كيف استغل نظام السيسي الفيديو الفاضح لغادة عبدالرازق؟

نجح مقطع فيديو فاضح للممثلة المصرية غادة عبدالرازق، في شغل ملايين المصريين عن أزمة أسعار الوقود التي اندلعت عقب قرار حكومة الانقلاب برفعها الخميس الماضي.

وتزايدت الاتهامات للنظام الحالي بالوقوف وراء واقعة الفيديو الفاضح هذه، للتخفيف من الغضب الشعبي والاحتقان المتزايد، حيث جاءت في ذروة شعور المصريين بالسخط تجاه قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي.

وكانت غادة عبد الرازق قد ظهرت في فيديو على الهواء عبر الإنترنت، السبت الماضي، لم تتجاوز مدته الدقيقتين، مرتدية ثيابا غير لائقة؛ تسببت في ظهور أجزاء حساسة من جسدها دون أن تدري، بسبب حالة السُكر الواضحة التي كانت فيها، بحسب نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي.

وبعد أن تعرضت الممثلة لهجوم شديد من قبل متابعيها؛ قامت بحذف الفيديو، إلا أنه كان قد انتشر كالنار في الهشيم على شبكة الإنترنت؛ ليتداوله آلاف الأشخاص خلال دقائق معدودة.

وأكدت غادة عبدالرازق في تصريحات صحفية، أن الفيديو "مفبرك"، مشيرة إلى أنها ستتخذ إجراءات قانونية تجاه من قاموا بنشره.

عصا موسى

ونجح الفيديو في تحويل بوصلة اهتمام مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي؛ من التعبير عن غضبهم إزاء رفع أسعار الوقود، أو حتى التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير للسعودية، ليصبح البحث عن الفيديو الجديد ومشاهدته والتعليق عليه الشغل الشاغل لملايين المصريين، حتى شبهه البعض بعصا موسى التي تحولت لثعبان ضخم ابتلع ثعابين السحرة.

وأظهرت الإحصائيات تصدر اسم غادة عبدالرازق عمليات البحث على محركات البحث من جانب المستخدمين في مصر خلال الـ48 ساعة الماضية، وأصبح هاشتاغ #لايف_غادة_عبدالرازق الأعلى تداولا، متجاوزا جميع اهتمامات رواد مواقع التواصل الاجتماعي الأخرى.

تفسيران

وانقسم الرأي العام في مصر بين فريقين؛ الأول يضم متعاطفين مع الممثلة، وأغلبهم من زملائها ومؤيدي الانقلاب، حيث قالوا إن الواقعة عفوية وغير مقصودة، مؤكدين على فضيلة الستر وعدم الخوض في الأعراض.

ورأى الفريق الثاني، وهم الأكثرية بحسب مراقبين، أن الأمر مدبر من قبل النظام؛ بهدف إلهاء المصريين، وخاصة الشباب مستخدمي الإنترنت، في شيء آخر بعيدا عن انتقاد النظام، والتعبير عن السخط من قراراته الاقتصادية، والتي وصلت إلى حد غير مسبوق منذ انقلاب تموز/ يوليو قبل أربع سنوات.

وسرد أصحاب هذا الرأي حوادث سابقة مشابهة استخدمتها الأنظمة العسكرية السابقة في مصر خلال العقود الماضية، لتوجيه الرأي العام، من بينها الفيديو الجنسي لرجل الأعمال حسام أبو الفتوح مع الراقصة دينا، والذي تم تسريبه للإنترنت بعد القبض على أبو الفتوح، رغم وجود الفيديو في حيازة أجهزة الأمن.

تضحية من أجل الشعب

وأعرب كثير من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي عن اعتقادهم بأن الفيديو الفاضح يهدف إلى شغل الرأي العام عن موجة الغضب تجاه زيادة أسعار الوقود.

وعلق أحد النشطاء من خلال هاشتاغ #لايف_غادة_عبدالرازق، قائلا: "شكر خاص للفنانة غادة عبدالرازق على محاولتها الجادة لتحسين المود العام للمصريين في الظروف الصعبة دي".

وسخر آخر بالقول إن "غادة عبدالرازق طول عمرها حاسة بمعاناة الشعب والله". 

وعقب ثالث: "غادة عبدالرازق هي أكتر واحدة تنطبق عليها أغنية (اللي ضحى لأجل وطنه)، قلعتلنا ملط عشان نتلهي فيها شوية، بدل ما ننفجر من زيادة الأسعار".

استغلال وليست مبادرة

وتعليقا على هذا الموضوع؛ قال أستاذ العلوم السياسية عبدالخبير عطية، إن المقطع الفاضح "شغل الناس عن مشاكلهم السياسية والاقتصادية، وأهمها رفع الأسعار"، مشيرا إلى أن "وسائل التواصل الاجتماعي لم يكن لها حديث طوال اليومين الماضيين سوى عن هذه الفضيحة".

لكنه استبعد أن يكون النظام هو الذي يقف وراء نشر الفيديو، مشيرا إلى أن "غادة عبدالرازق ممثلة مشهورة، وتتابعها أعداد كبيرة، وهي التي بثت الفيديو المباشر لنفسها بهذه الملابس المكشوفة، ولم يتم تسريب الفيديو دون علمها".

ورجّح عطية في حديثه لـ"عربي21" أن يكون أتباع النظام على مواقع التواصل الاجتماعي قد استغلوا هذا الفيديو، وساهموا في نشره على نطاق واسع؛ لإلهاء الناس عن أزمة ارتفاع الأسعار، لافتا إلى أن "المجتمع لديه هوس جنسي، ومولع بمتابعة فضائح المشاهير، وهذا سبب انتشار الفيديو".

من جانبه؛ رأى الباحث السياسي جمال مرعي أن "النظام استغل هذه الواقعة بحرفية شديدة"، مشيرا إلى أنه "لا توجد أي دلائل قوية على أن النظام هو الذي افتعل الأزمة من البداية؛ لأن الفيديو ليس مفبركا، وهي نشرته بكامل إرادتها على حسابها الخاص".

وقال مرعي لـ"عربي21" إن "النظام يعرف طبيعة المجتمع المصري، وأنه من أكثر شعوب العالم متابعة للمواد الإباحية وفضائح الفنانين، ويعلم جيدا أن فضيحة لممثلة بشهرة غادة عبدالرازق كافية لإشعال فتيل الأزمة ويترك الباقي للناس، وهذا ما قامت به اللجان الإلكترونية التابعة للنظام، والتي كثفت مجهوداتها في نشر هذا الفيديو على مواقع التواصل الاجتماعي، حتى تشغل الناس بشيء آخر غير مهاجمة السيسي".