تفاجأ العشرات من موظفي السلطة
الفلسطينية في قطاع غزة، ممن توجهوا للبنوك لصرف رواتبهم المستحقة عن شهر تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، بعدم وجود أسمائهم في كشف الرواتب.
وذكرت مصادر فلسطينية من داخل حركة
فتح؛ أن الرئيس
محمود عباس وافق في هذا الشهر على قطع رواتب 850 موظفا يتقاضون رواتبهم من السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة والشتات.
وتحدثت مصادر فلسطينية أخرى؛ لمراسل "
عربي21" عن أن 200 موظف من قطاع غزة، منهم 130 يعملون في الأجهزة الأمنية، ممن شاركوا في مسيرة أنصار محمد
دحلان في الثامن من الشهر الماضي قد تم قطع رواتبهم بتهمة "التجنّح".
وأثناء إعداد هذا التقرير، شهد مراسل "
عربي21" على مشادة كلامية بين الموظف العسكري، محمد أبو كويك، ومدير بنك القدس في مدينة خانيونس، بعد إعلام مدير البنك للموظف بعدم إدراج وزارة المالية لاسمه ضمن كشف الرواتب المستحقة لهذا الشهر.
قطع الأرزاق جريمة
وتوالت ردود الفعل سريعا حول قرار السلطة بقطع الرواتب، حيث عبّر عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، عباس زكي، عبر صفحته الرسمية على "فيسبوك"، الأربعاء، قائلا إن "التلاعب في قطع الأرزاق جريمة".
وحاولت "
عربي21" التواصل مع مدير الرواتب في وزارة المالية الفلسطينية، عبد الناصر عطا، للحصول على تفاصيل رسمية بأعداد المقطوعة رواتبهم، ولكن دون جدوى.
ولكن أمين سر المجلس الثوري لحركة فتح والمقرب من الرئيس الفلسطيني، أمين مقبول، قال إن ما "يقره الرئيس الفلسطيني من قرارات يقع ضمن صلاحياته التنظيمية داخل حركة فتح، والتي سيتم تجديدها له في المؤتمر العام السابع للحركة أواخر الشهر الجاري"، على حد وصفه.
وأوضح لـ"
عربي21" أن ما يشاع بالإعلام عن قطع الرئيس لرواتب المئات من عناصر فتح؛ لا علاقة له بأي خلافات داخل الحركة، وقال إن هذا "إجراء بحق المتجنحين الذين لا يمتون للحركة بأية صلة"، وفق قوله.
قرارات مشابهة
ولم يكن قرار الرئيس عباس بقطع الرواتب عن موظفين بالسلطة مفاجئا لشريحة واسعة من الشارع الفلسطيني، فقد اتخذ عباس قرارات مشابهة بفصل نواب وقيادات فتحاوية بارزة ولها وزن سياسي وقيادي في الحركة، بسبب علاقتها بمحمد دحلان.
ولكن اللافت في هذا القرار هو موافقة عباس على قطع رواتب المئات من عناصر الأجهزة الأمنية وأنصار الحركة بتهمة "التجنّح"، وهذا ما رفضه المتحدث باسم الحركة، ماهر مقداد، حيث أشار إلى أن "من يقطع الراتب أو يحرض على هذه الجريمة؛ إنما يزرع قنابل في مجتمع مرهق بالتعقيدات السياسية والاجتماعية، ولا يستطيع أحد أن يضمن الإفلات من نار أشعلها بيديه وقد يكون أول من تلتهمه النار المستعرة"، على حد وصفه.
ووجه مقداد، المقرب من دحلان، في حديث لـ"
عربي21"، رسالة للسلطة الفلسطينية قائلا: "كفّوا عن استخدام هذا السلاح الحقير، وعوّدوا آذانكم على أصوات لا تعجبكم ولا تتفق معكم". وأضاف: "خاصموا برجولة ولا تفجروا أبعدوا عن أرزاق الناس"، كما قال.
ويخوض الغريمان السياسيان في حركة فتح، عباس ودحلان، حربا، في إطار الصراع السياسي داخل الحركة، أبرز أسلحتها هو استخدم المال لتقوية النفوذ في الحركة، بحسب ما أشار إليه المحلل السياسي من غزة، فايز أبو شمالة.
وأضاف أبو شمالة لـ"
عربي21": "عمل دحلان كمدير سابق لجهاز الأمن الوقائي ساعده في استمالة شريحة واسعة من عناصر الأجهزة الأمنية نحوه، وتوظيف ذلك في حربه التنظيمية مع الرئيس عباس".
كما أشار إلى أن "دحلان أثناء عمله كمدير أمني في جهاز الأمن الوقائي؛ وظف لعبة المال والرواتب لخدمة مصالحه، كما يفعل أبو مازن في هذه الفترة، وهذا أمر ليس بالجديد على حركة فتح"، على حد وصفه.
أما النائب عن حركة فتح من قطاع غزة، أشرف جمعة، فقد قال في اتصال مع "
عربي21"، إن هذا "الموضوع نتابعه على كافة المستويات العليا داخل الحركة، ولن نرضى باستمرار الوضع على حاله"، بحسب ما قال.