تناولت الصحف
الإسرائيلية، بشكل واسع واهتمام كبير تداعيات وأسباب "
المذبحة" التي وقعت في مدينة
لاس فيغاس الأمريكية، الاثنين الماضي، والتي أدت لمقتل وإصابة المئات من الأمريكيين.
وقالت صحيفة "يديعوت أحرنوت" إن "أمريكيا غريب الأطوار، يرتكب مذبحة جديدة في لاس فيغاس، لتدخل هذه المذبحة مع عدد آخر لا يحصى في قاموس العنف الأمريكي"، مضيفة القول: "لا تظنوا أنها ستكون الأخيرة في هذه القائمة".
وتساءلت الصحيفة في مقال لها كتبه يوآف فرومر: "لماذا لا يوجد حل سياسي لحوادث إطلاق النار التي لا تنقطع في أمريكا؟"، مؤكدة أنه "كي يحصل هذا ينبغي بداية الاعتراف بأنه توجد هناك مشكلة".
وأوضحت أن المشكلة في نظر نصف الجمهور الأمريكي، هي "سهولة الحصول على
السلاح، وفي حال شددت الدولة على قدرة الوصول للبنادق، كما يعتقدون، فسيقل إطلاق النار".
وفي المقابل "هناك ملايين الأمريكيين ينظرون لمذبحة لاس فيغاس، على أن المشكلة ليست في البنادق بل في مطلقي النار أنفسهم، ويرون أن الحل لا ينطوي على تقييد السلاح بل معالجة المشاكل النفسية وزيادة عدد أفراد الشرطة في الشوارع"، وفق "يديعوت".
وأردفت بأنهم يزعمون أنه "في حال خفف في إجراءات الحصول على السلاح، فإن مزيدا من الأخيار سيتمكنون من تحييد منفذي العمليات المحتملين"، مشيرة إلى أنه "لطالما تعاطى الطرفان مع مسألة السلاح بهذا الشكل المتعارض، لا غرو أن منتخبي الجمهور يمتنعون عن تقديم جواب في القانون على ذلك".
ولفتت إلى أن السيناتور الأمريكي المؤيد للصهيونية بيرني ساندرس، "نال الثناء من منظمات السلاح"، موضحة أنه "رغم قوة ونفوذ لوبي السلاح وبالأساس اتحاد البنادق الوطني، فإن المشكلة هي ليست المنظمات نفسها، بل الشرعية الجماهيرية الكثيرة التي تحظى بها".
أزمة عميقة
وأشارت "يديعوت"، إلى أن "الظروف الجغرافية، الثقافية والاقتصادية المميزة التي صممت تطور الولايات المتحدة، هي التي رسخت ثقافة السلاح في الفكرة الأمريكية، وجعلته جزءا لا يتجزأ من الهوية القومية"، منوهة إلى أن "تاريخ أمريكا هو تاريخ العنف".
وتابعت بأن "من يسعى لتقييد الحق في حمل السلاح يجب أن يستوعب أن هوية الأمريكيين هي البندقية، وفي حال تم نزعها فهو نزع قطعة من أمريكا".
من جانبه، استبعد الخبير الإسرائيلي في الشؤون الدولية نداف أيال، أن يطرأ أي تغيير في السياسة الأمريكية التي تسمح بحيازة السلاح عقب "مذبحة" لاس فيغاس.
ونوه أيال، إلى أنه منذ 1968 قتل نحو 1.5 مليون أمريكي نتيجة استخدام السلاح الناري داخل الولايات المتحدة، في أحداث جنائية وحوادث انتحار، في حين أن عدد قتلى أمريكا في حربها ضد البريطانيين وفي الحرب الأهلية وحربين عالميتين مجتمعة، إضافة إلى حرب كوريا وفيتنام، لا يتجاوز الـ1.4 قتيل.
وقال في مقال له بصحيفة "يديعوت": "هذا المعطى المذهل يجسد الأزمة العميقة التي تعيشها الولايات المتحدة بسبب الأسلحة التي يحوزها مواطنوها"، مؤكدا أن "أمريكا تعيش أزمة عنف، لدرجة أن اتحاد الأطباء الأمريكي يصف الوضع بأنه أزمة صحة عامة، وهذا في الحقيقة هو مؤشر على مشاكل أكثر حدة بكثير، ما يؤكد أن الوضع صعب على نحو خاص".
ثقافة السلاح
وأوضح الخبير الإسرائيلي، أن "ساحة السياسة الأمريكية تقف أمام أزمة استخدام السلاح، وهي منقسمة بين الخطوط الحزبية، كما أن الجمهور الأمريكي منقسم بالتساوي حول تقييد حمل السلاح"، لافتا إلى أن حيازة السلاح في أمريكا "محمية بالدستور، ومسنودة من شركات إنتاج السلاح ومن ثقافة حمله أيضا، وبالطبع من "NRA" وهو اللوبي شديد القوة في واشنطن".
بدورها، أوضحت صحيفة "معاريف" العبرية، في مقال كتبه محررها للشؤون الأمنية والعسكرية، الخبير الأمني البارز يوسي ميلمان، أن حدث لاس فيغاس (مدينة الفساد)؛ هو "الهجوم الأعنف منذ عمليات 11 أيلول/ سبتمبر 2001".
وأضافت: "لا شك أن الحديث يدور عن حدث إرهابي، ولكن كيف لنا أن نشخصه؟.."، موضحة أنه "بإعلان الـ (أف بي آي) أنه لم يكن لمنفذ الهجوم سيتفان بادوك أي صلة بالإسلام، يتضح أن داعش الذي تبنى الهجوم وهو في حالة انهيار بسوريا والعراق، يحاول فقط أن يعزو لنفسه العملية، مثلما فعل في الماضي".
ورأت الصحيفة، أن "الدوافع ربما كانت نفسية أو سياسية أو كليهما"، مؤكدا أنه "خطط بشكل دقيق، حين أقام في الفندق منذ يوم الخميس الماضي، ونصب في الرواق المؤدي لغرفته كاميرات لمنع تشويش خططه، ووجدت في غرفته عشر قطع سلاح أوتوماتيكية وقد عمل بخبرة".
ونبهت إلى أنه "مهما كانت دوافعه؛ فالسهولة التي يمكن بها شراء السلاح في الولايات المتحدة، تعطي ريح إسناد للعنف الذي لا هوادة فيه في المجتمع الأمريكي"، مؤكدة أن العنف في أمريكا "سيستمر، لأن احتمال تقييد شراء السلاح ضعيف، وثقافة حمله مغروسة عميقا في ثقافة وتاريخ الولايات المتحدة".