كورونا قد أسهم إسهاما كبيرا في كشف ذلك العوار والخلل البنيوي في معنى السياسة وممارسات السياسيين، وأن هذا الأمر يؤثر في تشوه وتشوش الممارسات السياسية من جراء هذا التصور للإنسان، سواء ارتبط الأمر بنظرة عنصرية أو تطرق إلى نظرة مادية براجماتية للإنسان
الحديث والخطاب الذي يتعلق بعسكرة المجتمع ونسبة كل إنجاز إلى العسكري من دون المدني، وفي إطار ذلك الخطاب "الدولتي"؛ هذا التمجد الزائف الذي أشرنا إليه هو في حقيقة الأمر منهج مستقر ومستمر لدى العسكر الذين يريدون أن يتحكموا وأن ينسبوا إلى أنفسهم ما لم يفعلوا؛ وما أمر "جهاز عبد العاطي" ليس ببعيد
في واقع الأمر أن صناعة مجتمع الخوف الذي طال الجميع ووصل إلى عصب المجتمع وصناعة مجتمع الكراهية الذي تمكن من نخاعه، إنما يعبران عن حالة صارت قابلة للتكرار ومزيد من التدهور والانحطاط؛ وهو أمر جعلنا نؤكد دوما على خطورة هذه الحالة الانقلابية
إن كورونا قد يفتح باب التغيير أو ينبه إليه، وقد يشير إلى تشوه في عالم القيم واختلال في موازين علاقات الإنسان والكون ومسالك العمران، ولكن استراتيجية التغيير، وعيا وسعيا، بناء ودعما، فاعلية وحشدا، هي من وعي وسعي الإنسان فاعلا وعدلا، لا عالة وكَلاّ
بغض النظر عن كل ذلك، فإن هذا السيناريو الذي يتعلق بقادة العسكر الذين تمددوا في كل مكان وسيطروا على معظم مقدرات الاقتصاد ومفاصله في ظل عملية عسكرة وسيطرة، لم يكن يُتصور، وأن يقع هؤلاء في قبضة كورونا فينهي حياة بعضهم ويُلزم البعض الآخر بيوتهم، ويتملك معظمهم القلق والخوف
ومن أحوال الاستبداد سنرى عجبا، فإن فيروس كورونا الذي دخل هذه البلاد بلا استئذان حاول هؤلاء المستبدون بكل طاقتهم وقوتهم أن يعتموا على الأمر. هكذا المستبد في حال الأزمة والكوارث، صناعته التعتيم؛ إلا أن كورونا قرر فضح هؤلاء المستبدين في أعداد الإصابات الكبيرة
وواقع الأمر أن ذلك تكرر كما قلنا في تنازل وتفريط عن أرض الوطن في تيران وصنافير، وعن غاز مصر ومواردها. وضمن هذه السياقات فإن الأمر يتعلق بكل هذه الإخفاقات، بما يعبر عن اختلال من جراء تلك الحالة الانقلابية التي صارت في أضعف حالتها عند التفاوض ضمن مساومات ومقايضات على شرعنة هذا النظام
نستعرض الكتاب المهم الآخر، ولكنه يشكل في هذه المرة اهتماما طبيعيا لكاتب الاجتماع التركي لتعلقه بالخبرة التركية، وما يمكن الإشارة إليه بـ"صعود حزب العدالة والتنمية" و"الحالة الأردوغانية"، في كتاب اختار له الكاتب عنوانا مهما هو "أزمان الكاريزما.. من منظور علم اجتماع الكاريزما"
تهب علينا نسمات ذكرى ثورة 25 يناير، ممثلة في ذلك اليوم المهم الذي تنحى فيه المخلوع مبارك يوم 11 شباط/ فبراير، وأسدل الستار على شخصه الذي استمر في حكم مصر مستبدا بها طيلة أكثر من ثلاثين عاما
شهد هاشتاج "#السيسي_باع_سيناء" تفاعلا من جانب رواد مواقع التواصل الاجتماعي، رفضا لمساعي نظام الثالث من تموز/ يوليو بمشاهد إخلاء المزيد من أهالي سيناء للمساهمة في تمرير "صفقة القرن" الصهيونية الأمريكية، والتي تهدف لتصفية القضية الفلسطينية
نخبة جديدة تتدافع مع نخبة قديمة لم تعد قادرة على إحداث التغيير المنشود والتخلص من حال الاستبداد بالناس، وابتداء جولات في التغيير والفاعلية والتأثير، وذلك وفق القانون الاستراتيجي الذي يؤكد أن "حال الفراغ لا بد وأن يُملأ.. والفراغ يُملأ بك أو بغيرك"
ونحن على أعتاب ذكرى ثورة 25 يناير، نؤكد أن هذا النظام لو استمر ستصير مصر فاقدة السيادة، دولة مستباحة في مواردها وفي مقدراتها، بل وفي حدودها وفي عناصر سيادتها المادية.. يا سادة هذه هي القضية..