قدم المركز الإسرائيلي لدراسات الأمن القومي، قراءة للوضع الراهن لسلطنة عمان، ولوضعها في مرحلة ما بعد
السلطان قابوس بن سعيد.
وأوضح المركز الإسرائيلي، في مقال يعود للكاتب والباحث السياسي يوآل غوغنسكي، أن السلطنة ستواجه عددا من الأزمات الداخلية والخارجية بعد رحيل قابوس، من المنتظر أن تقوض دعائم استقرارها.
وأشار المركز إلى أن
سلطنة عمان تمكنت من اجتياز جميع الاضطرابات التي عصفت بمنطقة الشرق الأوسط والخليج العربي دون أن يتأثر استقرارها.
وقال المركز الإسرائيلي إن أبرز التحديات التي ستواجهها السلطنة مستقبلا، تتعلق بالأزمة الاقتصادية التي أججت الغضب الشعبي من جديد.
وتابع بأن أزمة أخرى قد تواجه السلطنة، بشأن من سيخلف قابوس على عرش الحكم، خصوصا أنه ليس له ولي عهد رسمي.
الأزمة الاقتصادية
واعتبر المركز أن أخطر الأزمات التي ستواجهها سلطنة عمان هي الأزمة الاقتصادية، مشيرا إلى أنها نجمت عن انخفاض الإيرادات الحكومية من مبيعات النفط.
واستطرد المصدر ذاته قائلا: "إن الحكومة التي تُحصّل نحو 80% من مواردها من العائدات النفطية، تجد نفسها غير قادرة على تحقيق التوازن بين ضرورة إجراء إصلاحات اقتصادية وبين ضرورة الإيفاء بالشرط غير المكتوب في العقد الاجتماعي بينها وبين مواطنيها، والذي يقضي بأن تضمن الحكومة للشعب أسباب الرفاهية في مقابل أن يحافظ الشعب على النظام السياسي القائم".
وتابع: "في شباط/ فبراير 2017 خرج عدد كبير من العمانيين إلى الشوارع للمرة الأولى منذ شباط/ فبراير 2011، بسبب الارتفاع الحاد في أسعار الوقود (وصلت نسبته إلى 75%) منذ أن بدأت الحكومة في كانون الثاني/ يناير 2015، بالإضافة إلى انخفاض الدعم عن الوقود بشكل تدريجي، وارتفاع أسعار الكهرباء والمياه".
وتابع المركز بأن إجراءات الحكومة الاقتصادية جعلت الشعب العماني "يشعر بإحباط حقيقي ويسعى للاضطلاع بدور أكثر فاعلية في إدارة شؤون البلاد، ولكنه في الوقت نفسه يرغب في تجنب الانزلاق إلى دوامة سفك الدماء والفوضى التي انزلقت إليها بعض الدول العربية منذ عام 2011".
وأكد المركز أن مخرج عمان من أزمتها الاقتصادية يكمن في السماح بتنفيذ استثمارات إيرانية على أراضيها، وفي مقدمة ذلك مد خط للغاز بين البلدين، مشيرا إلى أن السلطنة تأمل في أن تقوم شركة "إيران خودرو"، التي تعتبر عملاق صناعة السيارات في إيران، بإنشاء مصنع لها على الأراضي العمانية.
خليفة قابوس
وبخصوص أزمة "ولي العهد"، قال المركز الإسرائيلي، إن السلطان قابوس (76 عاما) يعد أطول الحكام الحاليين بقاء في سدة الحكم، إذ إنه استولى على السلطة في تموز/ يوليو عام 1970 بعد أن أطاح بوالده عن العرش بدعم خارجي من بريطانيا والأردن.
وأشار المركز الإسرائيلي إلى الشعبية التي يتمتع بها السلطان قابوس داخل عمان، قائلا: "بالنسبة لكثير من العمانيين يعتبر قابوس هو عمان وعمان هي قابوس".
وقال المركز إن أنباء تشير إلى أن قابوس يعاني من سرطان القولون، وأن غيابه الطويل عن البلاد في السنوات الأخيرة كان لأسباب صحية.
وأضاف أن سلطان عمان يقلل من ظهوره العلني، كما أنه بدا ضعيفا وواهنا في الصور التي التُقطت له مؤخرا، مشيرا إلى "المخاوف من صعوبة الحفاظ على الاستقرار السياسي للسلطنة بنهاية الحكم المطلق لقابوس، لا سيما وأنه يتولى بنفسه جميع الحقائب الرئيسة في الحكومة".
ووصف المركز نظام الخلافة في عمان بأنه "غريب للغاية"، إذ إن الدستور الذي وضعه قابوس عام 1996، ينص في مادته السادسة على أن (مجلس العائلة الحاكمة يقوم خلال ثلاثة أيام من شغور منصب السلطان بتحديد من تنتقل إليه ولاية الحكم. فإذا لم يتفق مجلس العائلة الحاكمة على اختيار سلطان للبلاد قام مجلس الدفاع بتثبيت من أشار به السلطان في رسالته إلى مجلس العائلة).
واستطرد المركز بأن أزمة الخلافة هي احتمال وارد قد يؤدي إلى حدوث صراعات بين مختلف أفرع العائلة المالكة، أو بين العائلة المالكة والجيش، مرجحا أن تقوم بعض القبائل أو المحافظات –على رأسها ظفار– بالتمرد ضد الدولة المركزية.