات.
وأعلنت نقابات سيارات الأجرة أنه توقفت على إثر ذلك حوالي 700 سيارة أجرة على طول شارع محمد الخامس بوجدة من ثانوية عمر بن عبد العزيز إلى مقر الولاية سابقا.
مصادر محلية أكدت أن الإضراب شل الحركة بشارع محمد الخامس القلب النابض للمدينة حيث أصبح غير ممكن مرور الحافلات والسيارات مما خلق ارتباكا في عملية الجولان.
وتابعت أنه كانت هناك اتصالات مكثفة منذ ليلة البارحة للسلطة المحلية مع المهنيين لثنيهم عن خوض الإضراب، لكنها لم تفلح في إيجاد حلول لمشاكل هذا القطاع الذي يعيش على صفيح ساخن، دفعتهم للخروج للشارع.
مسيرة النعوش بجرادة
خرج الآلاف للتظاهر في مدينة جرادة، شرقي المغرب، للمطالبة بتحقيق التنمية بالمدينة ورفع التهميش عنها، وذلك في إطار احتجاجات متواصلة منذ مصرع شابين شقيقين بانهيار منجم للفحم، الشهر الماضي.
وحمل المحتجون نعوشا خلال المسيرة، في إشارة إلى ضحايا انهيار منجم الفحم، ورددوا هتافات تطالب الحكومة بخلق فرص عمل وإطلاق مشاريع اقتصادية في جرادة.
وقالت الناشطة والمدونة، فاطمة الزهراء عامر: "مسيرة النعوش هي المسيرة الإقليمية التي خرجت الأحد 28 يناير، من جميع أحياء جرادة والجماعات التابعة لها".
وتابعت فاطمة الزهراء عامر، في تصريح لـ"عربي21": "إن المحتجين تجمعوا في ساحة الشهداء (ساحة البلدية) وهم يحملون 43 نعشا رمزيا يحيل على عدد الضحايا الذين قضوا نحبهم في آبار الموت (الساندريات) منهم الشباب الذين يعملون على استخراج الفحم داخلها ومنهم أيضا بعض الحالات التي لقيت حتفها بسبب حادث سقوط داخل الآبار مثل الطفلة إسراء".
وسجلت أن المحتجين رفعوا ثلاثة مطالب سهلة وبسيطة لكنها لم تجد بعد تجاوبا من طرف الدولة، وهي؛ "خلق بديل اقتصادي في المدينة يجنب الساكنة مذلة الفقر ويغنيهم عن المغامرة بأرواحهم داخل آبار الفحم، ثانيا؛ الإعفاء من أداء فواتير الماء والكهرباء كنوع من جبر الضرر الذي تتسبب فيه المحطات الحرارية الثلاث الموجودة داخل المدينة - الرابعة قيد الإنشاء، وأخيرا؛ محاسبة المسؤولين الذين تناوبوا على مناصب المسؤولية بالمدينة منذ 1998 وهو تاريخ تصفية منجم المدينة وإلى حدود اليوم".
محاكمات تندرارة
وأدانت الغرفة الجنحية التلبسية بابتدائية بوعرفة (تبعد عن وجدة بـ 200 كلم) 7 معتقلين بالحبس النافذ 7 أشهر لكل واحد منهم، وبأربعة أشهر موقوفة التنفيذ في حق شخص واحد.
وشهدت مدينة تندرارة الواقعة بإقليم بوعرفة شرق المغرب، غليانا شعبيا في الأسبوع الثاني من الشهر، عقب وفاة طفل في حادث سير مأساوي، بعد تأخر سيارة الإسعاف مما أدى إلى وفاته متأثرا بجروحه تحت عجلة الشاحنة التي دهسته.
واحتج مئات السكان على التهميش الذي تعيشه المنطقة، التي لا تتوفر على أبسط ضروريات العيش من ضمنها مستشفى، وطالبوا بتحسين الأوضاع ومحاسبة المسؤولين عن الوضع المتأزم الذي تعيشه المنطقة.
خلال هذه الاحتجاجات رفضت الساكنة تسليم جثة الطفل، فتدخلت القوات العمومية لتفريق المتظاهرين مستخدمة العنف، واعتقلت العديد من المحتجين.
هذا وكانت النيابة العامة قد تابعت المعتقلين على خلفية هذه الاحتجاجات التي اندلعت بعد وفاة طفل في حادثة سير وسط تندرارة، بتهم "إهانة موظفين عموميين أثناء القيام بمهامهم واستعمال العنف ضدهم والمساهمة في تنظيم مظاهرة في الطريق العمومي غير مرخص بها والتجمهر المسلح والعصيان وحمل السلاح في ظروف من شأنها تهديد سلامة الأشخاص والأموال والمشاركة في تلك الأفعال والإمساك عمدا عن تقديم المساعدة لشخص في خطر".
الغضب المتصاعد في المنطقة الشرقية، كان قد انطلق من مدينة جرادة، التي تعيش على وقع فعاليات احتجاجية مستمرة منذ 22 ديسمبر/كانون الأول 2017، تطالب بتحقيق التنمية وتوفير فرص عمل للشباب، وذلك عقب مصرع شابين شقيقين في انهيار منجم للفحم الحجري.
وزار عدد من الوزراء المدينة مؤخرا، للقاء المحتجبين، أولهم وزير الطاقة والمعادن، وآخرهم كان وزير الزراعة المغربي عزيز أخنوش.