هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "دير شتاندارد" النمساوية تقريرا، تناولت فيه الأسباب التي أدت لانقلاب الحوثيين ضد الرئيس اليمني السابق، علي عبد الله صالح، والتي دفعتهم في النهاية إلى التخلص منه.
وطوال فترة حكمه لليمن التي دامت نحو 34 سنة، لم يتوان عبد الله صالح عن محاربة الحوثيين، إلا أنه وفي سنة 2014 بادر بالتحالف معهم. ومؤخرا، أعلن عبد الله صالح عن رغبته في التخلص من الحوثيين، قبل أن يقدموا على اغتياله بأنفسهم.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن التغير المفاجئ الذي طرأ على الموقف السياسي لعبد الله صالح تجاه الحوثيين كان السبب وراء عملية الاغتيال التي تعرض لها في العاصمة اليمنية، صنعاء. والجدير بالذكر أنه ومنذ أكثر من ثلاث سنوات، تحالف علي عبد الله صالح مع الحوثيين بعد استيلائهم على السلطة في صنعاء. وفي الأسبوع الماضي، أعلن الحوثيون أن صالح "خائن" على خلفية العرض الذي قدمه للمملكة العربية السعودية للجلوس إلى طاولة المفاوضات لإيجاد حل للمعضلة اليمنية.
اقرأ أيضا: قيادي بحزب المؤتمر يروي تفاصيل نهاية صالح في "بيت الثنية"
وذكرت الصحيفة أن المواجهات المسلحة الأخيرة بين أنصار عبد الله صالح والحوثيين أظهرت في البداية تفوقا واضحا للقوات الموالية لعبد الله صالح. ويوم الأحد الماضي، تمكن الحوثيون من استعادة المناطق التي فقدوها في العاصمة صنعاء، على الرغم من الدعم الجوي المكثف الذي قدمته المملكة العربية السعودية للقوات التابعة لعبد الله صالح. ويوم الاثنين، اقتحم الحوثيون منزل صالح وفجروه. وقد بدا واضحا من خلال الصور المنشورة لجثته، أن علي عبد الله صالح قد لقي حتفه جراء رصاصة في الرأس.
وتجدر الإشارة إلى أن عبد الله صالح قد حكم الجمهورية العربية اليمنية في شمال اليمن منذ سنة 1978 وحتى سنة 1990. وبعد توحيد شمال اليمن وجنوبه تحت مسمى "الجمهورية اليمنية الديمقراطية" استمر صالح في منصبه على اعتباره رئيسا لليمن الموحد، حتى اضطر للتخلي عن الحكم بالقوة في سنة 2012 لصالح نائبه، عبد ربه منصور هادي. وبعد انضمام صالح للولايات المتحدة في حربها على الإرهاب إبان سنة 2001، بدأ تنظيم القاعدة ينشط داخل الأراضي اليمنية.
وأشارت الصحيفة إلى أن عبد الله صالح رفض التنازل عن الحكم في أعقاب المظاهرات التي اندلعت في اليمن في سنة 2011، على الرغم من تعرضه لمحاولة اغتيال في حزيران/ يونيو من السنة ذاتها، على خلفية هجوم طال القصر الرئاسي. وقد وافق عبد الله صالح على التنازل عن الحكم بعد تدخل مجلس التعاون الخليجي، وغادر البلاد في كانون الثاني/ يناير سنة 2012، مقابل حصوله رفقة أسرته على الحماية. ولكن عبد الله صالح فاجأ الجميع وعاد إلى اليمن ليلعب دورا سياسيا جديدا.
وأوضحت الصحيفة أن عملية التحول الديمقراطي قد فشلت في جميع بلدان الربيع العربي، إلا أن المنهج الذي اتبعه اليمن كان مختلفا عن مصر وتونس وليبيا. فقد تم الاتفاق على جميع الخطوات بين كافة الأطياف في اليمن حول نظام الحكم الجديد من خلال عقد مؤتمر "الحوار الوطني الشامل". لكن الحوثيين رفضوا أن يكون النظام الجديد في اليمن فيدراليا.
وأفادت الصحيفة أنه، وبعد عودة عبد الله صالح إلى اليمن تحالف مباشرة مع الحوثيين، الذين استطاعوا الاستيلاء على العاصمة اليمنية، صنعاء في خريف 2014. ثم توغلوا حتى بلغوا العاصمة الجنوبية، عدن. ولسنوات طويلة، قاد الحوثيون، الذين يعتنقون المذهب اليزيدي، وهو أحد المذاهب الشيعية، تمردا في شمال البلاد وصولا إلى مدينة صعدة. وقد نجح الحوثيون في الاستيلاء على المزيد من المدن بفضل القوات الموالية لصالح التي تحارب إلى جانبهم.
وأكدت الصحيفة أن التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن قد تخلى عن صالح وأعلن أن الرئيس الشرعي للبلاد هو عبد ربه منصور هادي. وقد تمكن التحالف من استرجاع مدينة عدن وبعض المناطق الأخرى، إلا أن العاصمة صنعاء ظلت في يد قوات الحوثيين وصالح. وفي ظل ارتفاع وتيرة هجمات التحالف ضد الحوثيين، أعلن صالح عن رغبته في التخلص منهم والعودة إلى أحضان المملكة العربية السعودية، آملا في أن تمنحه دورا سياسيا مستقبليا في اليمن.
اقرأ أيضا: الأحمر ينعى "الشهيد صالح" ويدعو لتناسي خلافات الماضي
وقد اعتقد الكثير من الخبراء أن تحالف صالح والحوثيين سيمتد لفترة أطول، وذلك بهدف الحفاظ على التوازن العسكري والسياسي في الحرب بين المتمردين وقوات التحالف. ولكن وعلى النقيض من ذلك، زادت حدة التوتر بين صالح والحوثيين منذ نهاية آب/ أغسطس الماضي. وفي الأثناء، لم يرحب اليمنيون على الإطلاق بالحوثيين، حيث يعتبرونهم رمزا للفساد منذ القدم.
وفي الختام، قالت الصحيفة إن المملكة العربية السعودية رحبت بالتغيير الذي طرأ على موقف علي عبد الله صالح إزاء الحوثيين، في حين أعلنت مساندتها لمساعيه الرامية للتخلص من المتمردين في البلاد. في المقابل، يحيل مقتل عبد الله صالح إلى أن السعودية ستخرج من اليمن خالية الوفاض.