عندما حاصر النظام السوري الغوطة الشرقية في ريف دمشق، حمل كثير من الشباب السلاح للدفاع عن بلداتهم ومناطقهم لصد تقدم قوات النظام، إلا بعض من الشباب اختاروا عدة مجالات كالإعلامي والإغاثي والطبي.
لكن الكادر الطبي كان غير كاف، مع هجرة
الأطباء لخارج البلاد، إلا أن هذا لم يمنع مجموعة من الأطباء داخل الغوطة الشرقية من تأسيس مركز للعلاج الفيزيائي.
عمل المركز على توفير الدعم للمصابين في القصف والمعارك، في ظل صعوبة خروجهم من الحصار الحتمي الذي فرضه النظام السوري عليهم.
وفي حديث خاص لـ"
عربي21" مع الطبيب عبد الله النصر، أحد مؤسسي "مركز التأهيل الطبي للمعالجة الفيزيائية وتأهيل شلل الأطفال"، قال: "قمت مع مجموعة من الأطباء في الغوطة الشرقية؛ بتأسيس مركز صغير للعلاج الفيزيائي في مدينة دوما بريف دمشق، واخترنا هذا المجال بسبب الحالات التي تأتينا بشكل يومي بسبب قناصين تابعين لقوات النظام السوري، حيث يؤدي القنص في الأغلب إلى شلل في جسم الإنسان، وهذه الحالات حرجة جدا بسبب عدم توفر أطباء مختصين".
وأضاف: "بسبب قلة الكوادر، اضطررنا إلى إنشاء دورات إسعافية وعلاج فيزيائي للذكور والإناث ووصل عدد الممرضين إلى 25 شخص، مع صعوبة الوضع الذي عشناه في الحصار وشدة القصف العنيف".
وأشار إلى أنه كان يتم الذهاب إلى منازل المصابين بسبب عدم قدرة المصاب للحضور إلى المركز، "على الرغم من قلة الإمكانية وقلة المعدات الطبية التي كانت بحوزتنا، لجأنا إلى الأدوات البسيطة واليدوية كالتدليك بالزيت والحركات البسيطة التي تساعد المصاب على النهوض من جديد ولو بأبسط الأمور".
وتابع نصر حديثه قائلآ: "قمنا بإحضار بعض الأدوات الطبية البسيطة من مشفى دوما بعد تعرضه للقصف من قبل طائرات النظام السوري، وعند نهوضنا من جديد، بدأ المركز يعمل بشكل دائم، وأصبح لدينا شهرة بسيطة داخل الأحياء المحاصرة، وهنا اضطررت للخروج من الغوطة الشرقية باتجاه مدينة دمشق، لإحضار بعض الأدوات الطبية وإيجاد طريقة مناسبة لدخولها إلى الأحياء المحاصرة وإيصالها إلى المركز".
ويبين أنه "عندما جلبت تلك الأدوات لم أستطع العودة إلى الغوطة الشرقية بسبب تشديد الحصار والتطويق الأمني عليها، عندها اضطررت للذهاب إلى الشمال السوري لمتابعة المجال الطبي وإنقاذ المدنيين الذين قصفوا بطائرات النظام وحلفائه الروس في محافظة إدلب وريفها، واستطعت الوصول إلى محافظة إدلب وبحوزتي الأدوات الطبية مقابل دفع مبالغ هائلة لحواجز النظام، ومن ثم قمت بإنشاء مركز
علاج فيزيائي صغير في محافظة إدلب، وبدأت من جديد على الرغم من الإصرار والعزيمة بالصمود في
سوريا وعدم السفر إلى تركيا ودول أخرى لمتابعة المسير في الثورة حتى الرمق الأخير".
بدوره، قال ياسر أبو عمار، الإداري في مركز العلاج الفيزيائي لــ"عربي21": التقيت بصديقي الطبيب عبد الله النصر، وتحدث لي عن نيته إنشاء مركز للعلاج الفيزيائي في محافظة إدلب، وبدأنا بإنشاء المركز، وكان بحوزة الطبيب أدوات طبية ليست متوفرة في الشمال السوري إلا عند بعض المشافي غير المجانية".
وأضاف: "قررنا عدم تسمية المركز خوفا من القصف والعبوات الناسفة. ونقوم بنقل المركز من حين إلى آخر، ولله الحمد أصبح إقبال كبير على المركز، عن طريق الأطباء الذين على صلة معهم، ومنهم متواجد بالداخل ومنهم بالخارج".
وأوضح أنه "قامت بعض المنظمات الإنسانية بمساعدتنا بأدوات طبية للإستمرار في العمل، وإصرارنا على أن يكون المركز مجانيا بسبب الظروف المعيشية الصعبة التي يشهدها الشمال السوري بأكمله".
من جهته، قال أحد الآباء، رفض الكشف عن هويته لأسباب أمنية: "تعرض منزلي للقصف من الطيران الروسي في مدينة إدلب، وعلى أثرها أصيب ولدي بشلل نصفي، حاولت إخراجه إلى تركيا ولكن تكاليف خروجه كبيرة بالنسبة لي، ولا أمتلك مثل هذه المبالغ المالية".
وأضاف لـ"عربي21": "اضطررت للذهاب إلى المشافي، فأخبرني طبيب عن هذا المركز ومعالجته المجانية. ذهبت إليه، وبدأ ولدي بالمعالجات الفيزيائية وعلى أثرها شعر بالتحسن الكبير. وحينها اطمأن قلبي على ولدي، وكانت معاملة الأطباء جيدة، وهذا ما كنت أبحث عنه".