هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
بعد مصادقة مجلس الوزراء، الذي ترأسه العاهل المغربي، محمد السادس، أمس الاثنين، بالدار البيضاء، على موضوع ممارسة المرأة لمهنة "عدل" (مأذون شرعي)، تباينت الآراء بين مرحب بالقرار ورافض له.
وذكر بلاغ للناطق الرسمي باسم القصر الملكي، عبد الحق المريني، أن الملك محمد السادس، وبعد اطلاعه على رأي المجلس العلمي الأعلى، لجواز ممارسة المرأة لمهنة "عدل" (مأذون شرعي)، بناء على الأحكام الشرعية المتعلقة بالشهادة وأنواعها، والثوابت الدينية للمغرب، وفي مقدمتها قواعد المذهب المالكي، "واعتبارا لما وصلت إليه المرأة المغربية من تكوين وتثقيف علمي رفيع، وما أبانت عنه من أهلية وكفاءة واقتدار في توليها لمختلف المناصب السامية، قام بتكليف وزير العدل (محمد أوجار) بفتح خطة العدالة أمام المرأة، واتخاذ التدابير اللازمة لتحقيق هذا الهدف".
عدل: لتحقيق المساواة لنؤنث إمارة المؤمنين
العدل بالمحكمة الابتدائية بالرباط، نور الدين لشكر العروسي، قال في تصريح لـ"عربي21": "إذا كنا نتحدث باسم المساواة وحقوق الإنسان والمواثيق الدولية، وباسم الدستور، فإذا أردنا أن نؤنث خطة العدالة فلماذا لا نؤنث إمارة المؤمنين وولاية العهد؟ ولماذا لا تكون المرأة خطيبة الجمعة؟".
واعتبر العروسي القرار "عبثا" وإلهاء للشعب عن مشاكله الحقيقية من بطالة وفقر وأزمات اقتصادية، وتساءل: "لماذا لا يتحدثون عن تغيير نظام التوثيق عند اليهود المغاربة، أم أنهم مقدسون؟"، مستدركا: "إذا قلنا إن هناك مساواة في الدستور، فيجب أن نغير نظام التوثيق على الجميع، مسلمين ويهود بالمغرب".
وأكد العروسي أن المجلس الأعلى لم يتم استشارته في الأمر، ولم يخبر به، وجدد مطالبته بـ"تأنيث سائر المهن، بما فيها إمارة المؤمنين وولاية العهد".
داعية سلفي: على الشعب السمع والطاعة
من جانبه، رحب الداعية السلفي المثير للجدل، محمد الفزازي، بقرار السماح للمرأة بتولي منصب "العدل"، وقال في تصريح لـ"عربي21": "ما دمنا قبلنا أن تكون المرأة موثقة توثق عقود البيع والشراء فلماذا لا نقبل أن تكون عدلا؟".
وأضاف: "لا أرى أي مانع في هذا الأمر، لماذا لا توثق المرأة؟ لدينا مرأة شرطية ومهندسة وطبيبة، فلماذا لا تستطيع أن تشهد في وثيقة زواج؟"، ليستدرك: "هذا حيف وميز في حقها".
وأوضح الفزازي أنه "ما دام العاهل المغربي أعطى الأمر للبحث الفقهي للمجلس العلمي الأعلى الذي درس الموضوع وخرج بنتيجة معينة، فما على الشعب إلا أن يقول سمعنا وأطعنا".
حقوقية: القرار متأخر جدا
بدورها رحبت الرئيسة السابقة للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، خديجة الرياضي، بقرار ممارسة المرأة لمهنة "عدل"، وقالت إن الجمعية كانت سباقة في إثارتها لهذا الأمر منذ 2001، وأن القرار الذي صودق عليه أمس جاء "متأخرا جدا".
وأضافت في تصريح لـ"عربي21": "عندما أثير النقاش حول مدونة الأسرة عام 2001 كانت من مطالبنا إلغاء جميع القوانين والأنظمة التي تميز بين الرجل والمرأة، ومن بينها قانون العدول الذي حرم المرأة من مزاولة هذه المهنة، واعتبرناه أمرا مهينا وحاطا بكرامة المرأة".
وأعربت الرياضي عن استغرابها من أن هذا الأمر ما زال يناقش في المغرب، وقالت: "من المثير أن مثل هذه الأمور ما زالت تناقش في المغرب"، مضيفة: "مهنة كانت ممنوعة في حق النساء فإن لم تعد كذلك فكأن المغرب قدم إنجازا كبيرا، وهذا أمر مؤسف، ولو أن الخطوة جيدة إلا أنها متأخرة جدا".
يذكر أن المجلس الوطني لحقوق الإنسان (مؤسسة رسمية) سبق وأن طالب بإشراك علماء الدين والمهنيين من أجل "التقعيد السليم والموضوعي لقرار ولوج المرأة لمهنة العدول بغية وضع حد للمزايدات الدينية والسياسية غير المجدية".
ودعا المجلس إلى "تفعيل مبدأ الإنصاف والمساواة بين الرجل والمرأة في ولوج المهن بمختلف أنواعها"، مشددا على أنّ "دخول المغربيات مهنة العدول يُعدّ تفعيلاً لالتزام المملكة بمقتضيات اتفاقية القضاء على كل أشكال التمييز ضد المرأة، خصوصاً المادة 11 التي تلزم الدول المصادقة عليه، بضرورة اتخاذ التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة في ميدان العمل".
يشار إلى أن القانون الجديد لمهنة العدول رقم 16-03، المتعلق بخطة العدالة والصادر في شباط/ فبراير 2006، خاصة المادة الرابعة منه أسقطت شرط الذكورة في ممارسة مهنة العدالة وهو الشرط الذي كان ينص عليه القانون المنظم للمهنة الصادر سنة 1982.