تتفاقم أزمة
الاقتصاد السعودي بصورة مضطردة منذ ثلاث سنوات حيث تبين أن الاحتياطي النقدي المتوافر لدى المملكة تراجع بنحو الثلث خلال هذه الفترة، أي بمعدل 10% سنويا، وهي نسبة ضخمة قد تؤدي في النهاية إلى تداعيات اقتصادية كبيرة من بينها اضطرار الحكومة إلى تعويم سعر صرف الريال، وبالتالي انهيار العملة المحلية.
وقالت مجلة "ذا أتلانتيك" الأمريكية في تقرير لها اطلعت عليه "
عربي21" وترجمته من مصدره الأصلي إن "معدل تراجع الاحتياطي هذا العام حيَّر خبراء الاقتصاد الذين لا يرون ما يشير إلى زيادة في الانفاق الحكومي، الأمر الذي أدى إلى التكهن بأن السبب في ذلك هو تهريب رأس المال، إضافة إلى تكاليف الحرب التي تشنها
السعودية في اليمن".
وتلفت المجلة الأمريكية إلى أن مؤسسة النقد العربي السعودي (البنك المركزي) أعلنت في الثامن والعشرين من أيار/ مايو الماضي أن صافي موجوداتها من العملات الأجنبية في شهر نيسان/أبريل تراجع إلى ما دون الـ500 مليار دولار لأول مرة منذ سنوات (وصل تحديدا إلى 493 مليار دولار)، وبذلك تكون احتياطيات المملكة العربية السعودية من العملات الأجنبية قد انخفضت على مدى الأعوام الثلاثة الماضية بنحو الثلث بعد أن كانت قد وصلت إلى أكثر من 730 مليار دولار في العام 2014.
وتضيف المجلة أنه يمكن تلخيص الأمر ببساطة من خلال القول إن سياسات المملكة العربية السعودية التي تستهدف مناهضة إيران لعبت دورا بارزا في استنفاد احتياطيات المملكة من العملات الأجنبية.
وتشير المجلة إلى أنه في الشهور الأربعة الأولى من عام 2017 -على سبيل المثال- كانت احتياطيات السعودية قد انخفضت بما يقرب من 36 مليار دولار، بحسب بيانات وكالة "بلومبيرغ" للأخبار، ويمثل هذا الرقم ما يقرب من 7% من موجودات البلاد الأجنبية، وذلك على الرغم من إجراءات التقشف التي فُرضت منذ العام الماضي.
وتتابع المجلة: "لو بقيت أسعار النفط هذا العام تتراوح حول معدل 40 دولارا للبرميل فسوف ينجم عن ذلك مزيد من الاستنزاف للقدرات المالية السعودية، وهذا يدفع إلى التساؤل عما إذا كان السعوديون يستطيعون تحمل مشتريات ضخمة جديدة من الأسلحة الأمريكية. وبالفعل، فقد رآى عدد من الخبراء أن الصفقات التي تم الحديث عنها ما هي إلا "أخبار كاذبة"، أي عبارة عن تجميع لخطابات نوايا قديمة قد لا تتحقق في أرض الواقع ولكن أعلن عنها لمنح ترامب شيئاً يتباهى به أمام الناس".
ويقول تقرير المجلة إنه "لا ينبغي أن ينسى المرء أنه منذ عام 2014 وحتى العام الماضي رفضت المملكة العربية السعودية تخفيض إنتاجها من النفط بالرغم من تراجع الأسعار، وكانت حجة المملكة أنها كانت ترغب في حماية نصيبها من السوق بأي تكلفة بعد بروز منتجي الزيت الصخري في الولايات المتحدة. بمعنى آخر، لقد أرادوا سحق منتجي الزيت الصخري في أمريكا".
ويقول التقرير إنه ثمة إجماع بين المحللين والخبراء على أن إضعاف إيران كان جزءا من خطة السعوديين التي دفعتهم للاستمرار في ضخ النفط ورفض أي تخفيضات على الرغم من الفائض الذي كان يغطي الأسواق العالمية.
وتنتهي مجلة "ذا أتلانتيك" إلى القول إن المملكة العربية السعودية ستجد نفسها في مأزق خطير لو مضت قدماً في سياساتها المالية والسياسية الراهنة، كما أن مشاكل المملكة قد تتضاعف لو تعرضت للعزل وتم التخلي عنها في مسعاها لزعزعة إيران وفي نفس الوقت لم تتعافَ أسعار النفط خلال عام واحد من الآن.
وتأتي هذه المعلومات في تقرير المجلة الأمريكية في أعقاب الزيارة التي قام بها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى السعودية ووقع خلالها عقودا ضخمة بلغت قيمتها الاجمالية 470 مليار دولار أمريكي، وهي الصفقات التي أثارت انتقادات واسعة بسبب أنها جاءت في الوقت الذي تفرض فيه الحكومة السعودية على مواطنيها ضرائب متزايدة من أجل التغلب على العجز في الموازنة لديها.