بعد المجالات الكثيرة التي وصل إليها
الذكاء الاصطناعي، فإنه وصل أخيرا إلى مجال كان إلى وقت قريب حكرا على البشر، وهو
الصحافة، بعد أن تعلمت الآلات الكتابة وأصبحت تكتب وحدها ليقرأ البشر.
وبحسب ما نشرت وكالة الصحافة الفرنسية، فقد أظهرت دراسة حديثة لمعهد "فيوتشر توداي" الأمريكي أن الذكاء الاصطناعي أصبح يهدد الصحافة جديا، بعد أن بدأت منظمات عدة باستخدامه لكتابة مقالات باستخدام معطيات متوفرة، مثل نتائج المباريات الرياضية، والمقالات الاقتصادية.
ويكمن التهديد بحسب الدراسة في أن الذكاء الاصطناعي سيكون قادرا في المستقبل القريب على صياغة مقالات تحليلية دون الحاجة إلى الصحافيين، وليس مقالات خبرية فقط.
خبير أمن المعلومات والاتصال الرقمي، الدكتور عمران سالم، أوضح لـ"
عربي21" أن البشرية على ما يبدو تتجه لمزيد من الراحة والاحترافية بسبب التوجه العالمي تقنيا للذكاء الصناعي في الكثير من المجالات كقيادة السيارة والألعاب الإلكترونية حيث ستبلغ الاستثمارات في هذا المجال 14 مليار بحلول عام 2023.
ولفت إلى أن الذكاء الصناعي دخل في مجالات عديدة كالمجال الطبي والقانوني والهندسي والصناعي، لكن في الآونة الأخيرة أبدى البعض تخوفه من دخول هذا العلم إلى مجال الإعلام وصياغة الخبر الصحفي ويتساءل البعض.. هل يمكن للذكاء الصناعي أن يحل محل الإعلاميين والصحفيين في مجالات كتابة وصياغة الخبر الصحفي؟
وتابع خبير أمن المعلومات بأن برامج الذكاء الصناعي تلعب دورا كبيرا في صياغة الأخبار والإعلام كما ذكرت دراسة في معهد "فيوتشر توداي" الأمريكية، مؤكدا أن مجالات أخبار الطقس وحالة الطرق وصياغة الخبر الرياضي والأخبار الاقتصادية والمالية سوف تتأثر بدخول الذكاء الصناعي في هذا المجال وربما يتعدى الأمر لتحليل البيانات والمؤشرات، وذلك لسبب رئيسي وهو أن معظم هذه الأخبار تعتمد على لغة الوصف الكمي والرقمي في أحيان أخرى، فالمستمع للنشرة الجوية أو الاقتصادية على سبيل المثال يكاد يلمس أن "الديباجة" الإخبارية واحدة ولكن بتغيرات رقمية ووصفية تعتمد على الحالة التي يمكن لبرامج الذكاء الصناعي محاكاتها بكل سهولة.
اقرأ أيضا: أين يمكن للذكاء الاصطناعي أن يحل مكان البشر؟ (إنفوغرافيك)
أما التحليلات الاقتصادية والجوية فمجال الإبداع فيها واضح وجلي وخاصة أنها تعمد في الكثير من الأحيان على القياس بآلاف الحالات السابقة وهذا الأمر هو أحد محاور الذكاء الصناعي والمعروف بـ"Knowledge Base Systems"، أي الأنظمة الخبيرة المعتمدة على المعلومات السابقة، بحسب سالم.
لكن الخبير استدرك بأن برامج الذكاء الصناعي قد تجد صعوبة في التحليل الشعوري والوجداني والنفسي لبعض المواد الإخبارية وطريقة الطرح المبنية على الانفعال الشخصي، غير أن المهمة ليست مستحيلة فقد نجد برامج ذكية تحاكي الحزن والفرح والغضب والاستغراب عند طرح أي موضوع فنحن في عصر "اللامستحيل رقميا".
وسبق للذكاء الاصطناعي أن كتب سيناريوهات لأفلام وروايات بناء على تدريب بشري وسيناريوهات مفترضة للأحداث، وأخيرا إشاعات مشاركة الذكاء الاصطناعي في كتابة الموسم القادم من المسلسل التلفزيوني الأشهر "صراع العروش".
من جهته رأى الكاتب الصحفي جمال حداد أن الإنترنت بداية قضى على عدد كبير من الصحف وبعضها عالمية، ومع ظهور "الذكاء الاصطناعي" فإن عددا لا بأس به من وظائف العاملين في مهنة الصحافة أصبح مهددا.
وأضاف حداد في حديث لـ"
عربي21" بأن هناك مؤشرات إلى إمكانية الاستعاضة بتطبيقات مستقبلية من "الذكاء الاصطناعي" ستقوم بدور أكبر من الصحفي، كإمكانية صناعة الخبر، والقدرة على صياغة مقالات تتعدى الخبر إلى التحليل.
وبالرغم من كل هذا فقد رأى حداد أنه لا يمكن أن تحل مثل هذه البرمجيات محل الصحافي الإنسان لأنها تفتقر إلى القدرة على صياغة الأخبار الروتينية المعتادة والمعروفة في الصحافة الورقية أو حتى الإلكترونية، ولكن ذلك لا يمنع من وجود تخوف لدى العديد من الصحفيين من دخول تلك
التكنولوجيا المتقدمة إلى عالم الصحافة. وبالتالي فإنه لا بد من الاستعداد لها ووضع خطط مستقبلية لمواجهتها.