هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
عادل بن عبد الله يكتب: إذا كان "الحداثيون" يصادرون في بناء سردياتهم المعادية للإسلام السياسي على وجود إسلام غير سياسي، وإذا كانوا يمتنعون عن مساءلة الدولة في شكل الإسلام الذي تعمل على فرضه على الناس بأجهزتها الدعائية والقمعية وعن دوره في شرعنة منطومة الفساد والاستبداد، وإذا كان هؤلاء يحصرون "الشر المطلق" في الإسلاميين وليس في "منظومة الاستعمار الداخلي" التي تحكم الجميع ولو من وراء ألف حجاب، فإن الإسلاميين أنفسهم يعانون من انفصام فكري من نوع آخر
ما يعنينا هو أن نحاور هؤلاء جميعا (خاصةً النهضويين) في ضرورة تعديل استجاباتهم أو ردود أفعالهم تجاه النقد الذي يوجه لهم من مواضع مختلفة، لكنهم ما زالوا يتفاعون معها (في الأغلب)، وكأنها تصدر من موضع أوحد: موضوع العداء الوجودي المحكوم بمنطق الاستئصال
حاولنا في هذا المقال أن نحفر في الخلفية النظرية التي وجهت مواقف أغلب الأحزاب "الديمقراطية" في تونس، قبل الثورة وبعدها. ولا شك عندنا في أن المأزق الذي تعيشه الحياة السياسية في بلادنا (بحكم التوافقات الهشة والاستقرار الأكثر هشاشة) يستدعي إكمال الصورة بتفكيك الأساطير المؤسسة لحركات الإسلام السياسي
هاجم العالم المقاصدي ونائب رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، أحمد الريسوني، الحداثيين المغاربة الذين دعوا إلى الاقتداء بتونس في مجال المساواة في الإرث، واصفا إياهم بـأنهم "أذناب السبسي" ومعتبرا دعوتهم لتقليد تونس "إهانة للمغرب"..
بعد الثورة، اضطلع الفكر"النمطي"، في كل صياغاته المكتوبة والمسموعة والمرئية، بدور محوري في ضرب الثورة واستحقاقاتها الرئيسية، أي في تعطيل أي تغيير حقيقي في مستوى إعادة توزيع السلطة والثروات المادية والرمزية
بصرف النظر عن مواقفنا المختلفة من الأداء السياسي لحركة النهضة في المرحلة التأسيسية وما بعدها، كانت لدى أغلب الحداثيين، الذين احتلوا المشهد العام خلال مرحلتي بورقيبة والمخلوع ابن علي، قابلية "بنيوية" للدخول معها في علاقة تضاد، بل في علاقة صراع "وجودي" قائم على النفي المتبادل
بصرف النظر عن المعاني المتباينة التي قد تحصل في ذهن المتلقي عند سماع تعبير"الإسلام التونسي"، فإنّ الوظيفة السياسية التي أداها هذا المفهوم قبل 14 كانون الثاني/ يناير 2011 وبعده قد زادت في التباسه، بل في جعله مفهوما "مشبوها" عند الكثير من التونسيين الذين لا يتماهون إيديولوجيا مع الجهات "الحداثية" التي