دشن ترامب في زيارته الامبراطورية للرياض المركز العالمي لمكافحة
التطرف المسمى اختصارا (اعتدال)، وكانت لحظة الافتتاح تضم مع الملك سلمان ترامب والسيسي، وهو ما أعطى إشارة مباشرة عن توجه المركز.
وكان مقر المركز قد أنشئ بأمر من الأمير محمد بن سلمان وبإشرافه الشخصي في مدة وجيزة، وبتقنيات عالية للرصد والتتبع الإلكتروني.
ثم جاء تعيين د. ناصر البقمي ليعطي إشارة أكيدة على توجه المركز، وهو شخص له علاقات وطيدة بدحلان ومحمد بن زايد، ؤيتمتع بدعم إمارتي قوي داخل الديوان الملكي، من خلال رجال الإمارات فيه.
وقد افتتح د. البقمي عمله في مكز
الاعتدال بتغريدات وصفت بالتطرف، وكانت موجهة ضد الإخوان والسوريين، وليس ضد داعش ولا الحوثيين ولا خلايا إيران في القطيف، وهو ما جعل كثيرين في تويتر يتساءلون عن تسيس المركز وأدلجته في اتجاه مناقض للمجتمع السعودي، وطرح بعض السعوديين أسئلة عن الاتجاه الذي سوف يذهب إليه في تصنيف المجتمع وتقسيمه.
وطرح بعض المغردين هاشتاغ يحمل دلالة في هذا المجال، يحمل عنوان "مركز الاعتدال يقوده متطرف".
يرى بعض المراقبين أن المركز بمجموع مجالات يحمل رسالة مناكفة لـ"مركز محمد بن نايف للمناصحة والرعاية"، الذي يفاخر ولي العهد بإنجازاته في إقناع وتأهيل المساجين من الشباب المتشدد.
وهي رسالة مكملة لما سبق أن أثاره ولي ولي العهد من أن مركز المناصحة يضم مجموعة من المشائخ والدكاترة المتطرفين الذين يستغلون مظلة الداخلية لتمرير أفكارهم، بحسب رأيه، وهي الفكرة ذاتها التي يرددها مجموعة من الإعلاميين والمغردين المحسوبين على الديوان وعلى محمد بن زايد.
ويمكن قراءة رسالة أخرى في الاتجاه ذاته، تتضمن رسالة من الأمير محمد بن سلمان للغرب، بأن مركز اعتدال يمتلك قدرة أعلى وأقوى من مركز المناصحة، وهو أمر إن صحّ، فإنه يأتي في سياق تنافسي داخل مؤسسة الملك، وأيضا في سياق تقديم القرابين "الإسلامية" للغرب لتحقيق طموحات معينة.
ومن الجدير بالذكر أن الأمير محمد بن سلمان لا يخفي رفضه للإسلاميين عموما، وخاصة أصحاب الرأي المؤثر والجماهيرية، كما لا يخفي عداوته الشديدة للإسلام السياسي وما يندرج تحته مثل "حماس، الإخوان، حكومة تركيا، حكومة المغرب"، وهو يتحدث بذلك دائما في لقاءاته مع الإعلاميين والمثقفين، وهو ما لم يستطع إخفاءه في المقابلة الأخيرة مع داود الشريان، حيث أطلق عبارة "إخونجية" المتضمنة لشتيمة غير معهودة في ملوك وأمراء الأسرة
السعودية. والأغرب من ذلك أنه ذكر الشتيمة بغير مناسبة، حيث سأله المذيع عن حملات الإعلام المصري ضد السعودية، فاستعجل الأمير فجاء بالشتيمة في غير موضعها الموجود في اللوحة الإلكترونية التي يقتبس منها الأرقام والمعلومات".