نشرت مجلة "تايم" الأمريكية تقريرا، تطرقت من خلاله إلى الأحداث التي جرت خلال مباراة نادي برشلونة ونادي مالقا؛ إثر تعالي الهتافات المطالبة باستقلال
كتالونيا. والجدير بالذكر أن هذه الأحداث تعلن عن انتقال الصراع بين إسبانيا وكتالونيا إلى الملاعب.
وقالت المجلة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن هتافات جماهير نادي برشلونة المطالبة باستقلال إقليم كتالونيا انطلقت مباشرة بعد مرور 17 دقيقة على بداية المباراة، التي جمعت بين نادي برشلونة ونادي مالقا على أرضية ملعب
الكامب نو.
وأشارت إلى أن جماهير نادي برشلونة كانت منذ سنوات تطالب باستقلال إقليم كتالونيا، إلا أن هتافاتهم وشعاراتهم لم تكن مؤثرة في السابق مثلما هو الحال خلال هذه المباراة، خاصة أنها تزامنت مع استفتاء استقلال إقليم كتالونيا.
وأكدت المجلة أن الحكومة الإسبانية نشرت قوات مكافحة الشغب على خلفية هذه الهتافات. كما أعلنت عن خطة لاستخدام صلاحيات دستورية لم يسبق لها تفعيلها، وذلك بهدف السيطرة على المنطقة، التي تتمتع بالحكم الذاتي منذ وفاة الديكتاتور الجنرال فرانكو سنة 1975.
وأوضحت المجلة أن ملعب الكامب نو، الذي يتسع لمئة ألف متفرج، أصبح منبرا تعبر من خلاله الجماهير الكتالونية عن رغبتها في الاستقلال. وتجدر الإشارة إلى أن نادي برشلونة، الذي يقوده النجم الأرجنتيني ليونيل ميسي، يعدّ رمز فخر لإقليم كتالونيا، خاصة أنه حقق سلسلة من الانتصارات الباهرة منذ سنة 2006.
ونقلت تصريحا لإحدى مشجعات النادي الكتالوني، تدعى ديانا بلوما غارسيا، التي قالت: "يمكننا هنا الإفصاح عن آرائنا. يمكننا القدوم إلى هذا الملعب للتعبير عن مشاعرنا الكتالونية. بهذه الطريقة، يمكن للعالم أن يعرف موقفنا".
وأضافت الصحيفة أن الهيكلية المالية لنادي برشلونة تعدّ بالنسبة لبعض جماهير النادي نموذجا لكيفية الحكم الذاتي، حيث تعود ملكية النادي إلى 143 ألف عضو من المساهمين الذين ينتخبون الهيئة المديرة لناديهم. وذلك خلافا لبقية الأندية الأوروبية الكبيرة التي يترأسها كبار رجال الأعمال على غرار نادي باريس سان جرمان الفرنسي.
وفي هذا الصدد، صرحت إحدى الأعضاء المساهمات في النادي الكتالوني، مارتا فيري، بأن "النادي يعدّ نموذجا يحتذى به، حيث يحق لنا على اعتبارنا مساهمين ضمنه تحديد مستقبلنا. ويريد أهالي إقليم كتالونيا النسج على هذا المنوال".
وتابعت بأن رئيس نادي برشلونة، جوسيب بارتوميو، عقد قبل مباراة ناديه ضد مالقا جلسة عامة اعتيادية حضر فيها كافة المساهمين، وتم خلالها عرض كافة الأسئلة والشكاوي والتوصيات. وفي هذا السياق، أورد أحد المساهمين الذين حضروا الجلسة، جوزيه ماريا سيغورا، معلقا على الموجة الجديدة من المظاهرات المطالبة بالاستقلال، أن "الأمور لم تسر على ما يرام هذه المرة.
سنحتاج إلى اتخاذ خطوة إلى الوراء، والبحث عن موضع الخلل. وخلال السنوات القادمة، سنجدد مطالبنا بالانفصال. وفي حال عدم تحقق حلمنا، يبقى الأمل قائما مع الشباب".
وفي سياق متصل، أفادت مشجعة شابة تبلغ من العمر 17 سنة، تدعى جوليا مانيرا، قائلة: "لم نتوقف عن رفع الشعارات المنادية بالاستقلال حتى قبل إجراء الاستفتاء. وسنأتي إلى الملعب في المستقبل، وسنواصل النضال من أجل قضيتنا".
وبينت المجلة أن موقف نادي برشلونة كان يتسم بالحكمة والاتزان، حيث أكد على حق أهالي كتالونيا في الإدلاء بأصواتهم، لكنه لم يعلن عن تأييده للاستقلال بشكل واضح. ويعزى ذلك إلى أن النادي يريد الحفاظ على إيرادات الدوري الإسباني، وتجنب الخروج من منافسات دوري أبطال أوروبا المربح.
وذكرت المجلة أن تاريخ النادي يعد خير دليل على التبعات الناجمة عن السياسة الإسبانية. ففي سنة 1936، تعرض رئيس النادي الكتالوني الأسبق، جوسب سونال، للمضايقة من قبل قوات فرانكو. وفي هذا السياق، أفاد بارتوميو بأنه "لا يمكن التلاعب بنا من طرف السياسيين. نعلم أن نادي برشلونة أكبر من مجرد ناد، وأن ملعب الكامب نو فضاء لحرية التعبير والاحترام، وسيبقى كذلك".
وأفادت المجلة بأن المدافع، جيرارد بيكيه، توجه لصفوف جماهير النادي؛ لتشجيعهم على الذهاب إلى مكاتب الاقتراع، بينما اختار زملاؤه البقاء بعيدا عن المدارج. نتيجة لذلك، هتفت الجماهير باسمه خلال تدريبات المنتخب الإسباني في مدريد.
وتلفت إلى إن العديد من مؤيدي الانفصال يشعرون بالإحباط من حياد نادي برشلونة، في حين أن بعض الجماهير تعتبر ملعب الكامب نو بمثابة ملاذ من الاضطرابات. وفي هذا الإطار، أكد أحد المشجعين، يدعى إنريك سانشيز، أنه "يمكن لأفراد ترديد ما يشاؤون من الشعارات، والتعبير عن تأييدهم أو رفضهم للاستفتاء، لكنني لا أخلط بين الرياضة والسياسة. يعدّ البرلمان المكان الوحيد الذي نتحدث فيه عن السياسة. أما هذا المكان، فهو مخصص لمشاهدة كرة القدم".