كتب الأسير محمود العارضة لوالدته رسالة قصيرة قال فيها: «أنت في القلب والوجدان، وأبشرك بأنني تنسمت الحرية وصعدت جبال فلسطين، وتناولت التين والصبر والرمان والزعتر البري، وأكلت الجوافة بعد حرمان دام خمسة وعشرين عاماً».
أما شقيقه محمد، فروى لمحاميه أنه تمتع بأكل الزيتون والصبر في مرج ابن عامر، وأنه اليو
حق محمود درويش علينا أن ننسبه إلى مكانه الفلسطيني، فشاعر الكرمل أقام هنا في شارع عباس في حيفا، أي لم يكن يفصله عن مكان ندوتنا سوى شارع واحد هو شارع الكروم، وانحدر من قريته الجليلية، التي حوّلها الاحتلال طللاً، إلى حيفا كي يحمل إلى الأدب نكهة الأرض، ويقرأ الكلمات في عيون الفلاحين الذين أقاموا على حافة أرضهم المصادرة، وصنعوا مرثية هذا الزمن النكبوي المستمر منذ سبعين عامًا.
الألقاب التي تسبق أسماء كبار المسؤولين في الكثير من الدول العربية تثير الاستغراب والدهشة. وهي جميعها كلمات مستلة من قاموس عثماني منقرض. لا أدري لماذا يصرّ المسؤولون على استخدام ألقاب مثل الفخامة والدولة والمعالي والى آخره… وما معنى أن يكون رئيس ما صاحب الدولة أو الفخامة؟
تبدو سوريا استثناء في خريطة الربيع العربي بعد أفوله. فالنظام السوري نجح في الانتقام لمعمر القذافي والسخرية من سلمية الثورة التونسية والوصول إلى التوريث الذي فشل المستبد المصري في الوصول إليه.
بداية، أردت أن أكتب عن سيرك الجدل القائم في لبنان حول مشاريع قوانين الانتخابات النيابية. الانتخابات على الأبواب والمهرّجون من قادة الأحزاب الطائفية اللبنانية لا همّ لكل واحد منهم سوى الوصول إلى قانون مفصّل على حجمه.
وقف طلال سلمان خلف مكتبه، وضع الشال حول عنقه، مشى صوب زر الكهرباء، أطفأ الضوء، ومضى. هذا هو الفيديو الذي يراه القراء على موقع جريدة «السفير» اللبنانية إعلانا بإقفال الصحيفة.
في مستشفى صغير مخصص للمرضى الذين دخلوا في طور النهاية، كان اللقاء الأخير بصادق جلال العظم. ذهبنا الروائي والشاعر العراقي الصديق سنان أنطون وأنا، في زيارة وداعية إلى صادق في مستشفى «العازر» الذي يقع في شارع برونوير في برلين.
يستطيع بشار الأسد أن يرقص فوق ركام حلب، ويدخل بجيشه ومليشيات حلفائه الأصوليين المدينة، وينتقم من قلعتها، ويدمر قبر المتنبي، معلنا انتصارا فوق خراب المدينة الأجمل وبقاياها.
في فيلم «الأبديَّة ويوم» للمخرج اليوناني تيو أنجلوبولس، (1998)، نعثر على حكاية شاعر يبحث عن كلمات يشتريها من الناس كي يكتب قصيدته. من أين أتى أنجلوبولس بهذا الافتراض العجيب، ولماذا يذهب أمراء الكلام، كما وصفهم الخليل بن أحمد الفراهيدي، مؤسِّس علم العروض، إلى الفقراء كي يشتروا كلماتهم؟
كان ذلك عام 1967، بعد الهزيمة الحزيرانية، وكان العالم يغلي. غيفارا يدعو إلى خلق أكثر من فيتنام واحدة في العالم، والفلسطينيون يستعيدون هويتهم بالشعر والبندقية، وطلاب العالم يستعدون لاحتلال الشوارع. صادق العظم ينشر كتابه عن النقد الذاتي بعد الهزيمة، ومعركة الكرامة تحوّل المقاومة الفلسطينية إلى حلم.
كان الكلام جرحا، وكانت اللغة وسيلة للتواصل والصراع والاحتكام الى المنطق. هكذا عشنا علاقتنا باللغة، نقرأ، نكتب، نستمع ونحكي، كي نشعر أننا نعيش. فالحياة تتدفق في مسام اللغة، وتستوطن الأحرف والأصوات، وتجعل من الكلام وسيلة الوصل والتواصل والوصال.