أمسك قزم الانقلاب بالميكروفون أمام جمع من رفاق السبوبة وزملاء السوبر ماركت العسكري، فيما سماه إعلام الانقلاب، بالندوة التثقيفية، ووقف أمامهم مسبلاً عينيه الضيقتين، وقال (ما تعرفوش انتم واحشني قد إيه .. بحبكم كلكم)، وبغض النظر عن أنني لا أفهم ما هو نوع ((التثقيف))..
الاحتلال لم يغادر بلادنا لحظة ولكنه لجأ لتكتيك جديد وهو تصعيد أشخاص يعلم أنهم سيدينون له بالولاء ليعملوا كوكلاء له بعد غيابه، وهو ما يشبه ما حدث في العراق حين غادرت قوات الاحتلال الأمريكي العراق وتركت ميليشيات المالكي، في الحالة المصرية مثلا، نصت معاهدة الجلاء على خروج القوات البريطانية عام 1957..
نشرت شبكة رصد الإخبارية نقلا عن الإذاعة العبرية أن مسؤولا أمنيا صهيونيا، صرح بأن مخابرات عربية ودولية بمشاركة الشاباك شاركوا بتزويد الجيش الصهيوني بمعلومات لاغتيال قيادات القسام في جنوب قطاع غزة.
عام كامل مر على هولوكوست رابعة، المحرقة التي التهمت عدداً غير قليل من أبناء مصر، أتذكر شهادات اصدقائي عن رائحة اللحم المشوي التي كانوا يشمونها كلما اقتربوا من رابعة ذلك اليوم،.
يبدو أن الانقلاب يصر أن يكون مصدراً يومياً للكوميديا, فبعد سلسلة من المشروعات المضحكة بداية من علاج الإيدز بالكفتة والمليون وحدة سكنية, مروراً بإنتاج الجيش لكحك العيد, فاجأ قزم الانقلاب المصريين بمشهد لا يقل كوميدية عن مشهد, اللواء عبد العاطي صاحب اختراع علاج الإيدز بالكفتة..
لأول مرة منذ تأسيس دولة الاحتلال التي نشلت أرض فلسطين وسط تآمر عربي، يسقط القناع عن كل الأنظمة التي ادعت دعم القضية الفلسطينية، فالزمن يبدو أنه يتغير وعلى الرغم من رسوم الدم التي تدفعها غزة نيابة عن كرامة العرب التي دخلت الإنعاش منذ عقود..
يدخل نتن ياهو غرفته بطيئاً متثاقلاً متهدل الكتفين عليه علامات الهزيمة والمرارة وسط حراسه الذين يفسحون له الطريق، فتسرع إليه جاريته الصلعاء قبيحة المنظر لتدلك كتفه بعد عناء اليوم، وتسأله كيف كان يومك يا مولاي.
مدينة صغيرة بالمقارنة بالقاهرة، لا يزيد عدد سكانها عن مليون ونصف، اجتمع عليها أعداءها، طائرات أف 16 المتطورة وطائرات الاستطلاع التي ترصد العطسة، ودبابات جيش كامل تقصفها، ومتفجرات بلغ وزنها حتى الأمس 500 طن تسقط فوق منازلها، وحصار يحاول التهامها، وسفن تقصفها من البحر
نشرت صحيفة الوفد في عددها الصادر بتاريخ 25 إبريل 2013 تحقيقا صحفيا احتوى على شهادات سكان المنطقة المجاورة لمكان المجزرة التي قتل فيها 16 جنديا وهم صائمون وقت الإفطار، وقال أحدهم إن ضابطاً معروفاً بالمخابرات حذرهم من وقوع عمل إرهابي قبل المجزرة بأسبوعين، وقال شاهد آخر إنه شاهد سيارة دفع رباعي..
من أكثر المشاهد تعبيرا عن المذلة والخزي في تاريخ مصر الحديث الذي يبدو أنه سيتحول إلى سلسلة من الأعمال الكوميدية، هو مشهد وزير دفاع الانقلاب وهو يصعد طائرة ملك السعودية متباطئ الخطوات مطأطئ الرأس، ليقبل رأسه ثم يجلس في مقعد يشغله على الجهة المقابلة حاشية ملك السعودية..
المشكلة الحقيقية التي تواجه الانقلاب هي نفس الإعلام الذي اعتمد عليه للقيام بالانقلاب وتحريض قطاعات من الشعب على الاحتجاج ضد الرئيس مرسي، كان ورقة استنفدت غرضها، ولم يعد أحد يصدق الأسماء التي ما تزال تسب الإخوان المسلمين على الشاشات، فقاعات الإعلام فقدت جمهورها الذي بنته عبر سنتين تقريبا..
نزل قصير القامة من الهليكوبتر الحربية بعد أن أخلى الشوارع، وهبط من الصندوق الحديدي إلى ساحة تم اخلاؤها يحيط بها 25 ألف جندي لحراستها وتحدها الأسلاك الشائكة، بعد أن أغلق الطرق 4 ساعات مشطت فيها الطائرات المنطقة التي سينزل فيها ليحلف يمينه الغموس الذي حنث به قبل سنة.
ما نشاهده الآن منذ عشرة أشهر هو السيناريو البديل الذي كان من الممكن أن يقع سنة 1954 حينما كان الثوار يحاصرون قصر عابدين للفتك بعبد الناصر الذي أمر بفتح النار على طلبة جامعة القاهرة، فخرج الطلبة يحملون قمصان زملائهم وهم يهتفون (دم الشهدا بدم جمال).
علامات استفهام غامضة لفتت انتباهي في الفترة الأخيرة، كان أولها انتشار فيديو لوزير الدفاع المستقيل مسرب من داخل حفل المفترض فيه أنه سري، يلقي فيه كلمة يقول فيها (وستبقى راية مصر عالية خفاقة تحت قيادة الرئيس مبارك)! ترافق هذا مع تسريب يدعو فيه الرئيس المخلوع لانتخابه وهو ما أثار استياء المصريين..
هذه الكلمات المتلعثمة لخصت المشهد كله في مصر بعد 60 سنة من حكم العسكر. تم محو الدولة بالكامل، ولم يطفو فيها على السطح إلا كل جاهل أو فاسد أو خائن، هذه الكلمات عندما تخرج من شخص كان المفترض فيه أنه مدير المخابرات الحربية تعطي صورة مروعة عن مدى التعفن الذي أصاب مؤسسات الدولة