مع تصاعد حدة التصريحات بين
تركيا وأمريكا، وتوتر علاقات
السعودية وقطر؛ يتساءل محللون عن إمكانية وجود تحالف تركي
قطري مع
إيران بمواجهة التحالف الأمريكي السعودي
الإماراتي.
وإثر زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للسعودية 20 أيار/ مايو الماضي، شنت وسائل إعلام محسوبة على السعودية والإمارات حملة شرسة على قطر، على خلفية تصريحات مفبركة منسوبة لأمير قطر تميم بن حمد آل ثاني، رغم نفي الدوحة صحة التصريحات وتأكيدها أن موقع وكالة الأنباء القطرية قد تم اختراقه.
وخلال القمة العربية الإسلامية الأمريكية في الرياض وجه ترامب، انتقادات حادة لإيران، ما أثار عاصفة من التصريحات الإيرانية المضادة لواشنطن والرياض، على لسان وزير خارجيتها جواد ظريف، الذي انتقد صفقات السلاح الأمريكية للمملكة، متهما أمريكا بالتكسّب من السعودية.
وفي الملف التركي، ورغم لقاء الرئيس رجب طيب أردوغان والأمريكي ترامب بواشنطن قبل أسبوعين، إلا أن علاقات البلدين شهدت توترا بدا مع إعلان واشنطن الثلاثاء، تزويد المسلحين الأكراد بسوريا بأسلحة ومدرعات، وهو ما رفضه وزير خارجية تركيا جاويش أوغلو الأربعاء، حيث حذر من تداعيات تسليح الوحدات الكردية، معتبرا أنه أمر "لا يليق بحليف أو صديق".
وعلى جانب آخر، ذكرت صحيفة "حرييت" التركية، الأسبوع الماضي، أن "السعودية ألغت أضخم صفقة عسكرية مع تركيا"، وهي عبارة عن صفقة لشراء أربع سفن حربية من تركيا، بقيمة ملياري دولار، وهو اعتبره محللون خطوة للوراء في علاقات البلدين.
وقد طرحت هذه المواقف تساؤلات عن تشكل محاور جديدة في المنطقة، وما إذا كان من الممكن العودة إلى المحاور السابقة.
قفز على الثوابت
ويرى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، عبد الله الأشعل، أن "صناعة تحالف قطري تركي مع إيران أمر صعب؛ لأنه يقفز على ثوابت في العلاقات مع السعودية وأمريكا لا يمكن تجاوزها، رغم ما يبدو من خلاف على السطح".
وأوضح الأشعل في حديثه لـ"
عربي21" أنه "في الحالة التركية الأمريكية، فإن أنقرة لا تأمن جانب الدب الروسي إلا بعلاقات ثابتة المعالم مع واشنطن، حتى لو كانت هناك مواقف متناقضة بين البلدين، وخاصة المسألة الكردية".
وأضاف: "العلاقات السعودية التركية أيضا، لا تخلو من الثوابت التي تحرص عليها أنقرة ولا تضحي بها، وخاصة أن بينهما تماهيا كبيرا حول الملف السوري، بمواجهة رغبات إيران وروسيا، وبالتالي لا يمكن لتركيا فض العلاقة مع السعودية والانضمام لإيران التي تقف ضد مصالحها بسوريا"، وفق تقديره.
وأكد الأشعل أنه "لن يكون هناك حلف بالمعنى المتعارف، ولكنها قواسم مشتركة تجمع تركيا وقطر وإيران على هامش العلاقات الاستراتيجية"، موضحا أنه "لن تكون لتركيا وقطر علاقات ضد السعودية وأمريكا، فجميعهم يحافظون على خيط رفيع".
وأشار الأشعل لوجود "توتر مكتوم بين الرياض وأنقرة"، اعتبره "من مضاعفات الأزمة السورية"، وبسبب ما أسماه "شعور السعودية بأنها دولة عظمى بغياب مصر، تنافس المشروع الإيراني والتركي".
وحول الوضع القطري، أكد الأشعل، أن "ما يحدث بين الدوحة والرياض وأبوظبي ليس إلا عاصفة وزوبعة ستنتهي، وقطر تعرف كيف تمرر هذه الأزمات وتخرج منها بلا خسائر، كما أنه لا يمكنها الاقتراب أكثر من إيران التي لا تأمن أطماعها"، مضيفا: "ومع ذلك لن تتخلى عن الإخوان المسلمين في نفس الوقت"، كما قال.
غير ممكن
وأكد المحلل السياسي محمد الزواوي؛ أنه "بالرغم من أن علاقات أنقرة وقطر مع إيران على الصعيد التجاري واستيراد الغاز جيدة، إلا أن ذلك وحده لا يمكن أن يمثل محددات تحالف ثلاثي بينها في مواجهة القيادة الأمريكية لدول الخليج".
وقال الزواوي لـ"
عربي21": "إن قطر لا تملك أن تخلع يدها من التحالف الأمريكي، أحد أهم ضمانات النظام السياسي وكذلك لمحددات أمنها القومي، حيث أن التهديد لا يأتيها فقط من دول الخليج ولكن من إيران أيضا".
وأوضح أنه "إذا ما خلعت قطر يدها من التحالف الأمريكي، فمن يضمن لها ألا تتغول عليها إيران التي لديها أهداف توسعية في كامل الخليج؟"، وفق قوله.
وأضاف: "النظام القطري لا يملك خيارا فيما يتعلق بتحالفه مع واشنطن، ولكن الخلاف الأساسي معها ومن ثم دول الخليج يكمن في تعاطي قطر مع الجماعات الإسلامية ومن ضمنها حركة حماس".
ويرى الباحث المتخصص في الشأن التركي أن "الخطوات الأمريكية الأخيرة جاءت بالأساس لعزل تركيا ومنع تقوية علاقات أنقرة مع دول الخليج، ومنعها من عمل مزيد من القواعد العسكرية وكذلك تقليص حجم التبادل التجاري بينهما فيما يتعلق بالسلاح التركي والحفاظ على حصة واشنطن من سوق ذي ربح مغر".
وتابع الزواوي: "وعلى الجانب التركي الإيراني فإن علاقاتها تتحسن اقتصاديا، ولكن تسوء سياسيا مع تحفظات أنقرة على الأجندة المذهبية التي تسعى طهران لفرضها على المنطقة وصراعاتها".
وأوضح الزواوي أن "هدف واشنطن النهائي هو تأمين إسرائيل والتفريق بين القوى الإقليمية لقيادة كل منهم على حدة، وعزل تركيا يؤدي إلى تنفيذ ذلك الغرض الأمريكي"، وفق تقديره.
كل شيء ممكن
في المقابل، يعلق المحلل السياسي، سمير العركي بالقول: "كل شيء في السياسة جائز"؛ مؤكدا لـ"
عربي21" أن "هناك تقاربا إيرانيا مع قطر وتركيا، كما تجمع أنقرة علاقات تجارية واتفاقيات اقتصادية بطهران، ما يمكن الدول الثلاث من تشكيل تحالف يقلل من آثار الضغط الغربي والخليجي عليهم"، بحسب تعبيره.