جنرال عينته الرياض واحتجت عليه طهران

يتحدر من عائلة عسكرية، فوالده جنرال وكذلك شقيقه الجنرال صابر شريف الذي قتل خلال الحرب مع الهند.

يوصف بالعسكري المهني حيث لم يُظهر خلال قيادته للجيش الباكستاني أية طموحات سياسية.

ويقول مطلعون على سيرة الرجل العملية إن له سمعة الرجل المستقيم والجندي المهني الذي لا يتطلع إلى السياسية، وهذا عامل مهم في باكستان التي تعرضت لأكثر من انقلاب عسكري.

رجل باكستان القوي الجنرال المتقاعد رحيل شريف، المولود في مدينة كويته في باكستان عام 1956، بدأ عمله الجديد قائدا للتحالف العسكري الإسلامي الذي أعلنت عنه المملكة العربية السعودية في عام 2015 ويضم 39 دولة عربية وإسلامية.

بهدوء، وفي أواخر أبريل/نيسان الماضي، وصل وأسرته إلى الرياض لتولي العمل دون ضجيج أو رسميات، لكن منصب بحجم قائد "الناتو الإسلامي" لم يمض دون إطلاق النيران أو إثارة التساؤلات من هذا العاصمة أو تلك هناك.

القائد السابق للجيش الباكستاني، توجه إلى السعودية بعد أن منحته السفارة السعودية في العاصمة الباكستانية إسلام آباد، تأشيرة متعددة الزيارات مدتها ثلاث سنوات.

كان آخر منصب عسكري تقلده شريف رئيسا لأركان الجيش الباكستاني في تشرين الثاني/نوفمبر عام 2013. وأحيل للتقاعد في تشرين الثاني/نوفمبر عام 2016.

وحين عين في منصبه شكك البعض في أن يكون شريف الخيار الأفضل لمنصب قائد الجيش.

وقبل ذلك تبوأ شريف موقع المفتش العام للتدريب في مقر القوات المسلحة في روالبندي، كما رأس الأكاديمية العسكرية الباكستانية.

وفي كلا المنصبين كان شريف على صلة بتقييم الإستراتيجية الحربية للجيش وتصميم برامج التدريب المستقبلية.

ويعتبر الكثيرون أن الجنرال لعب دورا أساسيا في توجيه التغيير في التفكير العسكري في باكستان منذ عام 2007، والذي بموجبه وجه اهتمام الجيش نحو قتال "طالبان" بدلا من التركيز على العدو التقليدي، الهند.

وقال ضابط رفيع المستوى لوكالة أنباء "رويترز" في تصريحات سابقة إن شريف لعب دورا مهما في إقناع قادة الجيش أن "طالبان باكستان" ومنظمات مسلحة أخرى تشكل خطرا أكبر على البلاد من الهند.

أعاد شريف تصميم برامج التدريب لتلائم مواجهة "الإرهاب الداخلي"، وقد طور برامج تدريبية لعمليات مواجهة المسلحين، ووضع الكثير من تلك البرامج موضع التطبيق.

وحتى لا يترك مستقبله للتكهنات أعلن شريف، الجنرال القوي والنافذ، حتى قبل تقاعده الفعلي أنه سيغادر منصبه عندما يحين موعد تقاعده في نهاية 2016.

وقال الجنرال شريف: "الجيش الباكستاني مؤسسة كبيرة، لا أؤمن بالتمديد وسآخذ تقاعدي في الوقت المقرر".

وخلف الجنرال شريف في 2013، الجنرال أشفق كياني، الذي مدد ولايته ثلاث سنوات، وقبله مدد الجنرال برويز مشرف، والجنرال ضياء الحق، اللذان توليا السلطة بعد انقلابين، ولايتيهما.

ويقول المحلل المختص بالشؤون الأمنية، طلعت مسعود، إن التزام الجنرال شريف، من شأنه تعزيز الديمقراطية في باكستان، ويوجه إشارة إلى السياسيين ولاسيما رئيس الوزراء نواز شريف.

ونعود إلى تحفظ إيران، على تعيين رحيل شريف، قائدا للتحالف العسكري الإسلامي، الذي تقوده السعودية.

فقد نقلت وكالة أنباء " إرنا" الرسمية عن السفير الإيراني لدى باكستان مهدي هوناردوست، قوله إن طهران أبلغت إسلام أباد رسميا، بأن لديها ملاحظات حول موافقة الأخيرة على تعيين شريف في هذا المنصب، دون توضيح هذه الملاحظات.

وأضاف السفير في تصريحات لوسائل إعلام باكستانية، أن الحكومة الباكستانية، وقبل منحها شهادة عدم الاعتراض لشريف بشأن توليه قيادة التحالف، أبلغت إيران بالأمر، لكن هذا لا يعني موافقة طهران على القرار الباكستاني.

وبموجب القانون الباكستاني، يتعين على أي مسؤول سابق، الحصول على موافقة وشهادة عدم اعتراض من قبل حكومة البلاد، قبل تقلده أي منصب رسمي جديد.

وأكد الدبلوماسي الإيراني أن بلاده أبلغت باكستان عدم انضمامها للتحالف، كما أنه لم يقدم أي اقتراح لانضمامها إلى هذا التحالف.

وكانت تقارير صحفية أفادت بأن شريف رفض في البداية قبول تعيينه على رأس التحالف ما لم تنضم إيران إليه.

وحسب مراقبين، كافحت باكستان لسنوات للحفاظ على تحالفها مع السعودية وإيران والإبقاء على الحياد، والتحالف الإسلامي العسكري هو آخر تعقيدات هذا الكفاح.

وقد اعتمدت المملكة العربية السعودية على الدعم العسكري الباكستاني لعقود، وفي الثمانينات، تم نشر آلاف القوات الباكستانية في المملكة، واستمرت الشائعات حول وعد من باكستان بالدفاع عن السعودية إذا لزم الأمر في أي وقت لعقود من الزمن، وكانت باكستان عضوا  في التحالف العسكري الإسلامي منذ إنشائه.

ومع ذلك، رفضت باكستان الطلبات السعودية بإرسال قوات برية للانضمام إلى الحرب في اليمن ضد المتمردين الحوثيين. وفي عام 2015، صوت البرلمان الباكستاني بالإجماع برفض الانضمام إلى التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن. 

ومن شأن تعيين شريف قائدا للتحالف أن يعزز مصداقية التحالف، وقام التحالف بتدريبات عسكرية واسعة النطاق في المملكة، رغم أن تجارب التحالفات العسكرية العربية والإسلامية السابقة أثبتت دائما أنّها كيانات هشة وجوفاء، تقدم الكثير من الكلام والقليل من الفعل والعمل المشترك.

ولم يشهد العالم الإسلامي منذ قرون عنفا طائفيا بين طرفيه الرئيسيين، السني والشيعي، بهذا الشكل المكلف والمدمر كما هو عليه اليوم. ويبدو أنّ الجنرال الباكستاني رحيل شريف قد دخل إلى مركز العاصفة، كما يشير التصعيد في المنطقة وتعقيد المشهد السوري وانزلاق العراق إلى مستنقع الطائفية أن التحالف الإسلامي سيجد نفسه في ساحة المعركة بوجود باكستان أو بغيابها.