الأمة في حاجة اليوم إلى نخب تطبيقية لا إلى نخب خطابية أو تنظيرية. نحتاج اليوم القدرةَ على بناء المسارات وهندسة طرق الخروج من الأزمات أكثر من حاجتنا إلى النظريات والعنتريات والخطابات الأيديولوجية التي انتهي أجلها..
إن انخراط الصحافة التونسية في شحن مكونات المجتمع ضد بعضها البعض خلال الأزمات يرتقي إلى مطاف الجريمة الإعلامية التي تمهّد إلى الاقتتال وإلى الحرب الأهلية، حيث صارت تهمة الإرهاب تُلقى جزافا رغم خطورتها ضد هذا المكوّن السياسي أو ذاك..
لم تكن الثورات العربية نتيجة فعل المعارضة ولم يكن إسقاط النظام إنجازا من إنجازاتها بعد أن فشلت في مشروع المعارضة وفي تقديم نفسها بديلا عن السلطة. صحيح أن بعض هذه المعارضة قد دفع ثمنا باهظا في عدد المعتقلين في المنافي والسجون لكنها خسرت معركة الحسم مع السلطة القائمة حتى جاءت الثورات..
يمكن القول إن حالة الفوضى التي تعمّ المنطقة والعمليات الإرهابية التي تركتبها هذه الأطراف أو تلك، كما يحدث في سوريا أو ليبيا أو العراق أو اليمن، إنما هدفها السعي إلى ترسيخ مقولة الهزيمة وعدم القدرة على التغيير وأنّ الفوضى هي البديل الوحيد للتغيير وإسقاط الأنظمة الفاسدة..
معركة الإعلام هي أمّ المعارك العربية لأنها معركة الوعي ومعركة إدراك العالم وتحدياته فمتى تحرّر العقل العربي من قيود إعلام النظام فإنه سيكون قادرا على إحداث النقلة الحضارية الكفيلة بتحويله من عقل مغيَّبٍ إلى عاقل قادر على إخراج الأمة تدريجيا من حالة التردي إلى حالة إمكان النهضة.
النظام السياسي المغاربي هو المسؤول الأساسي عن حالة النزيف المتواصلة التي تعرفها هذه الدول التي راكمت الديون فوق الديون رغم الثروات الهامة التي تملكها والتي تسيطر عليها شركات أجنبية وتُلقي بعض الفتات للطبقة التي تسهّل لها وضع اليد على هذه الثروات..
إنّ أهمّ دروس الثورات العربية التي لا تزال مساراتها تتفاعل هو قدرة هذه الثورات والوعي الناتج عنها على كشف الاتجاه الحقيقي وتحديد المكامن الفعلية لسبب انهيار الأمة وتفكك بنيانها ورضوخها لمنظومات الاستبداد المختلفة..
صحيح أن الفاعل النفسي يعمل في اتجاهين سلبا وإيجابا ولكنه يمثل في نظرنا مرحلة أساسية من مراحل تطوّر وعي الشعوب وهي المرحلة التي تسبق تأسيس وعي أكثر عقلانية وإن كان لا ينفصل عن المكوّن العاطفي..
أنجزت الشعوب ما لم يُنجزه غيرها وقدمت من التضحيات ما لم يقدمه غيرها ودفعت من قوافل الشهداء ما لم يدفعه غيرها من الأمم لكنّ آليات الانقلاب والتآمر ومحركات الانتكاس التي تقودها الدولة العميقة وبقايا النظام القديم بتوجيه من القوى الخارجية نجحت في تحويل العرس الثوري إلى مأتم انقلابي..
إنّ حالة اليأس العميق التي صارت تسيطر على قطاع واسع من الشعب المصري الفقير هي التي ستكون وقود المرحلة القادمة ولن يزيدها قمع السلطة إلا إصرارا على إسقاط النظام. إنّ أهم ما يميز الموجة الثورية الجديدة أنها موجة الفقراء والمهمشين..
ثنائية الإرهاب والتطبيع هي واحدة من أهم الثنائيات القادرة على تفكيك تطورات المشهد العربي المتسارع، حيث تتحرك الفواعل في تناسق لا يَخفى نحو هدف واحد يتحالف فيه النظام الرسمي العربي مع المحتل الغاصب.
ما يميّز الدوحة في الحقيقة عن بقية الأنظمة العربية وخاصة منها الأنظمة الخليجية أنها لا تعادي صناديق الانتخابات بل تحترم إرادة الشعوب وتشجّع اختياراتها دون أن تتدخل في شؤونها الداخلية وهذه نقطة هامة جدا في الحكم على سياسة قطر..
تحالف القوميون مع المشروع الإيراني الفارسي باسم العروبة وتحالفوا مع الغزاة الروس ومرتزقتهم باسم المقاومة متخفّين تحت شعار محاربة الإسلام السياسي الذي قدّموا محاربته على كل أولويات التحرر مع الاستبداد والاستعمار والفساد..
لم تحقق الصهيونية أكبر اختراقاتها في المنطقة العربية إلا تحت غطاء السلام والحوار والتعايش وهي الكيان الذي لا يؤمن بغير القتل والاحتلال واغتصاب الأرض. لم تحترم دولة الكيان ولو قرارا أمميا واحدا لصالح الشعب الفلسطيني كما أنها رمت بكل قرارات مجلس الأمن في سلة المهملات مستفيدة من الفيتو الأمريكي..
النظام الرسمي العربي هو الذي سلّح الثورات وجرّها إلى مربع العنف وهو الذي أثبت زيف مقولة الأمن التي لم تكن تعني في الحقيقة عنده غير قمع الشعب والتنكيل به إذا طالب بحقوقه. هكذا سقطت أكذوبة الأمن والأمان فلا أمن مع الاستبداد ولا أمان..
الهجرة عامة سواء كانت متجهة شمالا أو جنوبا شرقا أو غربا هي ظاهرة ملازمة لتكوّن المجتمعات ولصعود الحضارات وأفولها وهي كذا ملازمة لنشأة الأمم ونشأة الدول والمجتمعات. لم تكن ظاهرة الهجرة لتطرح مشكلة في مرحلة ما قبل نشأة الدولة..