تؤكد التقديرات الإسرائيلية أن أزمة المسجد
الأقصى الأخيرة أحدثت شرخا في صورة
نتنياهو التي يطلق عليها "سيد الأمن"، وهو ما ستدفعه للتوجه خلال الفترة القادمة نحو اليمين في خطواته ضد الفلسطينيين؛ بهدف كسب دعم الجمهور الإسرائيلي.
استعادة قوته
وأكد أستاذ العلوم السياسية، هاني البسوس، أن "هناك ضغوطا سياسية كبيرة، داخلية وأخرى إقليمية، على رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو عقب أحداث مدينة
القدس والمسجد الأقصى".
وأوضح في حديث لـ"
عربي21" أن رئيس الوزراء الإسرائيلي "يحاول أن يواجه تلك الضغوط ويعمل على استعادة قوته وفرض عضلاته في مجال تشديد العقوبات والانتقام من الفلسطينيين".
كما أوضحت جهات تعمل إلى جانب رئيس الحكومة الإسرائيلية أن "نتنياهو اليوم يختلف عن نتنياهو بالأمس"، وفق ما نقله موقع "المصدر" الإسرائيلي، الذي لفت إلى أن "عاصفة
البوابات الإلكترونية والشعور بالإحباط لدى الجمهور الإسرائيلي، في ظل أداء المنظومة السياسية برئاسة نتنياهو، بدأت تلقي بظلالها".
كما أشارت استطلاعات الرأي، خلال الأسبوع الماضي، إلى أن غالبية ساحقة من الجمهور غاضبة من إدارة الأزمة، وتعتقد أن "الخنوع" للفلسطينيين في هذه القضية هو "خطأ فادح"، ومن المعروف أن نتنياهو يولي اهتماما باستطلاعات الرأي، لا سيما لآراء الجمهور اليميني الذي يشكل مصدر دعمه.
فنتنياهو سعى لتسويق نفسه أثناء حملته الانتخابية بصفته "سيد الأمن، والخبير القادر على الصمود أمام العرب والأمريكيين عند الحاجة، كما فعل في عهد أوباما".
وأشار الموقع إلى أن طاقما خاصا يتابع الرأي العام -كما يظهر في شبكات التواصل الاجتماعي- يعمل في مكتب نتنياهو، وكان من الصعب عليه خلال الأيام الماضية العثور على تأييد لنتنياهو في تلك الشبكات.
ونوه الموقع بأن "معظم الإسرائيليين يعتقدون أن الانسحاب في ظل العنف الفلسطيني عار، ووجّه اليسار الإسرائيلي انتقادا حول إدارة الحكومة للأزمة الأخيرة، إضافة لظهور الخلافات في القيادة أمام الجميع".
هناك فشلان
وتسببت نتائج الاستطلاعات بردود فعل لنتنياهو "مبالغة، وحتى أن هناك من يدعي أنها جنونية؛ فلقد صرح نتنياهو تصريحات يمينية وهجومية، مثل دعم عقوبة الموت لمنفذي العمليات من الفلسطينيين، وهناك تسريبات تشير إلى أنه قال للأمريكيين إنه يفكر في تبديل المناطق المؤهلة بالكثير من العرب في إسرائيل بمستوطنات في الضفة الغربية".
وبالنسبة للتسريب الأخير حول تصريحات نتنياهو ضد العرب في الداخل الفلسطيني المحتل، أكد الموقع أن هذا "يدل على أنه يولي اهتماما للشعور الصعب لدى الجمهور الإسرائيلي في ظل الحقيقة أن مواطنين إسرائيليين كانوا شعلة للمواجهات الأخيرة (منفذو عملية القدس الأخيرة)".
وكشفت أزمة البوابات الإلكترونية "إخفاقات كثيرة في اتخاذ القرارات الإسرائيلية، ولكن، هناك فشلان بارزان، هما؛ أولا: الشرخ بين زعماء المنظومة الأمنية الإسرائيلية الذين يعربون عن موقف يساري عند مواجهة الفلسطينيين، مقارنة ببعض نواب المجلس الوزاري الإسرائيلي المُصغّر للشؤون السياسية والأمنية من اليمين، الذين يخشون من أن يظهر التنازل للفلسطينيين كخنوع للعنف"، بحسب الموقع.
والفشل الثاني، "مرتبط بحقيقة أن الأمريكيين لا يعملون وسيطا ناجعا بين الجانبَين، كما أن الملك الأردني لم يفقد صوابه من أجل إنهاء الأزمة، إضافة إلى ذلك، لم ترغب الدول العربيّة مثل مصر والسعودية في أن تحقق إسرائيل إنجازا، ولكن بالمقابل لم ترغب أيضا في أن تحقق الحركة الإسلامية في إسرائيل إنجازا".
وقال الموقع: "هذه الأسباب كلها كانت مصدر صعوبة لدى نتنياهو في حل الأزمة بما يرضي كلا الجانبين"، مؤكدا أن التقديرات الإسرائيلية تشير إلى أن "نتنياهو سيتجه في الفترة القادمة إلى اليمين في خطواته؛ بهدف كسب دعم الجمهور مجددا، ولكن يبدو أن الأزمة أحدثت شرخا في صورته التي يسوقها، كما أن هناك شكا في قدرته على تحسين صورته".