تتابع
المخيمات الفلسطينية في
لبنان بحذر شديد الأزمة السياسية المتمثلة باستقالة رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري، تحسبا للتداعيات المحتملة في ظلّ تصاعد الاتهامات والمعلومات التي تتناقلها وسائل إعلام لبنانية عن أجندة ترسم لاستهداف الأمن الداخلي اللبناني من خلال مجموعات مرهونة لأطراف خارجية موجودة في المخيمات، أو خرجت منها بشكل مفاجئ.
وشدّدت الفصائل الفلسطينية كافة في مواقفها العلنية على تحييد المخيمات من أي هزّات أمنيّة أو محاولات لإقحامها في الأزمة الداخلية اللبنانية، غير أنّ مؤشرات عدّة أثارت تساؤلات في زحمة أخبار تتحدث عن خطط حيكت بالخفاء لاستغلال الحالة الفلسطينية لمآرب خارجية أو داخلية لبنانية، فيما يحضر السؤال عن حقيقة ما هدفت إليه زيارة قائد الأمن الوطني نضال أبو دخان السريعة إلى لبنان، التي تلت زيارة الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى السعودية بعد سقوط صاروخ يمني على الرياض.
فتح: لا تسلح والمخيمات محصنة
حركة فتح في لبنان وعلى لسان أمين سرها فتحي أبو العردات أكد على التلاحم الفلسطيني تجاه رؤية واحدة وهي النأي بالمخيمات عن أي صراع داخلي لبناني، وأعلن في تصريحات خاصة لـ"
عربي21" عن وجود "سياسة موحدة فلسطينية ترتكز على عدم التدخل في الشأن الداخلي لأي بلد عربي، وأن يكون الفلسطينيون ضمن الحياد الإيجابي إزاء أي تجاذبات داخلية للبلد الذي يتواجدون فيه".
وحول المخاوف التي تثار لجهة إقحام الوجود الفلسطيني في الصراع اللبناني، قال: "موقفنا مبنيّ على بعدين، الأول حماية الوجود الفلسطيني بأن نكون جسرا للتواصل والمحبة بين الجميع، والثاني، التواصل مع الدولة اللبنانية على المستويات كافة ودعم السلم الأهلي في لبنان".
وعمّا إذا كانت حركة فتج تميل إلى طرف لبناني أكثر من الآخر، أكد أن "العلاقة مع جميع الأطراف السياسية في لبنان جيدة"، مشددا: "لن نسمح لأيّ جهة بأن تذهب بالمخيمات إلى غير هدفها الأساسي وهو فلسطين، فالمخيمات لن تكون ممرّا أو مستقرا لأيّ فرد أو مجموعة تحاول استغلال أي خلافات لبنانية".
وعن العلاقة مع الأجهزة الأمنيّة اللبنانية، قال: "قضيتنا تحتاج إلى دعم الجميع وهناك تفاهم مع الجانب اللبناني الرسمي"، نافيا ما يحكى عن إدخال السلاح إلى المخيمات في الفترة الأخيرة ترتيبا لعمل أمني كبير، واعتبر ما يقال في هذا الموضوع "تجييشا ومحاولة لإثارة التوتر"، لافتا إلى أن "احتفالات إحياء لذكرى الرئيس الراحل ياسر عرفات ستقام من قبل كل الفصائل الفلسطينية في المخيمات".
وكانت حركة فتح ألغت المهرجان المركزي التي كانت تنوي إقامته في ذكرى عرفات، الأحد المقبل في صيدا، نتيجة الظروف والأوضاع السائدة، بحسب ما أعلنت عنه الحركة.
وثمّن أبو العردات التقارب الفلسطيني مؤخرا، مشيرا إلى أن "اجتماعات الفصائل الفلسطينية مفتوحة بهدف التناغم وتوحيد الموقف".
حماس: سنتصدى لمن يضر بمخيماتنا
من جهتها، رأت حركة حماس أن المناخ الفلسطيني الحالي تسوده الإيجابية وهذا ما يصبّ لصالح المخيمات في لبنان، وقال القيادي في حركة حماس في لبنان أيمن شناعة: "الوضع يختلف حاليا في ظل أجواء المصالحة الفلسطينية إلى جانب القراءة الفلسطينية الناضجة للتطورات الإقليمية وإدراك مدى خطورتها على مخيماتنا".
ورأى شناعة أن القيادات الفلسطينية استطاعت تحييد المخيمات في الفترة الأخيرة عن الصراعات الإقليمية، مثمنا "نجاح الفلسطينيين في لبنان في إبعاد أنفسهم عن الأزمة في سوريا"، مشيرا إلى أن "النأي بالمخيمات عن الصراع في سوريا نجح بنسبة تتجاوز سبعين بالمئة".
وعن المخاوف التي تثار بشأن المخيمات خصوصا في الإعلام اللبناني، قال: "أي تحرك يضرّ بمخيماتنا ستتصدى له القيادة السياسية وأذرعها الأمنية داخل المخيمات"، آملا أن "يتعافى لبنان من الأزمة التي يمرّ بها".
ونفى شناعة العلم بإدخال ذخائر وأسلحة إلى المخيمات، مؤكدا عدم "وجود إشارات غير اعتيادية تظهر وجود عملية تسلح".
"عصب" السنة
وبدوره، قلّل الكاتب والمحلّل السياسي عماد شمعون من أهمية ما يشاع عن أعمال أمنيّة تُحضر في المخيمات، وقال في تصريحات خاصة لـ"
عربي21": "لا مبرّر للقلق ما لم يسجل أي تطور يشي إلى وجود عمل أمنيّ يدبر داخل المخيمات"، لكنه تساءل عن دقّة ما يحكى لجهة "دخول أو خروج مطلوبين للأجهزة الأمنية من وإلى المخيمات الفلسطينية".
وحذّر شمعون من نظرة فئات من اللبنانيين إلى الحالة العسكرية الفلسطينية في المخيمات واعتبارها "عصبا عسكريا سنيا"، مضيفا: "هذه الرؤية تمهّد لمزيد من المخاوف من إمكانية استخدام السلاح الفلسطيني على المستوى اللبناني الداخلي".
ونبّه شمعون ممن أسماه "طابورا خامسا هدفه إشعال المخاوف وإثارة الفتن"، معتبرا أن "التنسيق والتواصل بين المسؤولين الأمنيين في المخيمات مع الأجهزة الرسمية اللبنانية، يقطع دابر الشكوك ويخرس الإشاعات".
وحول الحديث الذي يدور عن دفع عربي بالورقة الفلسطينية لاستثمارها عسكريا في لبنان، استبعد شمعون ذلك قائلا: "هذا الكلام يتخطى قرع طبول الحرب إلى الوقوع بها"، مضيفا: "زيارة الرئيس عباس إلى السعودية لم تحمل أي مؤشرات سلبية بحسب ما رشح عن اللقاء".