إذا ظل الرئيس على "انحباسه السياسي" وترديد شعار الصلاحيات فإن الواقع بصدد التحرك ولن ينتظره وسيجد نفسه "معزولا" بالنتيجة، فهناك واقع اجتماعي ومصاعب عيش وأزمة مالية ووضع صحي حرج، وكلها تحتاج العمل معا لإنقاذ السفينة بمن فيها ومن عليها، وحتى بمن حولها في بحر إقليمي ودولي مائج
ما هو حاصل لدى المراقبين من قناعة هو أن رئيس الدولة ومن يخططون معه يدفعون نحو سقوط الدولة، حتى يتقدموا منقذين وحتى يقيموا الدليل على فشل حركة النهضة تحديدا وحلفائها
المشهد في تونس مختلف عما هو في مصر، فالمؤسسة العسكرية لا تقبل بأي دور خارج مهامها المحددة منذ نشأتها، والقوات الأمنية تتعافى وتتجه نحو عقيدة الأمن الجمهوري، والمسار الديمقراطي في تونس يترسخ والبرلمان هو مدار العملية السياسية، فالشعب التونسي الذي تنفس بعمق في أجواء الحرية، لن يسمح بعودة الاستبداد.
لا نستغرب إذا رأينا المساومين يحرصون على إذكاء وهج المقاومة، إنهم يريدون تنمية محصول المساومة حين يوشك المشهد الجميل على الاكتمال، وحين يضطر الاحتلال أو الاستبداد إلى البحث عن شريك وديع..
لا يمكن لعبير موسي أن تزايد على حركة النهضة في الوطنية والمدنية والتنوير، ولا يمكنها إثبات ما تنسبه إليها من تُهم، ولكنها تجد في يروج لها في الداخل وفي الخارج من جهات لا تخفي عداءها الإيديولوجي لـ"الإسلام السياسي" ولا تخفي مخاوفها من نجاح تجربة الحرية والديمقراطية
سخونة الأجواء السياسية غاب فيها كثير من العقل وحضر فيها كثير من الوهم، ولم يعد مغريا الحديث في السياسة لأنها لم تعد - في الغالب - سياسة وبلغت دركا سحيقا من السوء والرداءة والشعبوية والتكلف والانتحال والجشع
ثمة من يربط ما حدث بتحريض بعض السياسيين على ثورة جديدة مثل تصريح حمة الهمامي أو محمد عبو، أيضا - وهو الأخطر - ترذيل قيس سعيد الدائم للأحزاب، وإرساله الغامض لتهديدات.
أغلب المتابعين يعتبرون أن الخصومات السياسية هي سبب الأزمات الاقتصادية والاجتماعية وحتى الأمنية، فانشغال السياسيين بالمعارك الأيديولوجية يجعل البلاد مفتوحة لكل اختراق
السؤال المركزي بعد هذه السنوات العشر هو: هل أنجبت "الثورة" ثوريين؟ هل أنتجت النخبة فلسفة في الثورة؟ هل حقق السياسيون أحلام الناس في نظام اجتماعي عادل وفي تنمية جهوية متوازنة، وفي نظام تشغيلي مُطمئن للشباب من خريجي الجامعات ومن أصحاب المهارات والحِرف؟
ما نُشر أخيرا من نتائج استطلاعات مفادها تصدر الحزب الدستوري الحر قائمة الترتيب في نوايا التصويت، لا يبدو بعيدا عن الواقع رغم ما قد يكون فيه من تضخيم ورغم أن نسبة المتفاعلين مع عملية الاستطلاع لا تتجاوز الثلث..
التقاء الرؤساء الثلاثة رسالة إيجابية للشعب التونسي تبعث فيه الأمل، ورسالة جدية للفاسدين والمهربين والمضاربين تحذرهم من كونهم ليسوا بعيدين عن أعين الدولة
الخلافات عادة تكون منتجة للأسئلة ولتعدد الأفكار وتفتح مجالات للحوار والنقاش، وتوسع دائرة المهتمين بالفكرة أو الرؤية أو المشروع ما يُمكّن من التطور والإبداع والإضافة وما يسمح بكشف النقائص والعيوب، وهو ما يخدم المصلحة الحزبية والوطنية
إن كثيرا من الناس يسيئون بنا الظن أو يكرهوننا لجهلهم بحقيقتنا، وإننا كثيرا ما نكون مقصرين في حق أفكارنا ومبادئنا وأهدافنا ومناهجنا حين لا نعرّف بها وحين نترك للآخرين مجالا لتقديمنا للناس على غير حقيقتنا، وهذا جوهر "الدعوة" ومعنى "الرسالة"