هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
بائع الذرة يصيح باللهجة الإدلبية، وبائع الخضراوات باللهجة الدمشقية، فيما تسمع لهجات سورية أخرى.. إنها شوارع مدينة إدلب السورية، التي تضم كثافة سكانية كبيرة ومتنوعة، إذ توافد إليها أعداد كبيرة من السوريين من مدن مختلفة، جراء عمليات التهجير القسري التي قام بها النظام، فالمدينة أصبحت رمزا للتعايش
الاقتصاد يزدهر
يقول رئيس مجلس مدينة إدلب إسماعيل عنداني في تصريح لــ"عربي21": "عدد سكان مدينة إدلب تجاوز 600 ألف نسمة بموجب إحصائيات تقديرية قام بها مجلس المدينة، وهناك إحصائية تقول بأن مجيء 80% من المهجرين قسريا إلى المدينة كان إيجابيا على الحياة الاقتصادية، بسبب التمازج الذي حصل بين المهجرين وأبناء المدينة".
وتابع أن خبرات الوافدين أغنت المدينة، واستفاد سكان المدينة من خبراتهم كما استفادوا هم من خبرات السكان، "وجميعهم يعملون ضمن بيئة واحدة، حيث إن هناك خبرات ومهنا لم تكن متواجدة داخل المدينة، وهذا الأمر أغنى سكان إدلب وأصحاب الحرف بشكل كبير ما أدى لتنشيط الحركة الاقتصادية، حيث أصبح هناك عمران وترميم للمنازل من جديد، إضافةَ إلى تنشيط حركة العقارات والمواد الاستهلاكية".
لكن عنداني يرى أيضا أن للتعايش بين السكان أثرا سلبيا، موضحا أن المدينة شهدت ازدحاما شديدا وأزمة مساكن مما أدى لارتفاع إيجار المنازل بشكل ملحوظ، مشيرا إلى أن هذه الظاهرة لم تشهدها المدينة من قبل، و"ظهر تزاحم بين الآليات في الطرق العامة أدى ذلك لفوضى كبيرة".
وأضاف المتحدث أن شبكات توزيع الكهرباء والمياه عرفت ضغطا كبيرا بسبب الاكتظاظ، "الأمر الذي خلق مشاكل بين السكان والوافدين، وعلى نطاق محدود أدى إلى نوع من الحساسية من ناحية المعونات والإغاثة، حيث يستلم المهجر كمية إغاثية أكبر من ابن المدينة نفسها، ويوجد تخوف من قيام تجمعات على أساس مناطقي، إذ يخشى من افتتاح مدارس خاصة لأبناء المحافظات الأخرى، ومن أن يصبح هناك أحياء معينة للمهجرين، وهذا الأمر نرفضه بالمطلق ونعتبره غير منطقي لأن المهجرين هم أخوة لنا".
الحرب والتعايش
من جهته، قال معتز شحادة الباحث في الجغرافيا البشرية لــ"عربي21": "لا توجد عوائق حقيقية تمنع اندماج السوريين المهجرين في مدينة إدلب، فاللغة والدين والثورة والمصير والعدو والخطر المشترك، جميعها أمور كبيرة تضيع أمامها بعض الاختلافات المناطقية".
وبين: "كنا قد لاحظنا في البدء ومع وصول النازحين من أبناء حماة عدم اندماجهم مع المجتمع الجديد، نتيجة شعورهم بحتمية العودة لمناطقهم، لكن هذا الشعور تلاشى خاصة بعد التدخل الروسي مما دفعهم أيضا للاندماج الذي لا توجد أمامه عوائق حقيقية، فمنذ القديم يعيش ابن إدلب في حماة، وابن حماة في دمشق وابن دمشق في حلب".
وأضاف أن الدراسة الجامعية والخدمة العسكرية وكذلك البحث عن فرص للعمل كانت قد جعلت السوريين يعيشون شهورا وسنين خارج مناطقهم وخاصة الشباب الذين هم أكبر الفئات النازحة إلى إدلب والمندمجة معها.
يذكر أن مدينة إدلب كانت قبل الثورة تلقب بالمدينة المنسية بسبب عدم اهتمام مؤسسات النظام السوري بالعمران والتطوير فيها.