نشرت صحيفة "فيلت" الألمانية تقريرا حول النصيب الذي حظيت به
تركيا في النقاش الانتخابي الألماني، خاصة وأن مواقف أنجيلا ميركل ومارتن شولتز تخدم
أردوغان وتصب في صالحه على الصعيد الداخلي، باعتبار أنها تضر بمصالح تركيا والشعب التركي وتشخصن الخلاف بين زعماء البلدين.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمه
"عربي21"، إنه للمرة الأولى في تاريخ البلدين، قامت تركيا باعتقال 12 مواطنا ألمانيا، من بينهم صحفيان وناشطون في مجال حقوق الإنسان، وذلك بعد أن وجهت لهم تهم متعلقة بالإرهاب والتجسس. كما اتهمت الحكومة التركية ألمانيا بإيواء وإخفاء بعض الانقلابيين الأتراك.
وذكرت الصحيفة أنه بخطوة غير مسبوقة، تمثلت في التدخل بشكل مباشر في الحملة الانتخابية الألمانية، دعا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الأتراك الحاملين للجنسية الألمانية لعدم التصويت لأحزاب محددة في الانتخابات الفيدرالية الألمانية التي ستجرى في 24 أيلول/سبتمبر الجاري.
وشددت الصحيفة على ضرورة عدم اتخاذ أي إجراء ضد أنقرة، نظرا لأن ذلك سيكون له رد فعل عكسي لدى الشعب التركي، الذي سيلتف حول رئيسه وسيتصدى للهجمات الخارجية. وعموما، التزم مارتن بهذا النهج سابقا حيث أنه لم يتوان خلال السنة الماضي، على الرغم من مواقف أردوغان المتصلبة تجاه ألمانيا، عن المطالبة بعدم إيقاف المفاوضات مع تركيا لأي سبب كان.
واعتبرت الصحيفة أن شولتز وقع في الفخ هذه المرة، حيث أنه تراجع عن موقفه في بداية حملته الانتخابية، وأعلن أنه سيقوم بإيقاف المفاوضات بين الاتحاد الأوروبي وتركيا في حال أصبح المستشار الألماني الجديد. فضلا عن ذلك، نسجت منافسته أنجيلا ميركل على منواله وتبنت نفس الموقف بعد ما ترددت في البداية في اتخاذه.
وعلى إثر هذا الموقف، اتهم عمر جليك، وزير شؤون الاتحاد الأوروبي في تركيا، المستشارة الألمانية ومنافسها في الانتخابات بأنهما يقومان ببناء "جدار برلين" جديد. كما أعلنت المعارضة التركية من جهتها عن عدم رضائها عن تصريحات ونوايا المرشحين التي لا تخدم مصالحها وحساباتها الانتخابية.
ومن جهته، صرّح أوزتورك يلماز، نائب رئيس حزب الشعب الجمهوري التركي، أكبر أحزاب المعارضة التركية، والمكلف بالعلاقات الدولية في الحزب، أن كلا من ميركل وشولتز قد وقعا في فخ الرئيس التركي عبر تحويل الأمر برمته إلى مسألة شخصية، وتوخيهما لتمشي مضاد لأردوغان في ظاهره.
وفقا لتصريحات يلماز، كان الاتحاد الأوروبي متحفظا حول مسألة انضمام تركيا منذ بداية المفاوضات، وجاء ذلك في شكل حجج على غرار مثل الأزمة القبرصية ومزاعم إبادة الأرمن. في المقابل، لم يتم إعلان الرفض العلني لأول مرة سوى عن طريق كل من ميركل وشولتز.
ونقلت الصحيفة عن يلماز قوله إن "أردوغان هو الفائز في جميع الحالات، حيث سيقوم باستغلال الموقف الألماني المعادي لتدعيم مواقفه وسياساته الداخلية، وهو ما سيظهر تركيا بصورة الضحية على المستوى الدولي، حيث من المرجح أن يتحصل بسببها على دعم الدولي. كما لا يجب أن ننسى أن حزب العدالة والتنمية لا يسعى ولا يبذل أي مجهودات حقيقية للانضمام للاتحاد الأوروبي".
وفيما يتعلق بالعقوبات الاقتصادية، اعتبرت الصحيفة أن تركيا تعتبر قوة اقتصادية عالمية، ولن تؤثر عليها أية عقوبات فردية من برلين، بل إن هذه العقوبات ستخلق، في حال تم فرضها، مشاكل داخلية على مستوى الاقتصاد الألماني بسبب الارتباط الكبير للشركات الألمانية بالسوق التركية، وهو ما سيدفعها لا محالة لمعارضة أي عقوبات اقتصادية والضغط لعدم تمريرها.
من جهتها، ذكرت صحيفة بيلد أن
ماكرون ترك ميركل بمفردها في خلافها مع أردوغان، حيث أدى فوزه بالانتخابات الرئاسية في فرنسا إلى تصدع العلاقات الفرنسية الألمانية، سببه موقف كل من إيمانويل ماكرون، من جهة، والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل من جهة أخرى، حول موضوع انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي.
وأفادت الصحيفة أن الرئيس الفرنسي أكد على ضرورة انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي، نظرا لأنها مؤهلة لذلك بفضل دورها الحيوي في عدة قضايا مصيرية على رأسها مكافحة الإرهاب، وإدارة أزمة اللاجئين. أما المستشارة الألمانية، فترفض هذا الأمر بشدة، وباتت تتبنى خطابا أكثر عدائية تجاه الرئيس التركي.
وذكرت الصحيفة أن الرئيس الفرنسي الجديد يعتبر أن تركيا أصبحت مؤهلة لأن تكون عضوا في الاتحاد الأوروبي. وعلى هامش زيارته الأخيرة إلى اليونان، قال ماكرون في لقاء مع صحيفة "كاثمريني" اليونانية إن "تركيا ابتعدت كثيرا عن الاتحاد الأوروبي في الآونة الأخيرة، ولا يمكن تجاهل هذا الأمر، خاصة فيما يتعلق بمسألة انضمامها للاتحاد الجمركي الأوروبي".
وأضاف ماكرون في حواره قائلا: "أنا أريد أن يتجنب الاتحاد الأوروبي القطيعة مع تركيا، خاصة في ظل دورها الهام في العديد من القضايا الإقليمية وعلى رأسها أزمة اللاجئين ومقاومة الإرهاب، وهو ما يجعل انضمامها للاتحاد الأوروبي أمرا في غاية الأهمية".
ورجحت الصحيفة أن يشهد المؤتمر القادم لدول الاتحاد الأوروبي على اتخاذ قرارات لا تحظى بموافقة فرنسا التي ترحب بانضمام أنقرة. فالأخبار القادمة من مؤتمر وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي، المنعقد في العاصمة الإستونية تالين، تؤكد عكس ما ترغب به باريس، حيث عبرت كل من فنلندا ولتوانيا عن مقاطعتهما للرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
وذكرت الصحيفة أن ألمانيا ترفض بشدة انضمام تركيا، حيث صرح وزير الخارجية الألماني سيغمار غابريل، على ضوء مؤتمر وزراء الخارجية، أن تركيا ابتعدت عن أوروبا نظرا لأنها لم تستجب لانتقادات دول الاتحاد، فيها يخص بعض القضايا الداخلية.