تشهد مدن الضفة الغربية منذ نحو أسبوعين؛ حملة أمنية واعتقالات واسعة تنفذها الأجهزة الأمنية؛ بحق من متهمين ببث منشورات أو المشاركة في فعاليات تحرض على الرئيس
الفلسطيني محمود عباس.
وشملت أحدث عمليات الاعتقال ضمن هذه الحملات؛ 11 شخصا من عائلة حلاوة في محافظة الخليل، جنوب الضفة الغربية، الليلة الماضية، بعد اعتراضهم على نية الأجهزة الأمنية اعتقال أحد أفراد العائلة بتهمة تعليق صورة للقيادي محمد
دحلان على سقف منزله، بحسب ما ذكره شهود عيان من المدينة لمراسل "عربي21".
وسبق هذه الحادثة عملية إطلاق نار على منزل الناشط الفلسطيني فادي السلامين، في بلدة السموع جنوب مدينة الخليل، في ذات الليلة، دون وقوع إصابات.
وذكرت مصادر لـ"عربي21"؛ أن حالة من التوتر والغضب تسود بلدات اليسوع وبيت جالا وصوريف ويطا، في محافظة الخليل، بعد فرض حظر التجوال فيها منذ يومين.
الرئيس يتحمل المسؤولية
من جانبه، حمّل الناشط الحقوقي المقيم في الولايات المتحدة، فادي السلامين، "الرئيس الفلسطيني محمود عباس المسؤولية الكاملة عن حادثة إطلاق النار على منزل والده".
واعتبر السلامين، في حديث لـ"عربي21"، أن "الرئيس عباس يستهدفني؛ لأنني أكشف فساده وعجزه السياسي"، على حد وصفه، مؤكدا أن "إطلاق النار على منزله لن يثنيه عن مواصلة عمله في كشف فساد السلطة وقادتها".
وينشط السلامين كحقوقي في الولايات المتحدة، ومن المعروف عنه أنه يعادي سياسة السلطة، ويتهمها بـ"النصب والاحتيال" خارجيا وداخليا على الشعب الفلسطيني، وينشر بين الحين والآخر ما يقول إنها وثائق عن فساد رجال السلطة والمحسوبين عليها.
وتوجه اتهامات للرئيس الفلسطيني بإقصاء نواب وقيادات في حركة
فتح؛ على خلفية اتهامهم بالعلاقة مع القيادي المفصول من الحركة، محمد دحلان.
تهمة "التجنح"
وكان آخر مشهد في هذا الصدد؛ إصدار الرئيس الفلسطيني مرسوما مساء السبت، يقضي بفصل النائب في المجلس التشريعي، جهاد طمليه، من الحركة، بتهمة "التجنّح". وطمليه هو نائب عن مخيم الأمعري وسط مدينة رام الله.
وحاولت "عربي21" الاتصال بالنائب طمليه، ولكنه "رفض الحديث للإعلام في هذه الظروف".
لكن النائب عن الحركة، والمقرب من دحلان، جمال الطيراوي، قال إن ما تشهده الضفة الغربية "من توتر وغليان نابع من المغالاة والاستخدام المفرط للقوة، واستخدامها ضد مواطنين ليس لهم أي صلة بالخلافات السياسية".
وأضاف لـ"عربي21" أن "ما يحصل في الضفة الغربية وما شهده مخيما بلاطة وجنين، وما تشهده مدينة الخليل حاليا على يد الأجهزة الأمنية، شكّل صدمة للجميع، داعيا لمعالجات دقيقة وواضحة لكافة الأحداث، وتجنب الحلول الأمنية التي من شأنها أن تعقد الأوضاع أكثر فأكثر"، وفق تعبيره.
ودعا الطيراوي "لحماية حرية الرأي والتعبير، ومساءلة المسؤول عن الاعتداء ضد المواطنين، وفتح آفاق جديدة للتعامل مع المواطنين من أجل تجنب حالة التصاعد في الضفة الغربية أكثر مما عليه هي الآن".
يذكر أن طمليه ليس أول "متجنح" يتم فصله من الحركة، فقد سبق ذلك فصل النائب عن الحركة نجاة أبو بكر، ونعيمة الشيخ علي، والقياديين عدلي الصادق وتوفيق أبو خوصة، في الخامس من أيلول/ سبتمبر المنصرم، لارتباطهم بدحلان.
وذكرت أبو بكر في حديث سابق لـ"عربي21"؛ أنها ترفض تهمة الرئيس لها "بالتجنح"، معتبرة نفسها من "التيار الإصلاحي" في الحركة، على حد وصفها.
وقد حاولت "عربي21" أيضا الاتصال بالمتحدث باسم الشرطة الفلسطينية في الضفة الغربية، اللواء عدنان الضميرى، للتحدث عن طبيعة الحملة الأمنية وأهدافها وأعداد المعتقلين، ولكن دون جدوى.
ولكن مصدرا أمنيا رفيعا في جهاز الأمن الوقائي؛ أن الحملة الامنية جاءت للرد على مؤتمر العين السخنة في مصر، الذي أشرف عليه القيادي دحلان قبل أيام.
وأضاف المصدر الذي فضل عدم ذكر اسمه، لـ"عربي21"، أن مؤسسة الرئاسة الفلسطينية تشعر بأن "هنالك أيادي خفية يوجهها دحلان في الضفة الغربية تسعى لإفشال المؤتمر السابع (للحركة) المقرر عقده في نهاية الشهر القادم، لذلك يسعى الرئيس لتنظيف الساحة الفتحاوية من هؤلاء المخربين"، على حد وصفه.
وحول المستهدفين وأعدادهم في هذه الحملة، أشار المصدر إلى أن "هنالك تعميما لكافة الأجهزة الامنية باعتقال كل من له علاقة بمحمد دحلان، أي كان موقعه التنظيمي في الحركة، وقد تجاوز عدد المعتقلين حتى مساء الخميس الماضي 273 شخص"، وفق المصدر ذاته.