مقالات مختارة

لا تحلموا بتقسيم سوريا!

فيصل القاسم
1300x600
1300x600
لا شك أن التاريخ سيذكر أن سيرجي لافروف وزير الخارجية الروسي الحالي وجون كيري وزير الخارجية الأمريكي السابق في عهد باراك أوباما شكّلا ثنائيا شهيرا لسنوات، فقد كانا أنشط وزيرين دوليين في الأزمة السورية، وقد اجتمعا عشرات لا بل مئات المرات، وكانا يقودان عمليا فريقي الصراع السوري، لافروف كان بمثابة المتحدث الرسمي باسم النظام السوري، بينما كان جون كيري يمثل بطريقة ما قوى المعارضة السورية مع الاعتراف طبعا أن الجانب الروسي كان أصدق وأوثق في تحالفه مع نظام الأسد من الجانب الأمريكي مع المعارضة. 

ومن كثرة ما التقى لافروف بكيري أصبح هذا الثنائي أشبه بتوم أند جيري بطلي المسلسل الكرتوني الشهير، إلى حد أن البعض قال ذات يوم ساخرا: " ونحن صغار كنا نشاهد توم أند جيري، وعندما كبرنا صرنا نشاهد لافروف أند كيري".

لكن على عكس توم أند جيري اللذين ارتبطا في أذهان العالم بالصراع الأبدي بين القط والفأر، فإن الجميع كان ينظر إلى لافروف وكيري نظرة ريبة وشك، فعلى الرغم من أنهما يمثلان قوتين متصارعتين نظريا، إلا أنهما كانا في نظر الكثيرين نسخة عن الثنائي الفرنسي البريطاني الشهير سايكس وبيكو اللذين قسّما العالم العربي إلى اثنتين وعشرين دولة عبر الاتفاقية التاريخية الشهيرة المعروفة باسميهما. 

وقد شك الكثيرون بأن الروس والأمريكيين رغم صراعهما على مناطق النفوذ في العالم، إلا أنهما كانا متفقين على تقاسم النفوذ بسلاسة فيما بينهما في سوريا تحديدا. وقد كان مؤيدو النظام السوري نفسه المتحالفون مع الروس يخشون من ذلك الثنائي الخطير كيري-لافروف، وكان بعضهم يعتقد أنهما يتآمران على تقسيم سوريا وغيرها في المنطقة، لا بل إن كثيرين كانوا يعتبرون كيري ولافروف أخطر من سايكس وبيكو، لأنهما سيعيدان تقسيم العالم العربي ليس إلى دول كما فعل سايكس وبيكو البريطاني والفرنسي، بل إلى دويلات وأقاليم وطوائف وملل متناحرة. وأتذكر ذات مرة في محادثة مع أحد مؤيدي النظام السوري أنه قال لي حرفيا: "انتظر ذات يوم تطبيق اتفاق كيري لافروف على الأرض السورية، وعندها سنكتشف أن الروس كانوا متواطئين مع الأمريكيين والإسرائيليين على سوريا وليسوا متحالفين معنا كما يبدون الآن."

لكن الآن وبعد أن بدأت أمريكا تخرج من المنطقة شيئا فشيئا، يبدو أن اتفاق كيري لافروف كان في واقع الأمر كذبة كبيرة، وكان مظهرا من مظاهر نظرية المؤامرة التي تعشعش في أذهان الكثير من السوريين والعرب. ومن الواضح أن التحالف الدولي الذي شكلته أمريكا من أكثر من ستين دولة لمحاربة داعش في سوريا كان يهدف إلى مساعدة الروس والإيرانيين والنظام السوري على إعادة إحكام السيطرة على سوريا بدل تقاسم النفوذ مع الروس. وقد بدأنا نكتشف في الأيام الأخيرة أن فكرة سوريا المفيدة بدأت تتلاشى بعد أن بات الروس والإيرانيون وقوات النظام السوري تسيطر على المدن الواحدة تلو الأخرى. 

لقد ظن البعض أن مدينة دير الزور التي تشكل جزءا مهما من الشرق السوري ستكون من نصيب أمريكا كونها غنية بالنفط والغاز. لكن الجميع تفاجأ بوصول القوات السورية وحلفائها على حين غرة إلى دير الزور. وبذلك إذا سقطت المدينة في أيدي الروس وحلفائهم، فهذا يعني سقوط فكرة سوريا المفيدة التي كانت تعني عمليا تقسيم سوريا بين القوى المتصارعة عليها. وحتى مدينة الرقة فيما لو انتزعتها القوات الكردية من أيدي الدواعش، فلن تكون من نصيب الأمريكيين ولا الأكراد، لأن الروس وقوات النظام والإيرانيين يبدون مصممين على القضاء على الميليشيات الكردية بعد الانتهاء من داعش. وقد شاهدنا في الأيام الماضية أن الطيران الروسي استهدف ما يسمى قوات سوريا الديمقراطية الكردية حسب الاتهامات الأمريكية. وهذا يعني أن اتفاق كيري لافروف الذي ظن البعض أنه يهدف إلى تقسيم سوريا كان وهما، بدليل أن الروس يريدون السيطرة مع النظام على كامل الأرض السورية، لا بل إنهم أبدوا معارضة واضحة للاستفتاء الكردي في كردستان العراق. 

وقد طالب بوغدانوف نائب وزير الخارجية الروسي إسرائيل بالتوقف عن دعم الانفصال الكردي وتأييد الحقوق الكردية في سوريا والعراق، واتهمها بالنفاق قائلا: "أليس من الأفضل أن تعطوا الفلسطينيين حقوقهم في فلسطين بدل دعم الحقوق الكردية في العراق وسوريا؟"

هذه التصريحات والمواقف الروسية على الأرض تنسف اتفاق كيري لافروف تماما وتجعله في مهب الريح، هذا إذا كان موجودا أصلا. ويُحسب للروس أنهم منعوا تقسيم سوريا إذا نجحوا في نهاية المطاف في الحفاظ على وحدة التراب السوري ومنع تقسيم سوريا إلى دويلات طائفية وعرقية ومذهبية.

الشرق القطرية

3
التعليقات (3)
عابر سبيل
الأحد، 24-09-2017 08:04 م
ليتها قُسمت بسلام فماذا تنفع وحدة التراب السوري بعد أن سحق نظام الأسد المجرم الإنسان السوري. الخلاصة هي تكالب الغرب المجرم مع الأعراب العملاء مع النظام السفاح علي حرية الإنسان السوري والعربي عموماً
شرحبيل
الأحد، 24-09-2017 06:44 م
.......الفأرد جيري ، ولافروف وكيري ........... أشك أن الولد الغبي يعرف مايدور حوله ، وماهو حجم الجريمة التاريخية التي يرتكبها . ومن حوله أمه أنيسة المندثرة وأخوه ماهر وأخوها محمد مخلوف ورياض شاليش ومحمد ناصيف خير بيك البائد وبثينة شعبان ، وهم على مايبدو من يشيرون عليه ، وكل له دوافعه الخاصة به ، وإن كان محركهم جميعاً الطائفية وإرضاء ايران . بدد الوريث المعاق المعتوه 23 مليار دولار من احتياطي العملة الصعبة السوري في البنك المركزي على شراء الأسلحة الروسية للقضاء على الثورة ، بينما كان يكفيه ربعها لتلبية طلبات المتظاهرين في بداية الأحداث والاستجابة لصوت الحرية ، واحتفظ ب 200 مليار من ثروته الشخصية وثروة العائلة في بنوك أوروبية وأمريكية والتي سرقها من الشعب ولم يرثها من بعر أبيه وروث أمه أنيسة ، ومثلها بحدود 200 مليار اخرى قيمة مسروقات طائفتة الحاقدة كأفراد وجماعاعت ، وقد جمدت البنوك الغربية هذه المبالغ الطائلة من جملة العقوبات التي فرضتها عليه ، عندما ركب رأسه وقرر الحل الأمني العسكري بناء على تحريض الروس والمجوس الذين أوصلوه إلى هذه الحاللة المزرية ، وهويعلم أنه في يوم من الأيام إذا استطاع الافلات من الشعب سيبتزه محاموالبنوك لإخراج مسروقاته فيأكلوا النصف أو ثلاثة أرباع ولن يفوز إلا بالربع وهو كثير كما فعلوا مع أخيه المقبور باسل ومع أبناء صدام وأبناء القذافي روسيا تتمتع بأمواله من مبيعات الأسلحة وأمريكا وأوروبا تتمتعان باستثمار أمواله المسروقة ، بينما يقبع كالجرذ المحروق ظهره في جحر اسمنتي كئيب في أحد أقبية قصر المهاجرين ، معزولاً مخذولاً ، مذموماً مشؤوماً ، ملعوناً ...يشحد من ايران مايطعم به شبيحته ومايغذي آلته الحربية ، ثم يضحك على نفسه وعلى طائفته بالمصالحات الوطنية التي ستحل مشكلته ...
قاهر الكلاب
الأحد، 24-09-2017 07:12 ص
وأخيرا اعترف الحمار لايوجد شي اسمه سوريا المفيدة!