منذ أربعة أيام (في الرابع عشر من مايو) كتبتُ منشوراً مطولاً نوعاً ما على صفحتي شرحت فيه ارتباط توقيت رفع أسعار تذاكر مترو الأنفاق بنقل السفارة الأمريكية للقدس المحتلة..
الحقيقة أنني أتفهم غضب الأمهات اللواتي شاهدتهن في ذلك المقطع يتظاهرن أمام إحدى المدارس وعلى وجوههن ارتسمت تعبيرات الغضب، فهذا حقهن بكل تأكيد، ولكن أثارت بعض اللافتات استغرابي.
لم تكن قصة غرق مدينة التجمع الخامس في مياه الأمطار هي الحادثة الأولى خلال السنوات التي تلت الانقلاب، فقد سبقتها مناطق الزعفرانة وكفر الشيخ والبحيرة والإسكندرية.
رغم حالة العزوف الواضحة، وفقدان الاهتمام عند البعض، التي ربما نتجت من الإحباط وفقدان الأمل في التغيير، إلا أن هناك أحداثا بعينها تنجح في استفزاز الحس الكوميدي لدى الجمهور فاقد الاهتمام.
كما حدث في فيلم "طاقية الإخفا" حين وجد عصفور بالمصادفة، بودرة العفريت واستطاع عن طريقها تحقيق بعض النجاحات الصحفية ليحظى بالترقية والنجاح الوظيفي لتقبل خالته عرضه للزواج من ابنتها..
كما حدث في فيلم "سر طاقية الإخفا" حين وجد عصفور بالمصادفة بودرة العفريت، واستطاع عن طريقها تحقيق بعض النجاحات الصحفية، ليحظى بالترقية والنجاح الوظيفي، لتقبل خالته عرضه للزواج من ابنتها.
الحقيقة ان أقوى سلاح امتلكه المعسكر الرافض للانقلاب وفي ظل غياب قيادة للحراك هو وجود الرئيس مرسي كرمز والحديث عن التنازل عن شرعية الرئيس مرسي أو محاولة النيل منها بأي طريقة هو دعوة للاستسلام. وهي دعوة لتكرار 30 يونيو من جديد..
من الظواهر المتكررة في مصر، أن يتوقف موكب المخلوع بالدراجات البخارية وحراساته وسياراته وكل حراسه بنظاراتهم الشمسية ونظراتهم المتوجسة، عند عشة المواطن الجالس على جانب الطريق.
لم تكن وليدة اللحظة، تلك السهولة التي مرت بها كارثة تنازل الانقلاب عن ألف كيلومتر مربع في سيناء، تحت ستار التبرع لما يسمى بمدينة نيوم، وهي صفقة لابد أنها تمت نظير مبالغ فاحشة من "الرز".
الحقيقة التي اعترف بها أحيانا أمام نفسي هي أن قدرتي على عدم الاندهاش تتضاءل كثيرا أمام قدرة البعض على إنتاج كل هذا الظلم. هذا الاندهاش الذي سيطر على مشاعري وأنا انظر إلى زبيدة الجالسة أمام عمرو أديب ترد بنعم أو لا على أسئلته.
تماما كذلك المشهد في فيلم "ماتريكس"، الذي تهبط فيه الكاميرا من أعلى لترى ممثلين جالسين على مقعدين وسط خرائب وأنقاض على مدى البصر هي كل ما تبقى من مدينة نيويورك في القرن الثاني والعشرين.
ربما كان أهم ما ميز سنوات الانقلاب وحتى الآن هو أنها محت مرحلة ما قبل 30 يونيو بكل رموزها، وحولتها إلى رماد. ويمكن القول إن الانقلاب كان يعمل في اتجاهين، اتجاه تدمير هياكل الحركات الإسلامية، وهو هدف يظهر الآن بوضوح أنه كان على رأس أجندة داعمي الانقلاب.
بعد مجزرة رابعة بقليل نشرت إحدى الصحف الغربية تقريراً إحصائيا عن نسب المتعلمين من بين شهداء رابعة. وفيما يبدو كما لو كان تذكيرا بما احتواه التقرير من معلومات، جاءت فاجعة قتل المهندس صلاح الدين عطية عمارة والذي قبضت عليه داخلية الانقلاب في 25 يناير الماضي من مدينة السادات كما أفادت شقيقة زوجته. وكأن أحدهم نقل مصر من العقد الثاني للقرن الحادي والعشرين إلى تشيلي في العقد السابع للقرن العشرين بعد انقلاب بينوشيه حيث كانت أجهزة الأمن الانقلابية تزيف المواجهات وهو أسلوب ظلوا يعتمدونه فترة وكان يقوم على قتل محتجزين لدى قوات الأمن التشيلية ثم الإعلان عن مقتل مجرمين في مواجهات.
كان مذعوراً ترتعد فرائصه حقاً ولم يكن بمقدوره إخفاء هذا. كثيرون رأوا في لهجته المذعورة أملاً. رسائل التهديد المبطنة التي حملتها كلماته المتلعثمة أظهرت كم يعاني من الخوف. مجرد رؤيته وهو يتحدث بهذه الطريقة حملت البعض على الابتسام.