هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "فيلت" الألمانية تقريرا، تطرقت فيه إلى تداعيات فشل التحالف الألماني المعروف باسم "جامايكا" في تشكيل حكومة اتحادية على دول الاتحاد الأوروبي، خاصة وأنها تنظر إلى ألمانيا على أنها قائدة الاتحاد. وبالتالي، سيطال أثر أي أزمة تحدث في ألمانيا باقي دول القارة.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن العديد من الدول ضمن الاتحاد الأوروبي تعتبر تشكيل حكومة في ألمانيا شأنا أوروبيا، إلا أنها وفي الوقت ذاته، ترفض التدخل من أجل حل هذه الأزمة.
من جانبه، أكد وزير الخارجية الهولندي، هالبه زيلسترا، أن فشل مفاوضات التحالف من أجل تشكيل حكومة ائتلافية يعد بمثابة "خبر سيئ لأوروبا"، وخاصة لندن وباريس.
وذكرت الصحيفة أن المفوضية الأوروبية أعربت عن عدم قلقها من انهيار المفاوضات، مؤكدة أنها مطمئنة بشأن الاستقرار في ألمانيا واستمرارية المداولات، لكن ذلك لم يحل دون تسرب بعض المخاوف داخل المفوضية إزاء عجز ألمانيا عن إجراء إصلاحات سريعة، حيث صرح أحد المسؤولين البارزين في المفوضية أن الأمور أصبحت الآن أكثر تعقيدا. من جانبه، يرغب رئيس المفوضية الأوروبية، جان كلود يونكر، في إقرار مجموعة من القوانين من شأنها أن تحدث إصلاحات واسعة على منطقة اليورو، منتظرا ما ستسفر عنه مفاوضات تشكيل الحكومة في ألمانيا.
اقرأ أيضا: ميركل تفشل بتشكيل الحكومة بعد انسحاب الحزب الديمقراطي
ونقلت الصحيفة على لسان رئيس مركز "بروغل" للأبحاث العلمية في بروكسل، غونترام وولف، أن القضايا المهمة على غرار سياسة اللاجئين أو إنشاء تحالف مشترك للدفاع أو مفاوضات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، لا يمكن التطرق إليها دون مشاركة ألمانيا. وخلال العشر سنوات الماضية، عملت المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، على ضمان الاستقرار والحفاظ على القوة التي تنعم بها ألمانيا، حيث نجحت في السيطرة على زمام الأمور. بالإضافة إلى ذلك، كانت ميركل تجيد التصدي لكل الأطراف التي تحاول إظهار العداء للاتحاد الأوروبي، خاصة وأنها كانت تهيمن عليه.
من جهته، صرح الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون على هامش اجتماع في قصر الإليزيه يوم الاثنين، أن "هذا التأخير لا يصب في مصلحة أوروبا". وفي السياق ذاته، أفاد ماكرون أنه قد أجرى اتصالا هاتفيا مع المستشارة الألمانية في مساء اليوم ذاته، حيث لم يتوان عن وصف رئيس الحزب الديمقراطي الحر، كريستيان ليندنر، بأنه "صعب المراس"، خلال المكالمة.
وأفادت الصحيفة أن إعادة الانتخابات يعتبر بمثابة أسوأ السيناريوهات في اعتقاد الرئيس الفرنسي، حيث يحتاج ماكرون أن تكون ميركل "القوية" على رأس الحكومة في ألمانيا. وفي هذا الصدد، اعتبرت باريس أن طول مدة المفاوضات بشأن تشكيل الحكومة يعد بمثابة عرقلة لمبادرة ماكرون الأوروبية، في حين صدر بيان رسمي من الإليزيه يوضح أن أوروبا أصبحت في حاجة إلى المشروع الطموح الذي اقترحه ماكرون أكثر من السابق. في الأثناء، عززت الأزمة الألمانية من دور فرنسا المتنامي على الساحة الأوروبية من خلال إطلاق المبادرات ووضع مقترحات، فضلا عن العمل على مشروع أوروبي طموح، تعمل كل من باريس وبرلين على تدشينه.
وأبرزت الصحيفة أن لندن من جهتها في حاجة ماسة إلى ميركل في الأشهر القادمة. ففي الواقع، تعتبر ميركل بمثابة "ملكة أوروبا" غير المتوجة في الأوساط البريطانية، حيث غالبا ما تملي ميركل حلولها على الدول الأوروبية إبان الدخول في مفاوضات طويلة بشأن مسألة ما. فضلا عن ذلك، يعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي سواء في فترة رئيس وزراء البريطاني السابق، ديفيد كاميرون، أو رئيسة الوزراء الحالية، تريزا ماي، مرتبطا بشكل أو بآخر بوجود ميركل على رأس الحكومة. من هذا المنطلق، يعتبر استقرار ألمانيا مهما بالنسبة لباريس ولندن، خاصة وأن "الشلل السياسي"، الذي تعاني منه أبرز دولة في صلب الاتحاد الأوروبي، سيكون وخيما.
اقرأ أيضا: البايس: 4 سيناريوهات للأزمة السياسية الألمانية
وأضافت الصحيفة أن بريطانيا على موعد مع اجتماع في غاية الأهمية ستعقده دول الاتحاد الأوروبي في منتصف كانون الأول/ ديسمبر من العام الجاري في بروكسل، وعلى الرغم من الانتقادات التي وجهتها ميركل لبريطانيا إبان إعلانها الخروج من الاتحاد الأوروبي، إلا أن المعتدلين في بريطانيا حذروا من التشفي في ميركل بسبب فشلها، الذي يعتبره البعض فشلا بالنسبة لأوروبا بأسرها. ويعزى ذلك إلى أنه في حال عدم استكمال اتفاقية "خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي"، ستعم حالة من الفوضى الاقتصادية في بريطانيا.
وأشارت الصحيفة إلى أن إيطاليا من جهتها لم تعلق على نتيجة المفاوضات في ألمانيا، في الوقت الذي أعرب فيه رئيس الوزراء الإيطالي، باولو جينتيلوني، عن أمله في أن تخرج ميركل من الأزمة الحالية بنفس القوة. ومن المثير للاهتمام أن جينتيلوني يعتبر ميركل الشريك الأقوى على مستوى السياسة الأمنية وسياسة اللاجئين.
من جانبه، شدد وزير الخارجية والشؤون الأوروبية والهجرة واللجوء في لوكسمبورغ، جان أسيلبورن، على أن أوروبا في حاجة إلى ألمانيا "القوية" في ظل الأزمات التي تعيشها المنطقة على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وتغير المناخ وتفشي الإرهاب والهجرة. وأضاف أسيلبورن أن ألمانيا يجب أن تحافظ على استقرارها، نظرا لأن العالم يعول على الدور المحوري الذي تلعبه.
وفي الختام، أقرت الصحيفة بأن أوروبا الشرقية غير متفائلة بما يحدث في ألمانيا. وفي هذا الصدد، صرح دبلوماسي مجري، أنه "في الوقت الحالي لا يمكن التنبؤ بما سيحدث في ألمانيا". فيما علق التليفزيون البولندي على فشل المفاوضات بثلاث كلمات، وهي كالتالي: "الأزمة داخل ألمانيا".