من العاصمة
الإماراتية أبو ظبي؛ يتخذ القيادي المفصول من حركة فتح
محمد دحلان متكأً للعب أدوار مشبوهة في الإقليم المضطرب الذي يعج بنزاعات وصراعات، جاءت كنتيجة حتمية للتخريب الذي مورس ضد ثورات
الربيع العربي بعد صعود الإسلاميين وتوليهم السلطة، ليساهم بذلك مساهمة فاعلة في جلب أوراق الخريف سريعا إلى المنطقة المتعطشة للحرية والديمقراطية.
غادر دحلان غزة قبيل أحداث الانقسام عام 2007، ومن ثم انتقل إلى رام الله بالضفة الغربية المحتلة ثم إلى أبو ظبي، بعد خلافات حادة مع رئيس السلطة الفلسطينية محمد عباس أفضت إلى فصله من حركة فتح وتوجيه اتهامات قضائية له بالتورط في ملفات فساد.
ويوصف دحلان على أنه مبعوث الإمارات لأنظمة مكافحة الثورات، فكونه مستشارا أمنيا لابن زايد لعب دورا جيدا في دعم
الثورات المضادة في المنطقة العربية، حيث يتهم بممارسة أدوار خفية لإجهاض ثورات كل من تونس ومصر وليبيا إضافة لتورطه بدعم الانقلاب في تركيا.
مع رجال بن علي
ففي تونس كان لدحلان دورا في إطار الجهود الإماراتية لوقف صعود حركة النهضة الإسلامية التونسية كشريك في حكم البلاد، حيث تمكن دحلان من نسج علاقات مع قيادات من النظام السابق، ومن اليسار المعارض لحركة النهضة، ومن بينهم رفيق الشلي مسؤول سابق في الداخلية خلال حكم زين العابدين بن علي ورئيس حزب مشروع تونس، ومحسن مرزوق المستشار السابق للرئيس الباجي قايد السبسي، بحسب تقرير لصحيفة لوموند الفرنسية.
اقرأ أيضا: "عربي21" تنشر تفاصيل وثائق ملاحقة الجنائية لدحلان
ويحاول دحلان من خلال هذه المناورات دفع حزب حركة نداء تونس على فك تحالفه بحزب حركة النهضة، وبالتالي استبعاد قطر المؤيدة لحزب النهضة وللرئيس التونسي السابق المنصف المرزوقي.
ولا يقف الأمر عند هذا الحدّ، إذ نقلت لوموند عن خبير مطلع قوله إن دحلان "يسعى كذلك لإقناع التونسيين بإغلاق الحدود مع ليبيا للتسبب في شح الموارد الغذائية في العاصمة طرابلس، وإثارة الفوضى، مما سيساعد مجموعات حفتر على التقدم وبسط سيطرتها بشكل أكبر على الأرض".
ساعد في انقلاب مصر
وإلى مصر، فقد ارتبط اسم الإمارات ومعها محمد دحلان بانقلاب الـ30 من تموز/ يوليو 2013 الذي أطاح بالرئيس محمد مرسي، ومهد الطريق أمام زعيم الانقلاب عبد الفتاح السيسي ليعتلي سدة الحكم، مدعوما بمليارات من الدولارات صبتها الإمارات في خزينة الدولة المصرية بعد الانقلاب.
وبحسب تسريبات بثتها قناة مكملين؛ تدور المزاعم حول العلاقات القوية التي جمعت السيسي بدحلان، والتي مهدت لتورط الإمارات في الانقلاب، من خلال الدعم المادي الإماراتي الضخم لحركة "تمرد" المعارضة.
ولم تقف العلاقة بين دحلان والسيسي إلى هذا الحد، بل تطورت ليطال نفوذ دحلان حد تدخله في أزمة سد النهضة، حيث جرى تفويضه من السيسي ليرأس وفد مصري وُكّل إليه مهمة الاتفاق مع السودان وإثيوبيا لحل لمشكلة سد النهضة.
الثورة المضادة في ليبيا
ولم يقف دور دحلان عند هذا الحد فقد كشفت تسريبات صوتية لمكتب السيسي بثتها قناة بانوراما الليبية عن تورط دحلان في تعزيز الثورة المضادة في ليبيا، والتي تزعمها أحمد قذاف الدم ابن عم العقيد معمر القذافي، إضافة إلى دعم الجنرال خليفة حفتر، حيث مهد قادة الانقلاب في مصر سبيلا للقاء بين دحلان وقذاف الدم للتشاور فيما يخص الثورة في ليبيا، بينما اتهم تقرير لجنة العقوبات التابع للأمم المتحدة الإمارات بـ"التلاعب بالاستقرار الليبي"، ودون رد من الإمارات على هذه الاتهامات سجل التقرير قيام أبوظبي بدعم قوات الجنرال خليفة حفتر ماديا وعسكريا بطائرات عسكرية ومدرعات مسلحة ومروحيات هجومية وناقلات جند، وغيرها من الأسلحة المستخدمة ضد المدنيين الليبيين، وفي قمع الثورة هناك، وتمثل دور دحلان في التنسيق بين أبو ظبي وحفتر بالإضافة لعقد صفقات السلاح مع
صربيا التي يحمل جنسيتها.
في انقلاب تركيا أيضا
لم يتوقف ارتباط دحلان عند الثورات المضادة في المنطقة العربية، فقد ظهر مرة أخرى في انقلاب تركيا الفاشل في تموز/ يوليو 2016، حيث كشفت مصادر مُقرّبة من الاستخبارات التركية لموقع "ميدل إيست آي"، عن تعاون جرى بين الحكومة الإمارتية وبين مُدبري الانقلاب في تركيا، بوساطة القائد الفتحاوي المفصول، الذي عمل كحلقة وصل بينهم وبين رجل الدين التركي المقيم في أمريكا فتح الله غولن زعيم حركة الخدمة، وذلك قبل أسابيع من المحاولة الانقلابية الفاشلة.
وحسب المصادر فإن دحلان قام بتحويل أموالًا إلى مدبري الانقلاب في تركيا، وتواصل قبل أسابيع مع غولن، المتهم بتدبير محاولة الانقلاب، وذلك عن طريق رجل أعمال فلسطيني يقيم في الولايات المتحدة الأمريكية.(لم تذكر اسمه).
علاقته بصربيا
وارتبط دحلان بعلاقات وثيقة مع رئيس الوزراء الصربي ألكسندر فوسيتش، أهَّلتهُ مِن ناحية للحصول على جنسية الجبل الأسود عام 2013، ومن ناحية أخرى مثلت بداية للعلاقات الوثيقة أيضا التي ربطت فوسيتش بمحمد
بن زايد، والتي وضعت حجر أساس بدأ على إثره نمو العلاقات بين البلدين منذ 2013 أيضا، وتوجت باستثمارات تقدر بمليارات الدولارات.
وبواسطة دحلان؛ استغل ابن زايد السوق الحرة للأسلحة في صربيا، للحصول على الأسلحة التي يتم توريدها لحلفائه في الشرق الأوسط.
اقرأ أيضا: لوموند: من غزة إلى أبو ظبي.. قصة صعود الداهية دحلان
وبالرغم من إحاطة أبوظبي استثماراتها في صربيا، بسريّة تامة، فإن تقارير صحفية عدة تستند إلى مصادر صربية تتّهم ولي عهد أبو ظبي بالعمل كـ"وكيل للولايات المتحدة وإسرائيل في أوروبا الشرقية".
وتقول التقارير إن دحلان "هو الذي يسهّل التواصل بين الإمارات وشخصيات نافذة في الاستخبارات الأميركية والإسرائيلية، من جهة، والإمارات وكبار المسؤولين في جمهوريتي صربيا ومونتينيغرو من جهة ثانية، تحت غطاء شركات الاستثمار الاقتصادية". حيث ويفخر المسؤولون الصرب بالاستثمارات الإماراتية، ويقدمونها دليلاً على دور بلدهم، باعتباره لاعباً إقليمياً رئيسياً في منطقة البلقان.
ومن الجدير ذكره أن دحلان الذي يعمل مستشار أمنيا لولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد، يتمتع بعلاقات وثيقة بمدير وكالة المخابرات المركزية السابق جورج تينيت، وبآمنون شاحاك الضابط الرفيع في الجيش الإسرائيلي، ويعقوب بيري ضابط الموساد، وهي شخصيات نافذة خارجيًا.