نشر موقع "ميدل إيست آي" البريطاني تقريرا، تحدث فيه عن اضطرار مئات المسلمين
الشيعة في
العوامية لترك منازلهم وسط الاشتباكات وعمليات الإخلاء القسري، من قبل السلطات
السعودية.
وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته "
عربي21"، إن الحكومة السعودية أجلت قسرا سكان مدينة العوامية التي تشهد اضطرابات عنيفة. ففي الواقع، تعيش العوامية على وقع اشتباكات بين الجنود ومجموعات مسلحة في المدينة القديمة.
وقد أسفرت هذه المواجهات عن مقتل سبعة أشخاص على الأقل من بينهم ضابطان من الشرطة. ووفقا لجريدة "الحياة" العربية، استنجد العديد من السكان والمزارعين من العوامية بالحكومة السعودية لمساعدتهم على الفرار من موجة العنف الدائرة في المدينة.
ووفقا للعديد من النشطاء، طرد سكان مدينة العوامية من منازلهم وممتلكاتهم التي استولت عليها شركات تنمية خاصة، في حي المسورة التاريخي. وأظهرت صورة أرسلها ناشط من العوامية إلى موقع "ميدل إيست آي" قرار مصادرة أحد المنازل في حي الشويكة الذي يقع على بعد حوالي ستة كيلومترات جنوب حي المسورة.
وأشار الموقع إلى أن هذا الأمر صادر عن مجموعة البراهيم للتطوير العقاري، كما يحمل ختم اللجنة الوطنية المشتركة لمكافحة الإرهاب. وقد تم تشكيل هذه الهيئة في سنة 2003، على خلفية الهجمات التي شنها مقاتلو تنظيم القاعدة في البلاد. وتظهر الوثيقة قائمة بالمتطلبات التي يجب على السكان تقديمها للسلطات المحلية حتى يتم إجلاؤهم.
وتجدر الإشارة إلى أن مدينة العوامية كانت منذ فترة طويلة مهد الاحتجاجات من قبل الأقلية الشيعية في السعودية. ويعتبر رجل الدين الشيعي "نمر باقر النمر"، الذي أعدمته الحكومة السعودية في سنة 2016، أصيل هذه المدينة، التي شهدت العديد من المظاهرات الاحتجاجية والاضطرابات الاجتماعية المتكررة.
إقرأ أيضا: إندبندنت: حرب وظروف مروعة وتعتيم ببلدة العوامية السعودية
وفي هذا السياق، نقلت صحيفة "الحياة" العربية عن محافظ القطيف، فلاح الخالدي قوله إن "مجموعة من العقود تم توقيعها للحصول على شقق مفروشة في مدينة الدمام لإيواء الراغبين في مغادرة الأحياء القريبة من المسورة". في المقابل، أكدت تقارير منبثقة عن مواقع التواصل الاجتماعي ونشطاء حقوقيين أن العديد من هؤلاء المشردين لم يتم إعادة توطينهم من جديد.
وأورد الموقع على لسان ناشط سعودي أصيل مدينة العوامية يدعى أمين نمر، أن "ما رأيته، منذ اليوم الأول، كان بمثابة عقوبة جماعية تنطوي على خطة محكمة تهدف إلى تشريد المئات من المتساكنين بصفة قسرية من منازلهم".
وصرح المصدر ذاته أن "عملية إخلاء المدينة وتدميرها كانت في الحقيقة ذات دوافع سياسية، ولم تكن على خلفية أسباب تنموية أو عمليات إرهابية". وتابع أمين نمر أن "هذه الإجراءات لا علاقة لها بأي عوامل تنموية بل تكشف عن رغبة السلطات في معاقبة هذه المدينة، وذلك نظرا لأنها كانت من ضمن المدن التي دعت بصوت عال إلى احترام حقوق الإنسان، والقيام بإصلاحات جذرية منذ سنة 2011".
وأشار الموقع إلى أن الوضع في محافظة القطيف كان متأزما منذ فترة طويلة نتيجة للقيود الصارمة التي فرضتها السلطات السعودية على حرية الإعلام والصحافة في تلك المنطقة. وفي هذا الصدد، ذكرت وكالة "رويترز" في وقت سابق من هذه السنة أن وسائل الإعلام الأجنبية لا يمكنها أن تزور المنطقة، إلا إذا كانت مصحوبة بمسؤولين حكوميين، وذلك بعلة أسباب أمنية.
وأفاد بأن ناشطين محليين وجهوا أصابع الاتهام لقوات الأمن، على خلفية دفع السكان للفرار من العوامية عن طريق إطلاق النار، بصفة عشوائية، على المنازل والسيارات أثناء مواجهتهم للجنود المسلحين في المنطقة. وأكد هؤلاء الناشطون أن العديد من المنازل والمحلات التجارية أحرقت وتضررت بسبب القتال الدائر في المدينة.
اقرأ أيضا: فرار مئات من بلدة سعودية واشتباك بين الأمن ومسلحين(فيديو)
وأضاف الموقع أنه وعلى الرغم من إنشاء لجان محلية للمحافظة على سير عمل بعض الخدمات في المدينة، إلا أنه أصبح من الصعب على الكثير من المتساكنين البقاء في المدينة، نظرا لانعدام خدمات الكهرباء أو المياه أو جمع القمامة أو خدمات إطفاء الحرائق.
ونقل "ميدل إيست آي" وجهة نظر مستشار السياسة في الشرق الأوسط، أندرو هاموند، الذي صرح أن "إخلاء العوامية من ساكنيها قد يكون جزءا من إستراتيجية تهدف لإحداث تغيير ديموغرافي في هذه المدينة الشيعية التي تقوض استقرار المملكة العربية السعودية". وأضاف هاموند أن "هذا السيناريو قد حدث سابقا في كل من البحرين وفلسطين".
وأفاد المصدر ذاته بأن "القتال في هذه المدينة ساهم في تشتيت الأنظار عن الاضطرابات السياسية التي يعيشها القصر الملكي السعودي بعد أن عزل ولي العهد السابق محمد بن نايف من منصبه، ليحل محله ابن الملك الحالي، محمد بن سلمان. وقد كان من المقرر أن يغادر بن نايف البلاد في الأسابيع الأخيرة إلا أنه لم يفعل ذلك".
وتطرق الموقع إلى أن كندا أعلنت الأسبوع الماضي أنها ستبحث في إمكانية توظيف معداتها في خضم عمليات القطيف، وذلك في أعقاب صدور تقرير نشرته صحيفة "غلوب أند ميل"، كشف أن سيارات مدرعة خفيفة باعتها كندا إلى السعودية شاركت في الاشتباكات.
وفي الختام، أورد الموقع نقلا عن المتحدث باسم وزيرة الخارجية الكندية كريستيا فريلاند أن "الوزيرة تشعر بقلق بالغ إزاء هذا الوضع وطلبت من المسؤولين إعادة النظر في حقيقة ما يحدث هناك على الفور. وفي حال تبين أن المدرعات الكندية قد استخدمت لارتكاب انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان، فستتخذ الوزيرة إجراءات صارمة في هذا الصدد".