"تهدّد الفجوات الهائلة في التمويل إمكانيّة تقديم المساعدة لـ9 ملايين طفل في
سوريا والبلدان المجاورة"، هذا كان عنوان تقرير اليونيسيف الذي تحدث عن وشك توقف برامجها والتي يستفيد منها 9 ملايين طفل سوري داخل سوريا وفي دول الجوار، بسبب النقص الحاد في التمويل.
وبحسب التقرير، فإن اليونيسيف طلبت تمويلا لتغطية برامجها في عام 2017 يقدر بـ1.4 مليار دولار، إلا أنها لم تتلق سوى أقل من 25 بالمئة من المبلغ المطلوب، وهو ما أكدته مديرة الإعلام في المكتب الإقليمي لليونيسيف في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا "جولييت توما".
وأوضحت "توما" في حديث خاص لـ"
عربي21"، أنهم يقومون بطلب التمويل من عدة جهات، تبدأ بالدول المانحة، ودور الأفراد المتبرعين لبرامج اليونيسيف، إضافة للشراكات مع القطاع الخاص والتي تدعم برامج اليونيسيف أيضا.
وفي السياق ذاته، قال خيرت كابالاري، مدير مكتب
اليونيسف الإقليمي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: "هذه أكبر فجوة تمويلية تتعرض لها اليونيسف منذ أن بدأنا الاستجابة للأزمة الإنسانية في سورية، والتي تعتبر أكبر عملية إنسانية في تاريخ المنطقة، حيث تزداد الاحتياجات الإنسانية يوميا في سورية وفي المناطق المجاورة".
وذكر التقرير أنه وبعد سبعة أعوام من الحرب في سورية دون بوادر تلوح في الأفق لوضع حل لها، فقد أصبحت أكبر أزمة إنسانية وأزمة نزوح يشهدها العالم منذ الحرب العالمية الثانية، وفي هذا قالت جولييت توما: "هناك 6 ملايين طفل داخل سورية بحاجة للمساعدة والتي تغطيهم برامج اليونيسف، بينما هناك 2.5 مليون طفل يعيشون كلاجئين عبر الحدود في دول الجوار"، مشيرة بذلك إلى الأردن، تركيا، العراق، لبنان إضافة إلى مصر.
وأكدت "توما" أن اليونيسف طالبت بتمويل سريع و ملح يُقدر بـ220 مليون دولار، والتي سيتم إنفاقها في القطاعات الأربعة التي تعمل فيها، في الداخل السوري ودول الجوار، وهي المياه والصرف الصحي، الصحة والتغذية، التعليم وبرامج الدعم النفسي التي تقدم للأطفال المتعرضين لصدمات نفسية بسبب الحرب.
وفي سياق متصل، حذر التقرير من أن عدم توفر دعم يُقدم لليونيسف سوف يتعرض برامجها للتوقف، والتي وصفها بالمنقذة للحياة، مركزا على العواقب الوخيمة الممكثة الحصول على الأطفال السوريين والمجتمعات المضيفة في حال عدم توفر التمويل، وأن أهم هذه البرامج هي: خدمات المياه الصالحة للاستعمال والصرف الصحي لـ 1.2 مليون طفل يعيشون في المخيمات والمستوطنات غير الرسمية وفي المجتمعات المضيفة، إضافة للرعاية الصحية، وعلاجات التغذية الأساسية لقرابة 5.4 ملايين طفل، بمن فيهم الأطفال في المناطق السورية المحاصرة والتي يصعب الوصول إليها، حيث تعاني من نقص حاد في الإمدادات الأساسية اللازمة لرعاية الطفل، مضيفا أن المعونات النقدية للأسر تساعد على إبقاء قرابة نصف مليون طفل في المدارس، وأيضا توزيع الملابس والبطانيات في موسم الشتاء.
فيما أردف التقرير أنه "مع نفاد الموارد المالية، فقد أصبحت الأسر السورية في الداخل السوري ودول الجوار تعتمد بشكل متزايد على
المساعدات الدولية، وبسبب نقص التمويل، فإن هذه الأسر –خصوصا داخل سورية- تضطر لاتخاذ تدابير صارمة وخطيرة تجاه أطفالها للبقاء على قيد الحياة، مثل عمالة الأطفال، وتجنيد الأطفال للقتال، وكذلك الزواج المبكر، وبالإمكان توجيه المسار باتجاه معاكس يمنع من ضياع جيل كامل" كما قال كابالاري.
وحول ما تقوم اليونيسف بعمله لتفادي العواقب الممكنة الحصول، قالت توما: "من أجل ذلك نسعى لرفع الوعي لدى المهتمين لتدقيم الدعم المطلوب"، مشيرة إلى أن المبلغ المطلوب بشكل مستعجل 220 مليون دولار سيكفي استمرار برامج اليونيسف الأساسية حتى نهاية العام الجاري.
وفي السياق ذاته، طالبت اليونيسف عبر تقريرها، الذي نشرته في منتصف حزيران/ يونيو الجاري، باتخاذ عدد من الإجراءات العاجلة، منها وضع حد للحرب في سورية، وإلا فإن الاحتياجات الإنسانية لملايين الأطفال والأسر ستستمر في التزايد، إضافة لمنح الأولوية لحماية المدنيين والحفاظ على حقوق الأطفال داخل سورية وفي دول الجوار، مطالبة أيضا بضرورة التحسين في الخدمات والبنية التحتية مثل الرعاية الصحية والتعليم والمياه في الدول المضيفة للاجئين، ليس من خلال زيادة التمويل فقط، بل بالوسائل التقنية التي تساعد على استيعاب عدد أكبر من الأطفال، إضافة لتقديم الدعم المالي للمنظمات التي هي بحاجة إليه، مثل اليونيسف، للاستمرار بتقديم المساعدات المنقذة للحياة داخل سورية وفي الدول المضيفة.
وفي إطار إدخال اليونيسف للمساعدات إلى سورية، ذكرت توما لـ"
عربي21" أنهم يواجهون معوقات في ذلك، أهمها الشروط التي يتم فرضها على اليونيسف من قبل جهات الصراع المتعددة، وفي هذا أكد ناشطون أن هناك جهات داخل سورية مثل
المليشيات الإيرانية والعراقية وحتى قوات النظام السوري، تقوم أحيانا بمنع وصول مساعدات اليونيسف إلى بعض المناطق لفرض ضغط محدد عليها وخصوصا في المناطق التي تخضع لحصار المليشيات المذكورة.
فيما أشارت توما إلى أن مساعدات اليونيسف وصلت في العام الماضي لقرابة مليار دولار، حيث يشرح التقرير أنه تم إمداد أكثر من 14 مليون شخص داخل سورية بالمياه الصالحة للاستعمال، وتلقيح أكثر من 18 مليون طفل ضد شلل الأطفال، ودعم ما يقارب 4 ملايين طفل لمواصلة تعليمهم، وشرح المخاطر من مخلفات الحرب غير المتفجرة لـ1.8 مليون طفل ولأسرهم، وتزويد أكثر من نصف مليون طفل بالدعم النفسي الاجتماعي المتخصص وبالحماية، بما في ذلك العمل على لم شمل الأسر وتوفير خدمات الرعاية البديلة، إضافة لمساعدة 1.7 مليون طفل وأسرهم على الحصول على الرعاية الصحية الأولية.