يبدو المسار الراهن في سوق
العملات الدولية في غير مصلحة
الدولار الأمريكي، فقد تحسنت أوضاع معظم العملات الدولية الرئيسة نتيجة انخفاض سعر صرف العملة الأمريكية، الذي تراجع نحو 6 في المائة منذ بداية العام.
ورغم إسهام مجموعة من العوامل في انخفاض سعر صرف الدولار، فإن تصريحات ماريو دراجي، محافظ البنك المركزي الأوروبي لعبت دورا مهما في تعزيز قيمة العملات الأخرى، وخاصة اليورو في مواجهة نظيره الأمريكي.
فخلال كلمته التي ألقاها في منتدى السياسة السنوي للبنك المركزي الأوروبي في سينترا في البرتغال، سلط دراجي الضوء على التعافي الاقتصادي في منطقة اليورو، وقال إن قوى الانكماش قد تراجعت، وإن معدلات التضخم في ارتفاع، ولكنه أضاف أن سياسات التحفيز الكمي ممثلة في الدعم النقدي الذي يقدمه البنك المركزي الأوروبي لاقتصادات منطقة اليورو لا تزال هناك حاجة ماسة إليها.
واستقبلت أسواق الصرف العالمية تلك التصريحات بترحيب حذر، وهو ما لعب دورا مهما في ارتفاع سعر صرف العملة الأوروبية الموحدة في مواجهة الدولار، إذ ارتفع اليورو بنحو 0.1 في المائة ليصل إلى 1.1197 دولار، كما تحسن أيضا وضع الإسترليني بالنسبة ذاتها.
ووفقا لصحيفة "الاقتصادية"، قال إيان أكاس، المحلل المالي في بورصة لندن، إن المشهد الراهن غير مقلق بالنسبة لمسيرة الدولار على الأمدين المتوسط والطويل، ولكنه مع ذلك يدعو إلى متابعة الموقف بدقة، خشية حدوث تحولات غير متوقعة تؤدي إلى مزيد من التراجع أو الارتفاع في سعر صرف العملة الأمريكية، ما قد يربك سوق العملات بصفة عامة.
وأضاف: "ما يحدث الآن من تراجع في سعر صرف الدولار، نتيجة طبيعية للتقلبات المؤقتة في الأسواق، ولا يوجد أي تغيرات جذرية في المشهد العام تدعو إلى القلق، من أن نشهد انخفاضا حادا في سعر صرف العملة الأكثر تداولا في العالم".
لكن رغم ذلك، إلا أنه يجب متابعة التغيرات الجارية في ميزان المدفوعات الأمريكي، وكذلك سياسات مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي فيما يتعلق بسعر الفائدة، حيث إنه إذا أبقى المجلس على أسعار الفائدة الراهن حتى نهاية العام، فالمتوقع أن تشهد أسعار صرف الدولار مزيدا من التراجع، أما إذا تم رفع أسعار الفائدة فسيكون هناك تغيرات معاكسة في مسيرة سعر صرف العملة الأمريكية، وسيرتفع سعر الدولار في مواجهة العملات الدولية الأخرى.
ومع هذا يعتقد بعض المصرفيين أن الدولار قد يواجه مصاعب جمة خلال الفترة المقبلة، وأن التراجع الحالي مؤشر أولي على أن مسيرة سعر صرف العملة الأمريكية ستواجه مستقبلا وضعا أكثر سوءا، بل إن بعضهم يحذر من اقتناء الدولار في الوقت الراهن مطالبا بالتريث حتى تتضح الصورة.
يشير أندرو اليجاري، الاستشاري المصرفي، إلى أنه من المبالغة القول إن الدولار عرضة للانهيار، لكنه مع ذلك يتبنى وجهة نظر سلبية تجاه مستقبل العملة الأمريكية.
وأضاف أن الدولار هو العملة الأسوأ أداء منذ بداية العام، حيث إنها حتى الآن خسرت نحو 6 في المائة من قيمته منذ مطلع العام الجاري.
ويلفت إلى أنه لا شك أن هذا الوضع مريح نسبيا لمعظم القطاعات في الاقتصاد الأمريكي التي تعتمد على التصدير للخارج، إذ يسمح لها بزيادة صادراتها إلى الخارج، لكنه يعد وضعا سلبيا للقطاعات التي تعتمد على استيراد المواد الخام من الخارج، لأنه يرفع تكلفتها الإنتاجية.