بعد أشهر من الانقطاع، عاد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للقاءاته الدورية مع "المخاتير" من مختلف المحافظات التركية، وهي عودة تحمل رسائل إيجابية في ظني باعتبار أنها تشير إلى استقرار الأوضاع النسبي في البلاد بعد المحاولة الانقلابية الفاشلة وعودة الرجل لنشاطه الاعتيادي ما قبلها.
هكذا تخرج مسيرة العدالة والتنمية من قالب "الحركة الإسلامية" التي يجب أن ندافع عن تفاصيل التفاصيل بخصوصها بدون أي حس نقدي ونتماهى مع أغلب/كل قراراتها وسياساتها.
ينبغي متابعة ردات الفعل السياسية والميدانية للطرفين المذكورين ردا على التفجير، لجهة الخطاب السياسي المتعلق بمسؤوليات الحكومة، ولجهة أي عمل عسكري محتمل من الكردستاني، ومن زاوية الخطاب المقدم للشارع الكردي..
إن لحمة العدالة والتنمية الداخلية، وإعادة احتواء وتقديم أصحاب السابقة والخبرة والثقة والمصداقية؛ من أهم الخطوات التي يمكن أن تقوي الحزب الحاكم في مواجهة المخاطر التي تتهدد تجربته..
هذه محددات عامة وفق المشهد الحالي، والتي وإن كان لها بعض الوجاهة وفق تحليل عناصرها وسياقاتها إلا أنها تظل مفتوحة على متغيرات عدة محتملة تتعلق بتطورات الأحداث في تركيا.
ثمة رغبة تركية جلية بل إصرار واضح على تحسين العلاقات مع مصر، وثمة تمنـّع قد لا يصمد كثيرا من طرف الأخيرة، وسيعتمد مستقبل العلاقات بين الطرفين على مدى إقبالهما على خطوات بناء الثقة بالتدريج وقبولهما لها..
كل ذلك لا يعني أن تركيا مقبلة على التنكر لماضيها وسنوات طويلة بنت من خلالها سياستها الخارجية تجاه القضية الفلسطينية، ولا يعني أنها ستنقلب 180 درجة في ما يتعلق بالفلسطينيين وحركة حماس تحديدا..
صحيح أن العدالة والتنمية يستطيع أن يثبت أن الكثير من بلدان العالم تطبق قانون رفع الحصانة البرلمانية، لكن ذلك قد لا يعني شيئا للدول الغربية التي تنظر للأمر من باب كبت الحريات والتصيد للمعارضة حصرا.
شكلت الحكومة التركية الخامسة والستون بقيادة بن علي يلدرم، الرئيس الجديد للعدالة والتنمية، ونالت ثقة البرلمان وبدأت ممارسة عملها بانسيابية وكأن شيئاً لم يحصل في البلاد قبل أسابيع.
إن أي انتخابات برلمانية مبكرة وفق المشهد الحالي قد تمنع الحزبين من دخول البرلمان، أو على الأقل الحركة القومية لأن الأكراد قد يعودون للترشح كمستقلين، وهو ما سيعني تحول الجزء الأكبر من هذه الأصوات للعدالة والتنمية بما يمكنه من حسم موضوع الدستور والنظام الرئاسي بمفرده وعبر البرلمان.
لقد تحولت الثورة السورية منذ فترة طويلة إلى صراع دولي بأدوات إقليمية أو صراع إقليمي بدعم دولي، ولا تتسع مساحة المقال للتذكير بمصالح الدول المختلفة الموضوعة على المحك.
صحيح أن دعوات حزب العمال الانفصالية لا تلقى دعما كاملا من أكراد تركيا، وصحيح أن فكرة الحكم الذاتي لأكراد تركيا مشروع غير واقعي - حاليا على الأقل - بسبب انتشارهم على كامل الرقعة الجغرافية التركية، إلا أنه من الصحيح أيضا أن المشكلة الكردية في تركيا على شفا الخروج تماما عن إمكانية حلها محليا.
فوجئ الكثيرون بزيارة رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو الأخيرة إلى طهران، وبالتصريحات الإيجابية التي أطلقها خلالها، والتي دارت حول الدعوة لتعاون تركي - إيراني لمكافحة "الإرهاب" وحل مشكلات المنطقة بما يحول دون التدخلات الخارجية
تتداول معظم وسائل الإعلام والدوائر السياسية في المنطقة، أخبار تقدم وحدات حماية الشعب (الكردية السورية، YPG) في ريف حلب على حساب المعارضة "المعتدلة" المدعومة من تركيا، واعتبار أنقرة أن هذا التقدم خط أحمر لن تسمح لها بتجاوزه.