ملفات وتقارير

ضباط عراقيون يبيعون مواد غذائية وذخائر لسكان الأنبار

تفرض القوات العراقية حصارا على مناطق الأنبار - أرشيفية
أكد سكان هاربون من قضاء حديثة في محافظة الأنبار، غرب العراق، أن حصار مدينتهم المستمر على يد القوات العراقية، منذ أكثر من تسعة أشهر، أصبح وسيلة للتربح من قبل ضباط وجنود الجيش العراقي الذين أخذوا يبيعون المواد الغذائية والمحروقات للسكان بأسعار فاحشة الغلاء، فضلا عن ازدهار تجارة بيع الذخائر الحربية لتشكيلات الصحوة العشائرية التي تتقاسم السيطرة الأمنية على المدينة إلى جانب قوات الجيش.

وتمكن حسن كريم آل جعفر (46 عام) من الخروج مؤخرا مع مجموعة عائلات من قضاء حديثة، ونزلوا ضيوفا عند أقربائهم في بغداد، قبل أن يسافروا مجددا إلى مدينة أربيل، شمال العراق.

وبيّن آل جعفر أن الحالة الاقتصادية في مدينتهم وصلت إلى مرحلة لا يمكن وصفها سوى بـ"الجنون"، حيث وصلت أسعار المواد الغذائية والمحروقات إلى أرقام خيالية.
 
ويضيف آل جعفر، في حديثه لـــ"عربي21": "كيس يبلغ زنتة 50 كيلوغراما من مادة الطحين يباع بمليون دينار عراقي، في حين يصل سعر أسطوانة غاز الطبخ إلى 60 ألف دينار، وهي أسعار تفوق الطبيعية بأكثر من عشرة أضعاف، لافتا إلى أن الجوع أجبر العديد على بيع سياراتهم أو أثاث بيوتهم من أجل إطعام عائلاتهم.
 
ويشير آل جعفر إلى أن ضباطا في الجيش العراقي يسيطرون على تجارة بيع المواد الغذائية والمحروقات التى تصلهم بشكل منتظم بالطائرات العسكرية من قاعدة عين الأسد، غرب الأنبار، ويتم ترويجها عبر وسطاء من عشائر متنفذة في المدينة، لافتا إلى أن المبيعات اليومية تدر عليهم مبالغ ضخمة جدا.
 
ويصر المصدر على أن المجتمع في بلدة حديثة المحاصرة أصبح على نوعين: الناس البسطاء الذين وصلت معاناتهم الإنسانية إلى أقصى درجة، فيما يحظى القسم الثاني، وهي العشائر المسيطرة على تنظيمات الصحوة، بامتيازات متعددة، ومنها الحصول على حصة ثابتة من المواد الغذائية والمحروقات المجانية.
 
من جهته، يبين علوان مزهر العبيدي، الذي خرج مؤخرا من المدينة المحاصرة، أن الكثير من العائلات ترغب بالخروج من المدينة، ولكنها تخشى منعها واتهامها بالالتحاق بصفوف تنظيم الدولة من قبل قوات صحوة عشيرة الجغايفة، التي تفرض شروطا صعبة جدا على الراغبين بمغادرة المدينة.
 
ويوضح العبيدي، في حديث خاص لــ"عربي21"، أن الأعمال التجارية التي يديرها ضباط الجيش لم تقتصر على المواد الغذائية، بل تجاوزتها لتشمل بيع الذخائر الحربية التي تعاني قوات الصحوة من نقص حاد فيها، ما يضطرها إلى شرائها وبأسعار عالية جدا من الضباط الذين يسجلون الكميات المباعة في السجلات الرسمية بأنها مستخدمة في المعارك اليومية الدائرة على حدود مدينة حديثة.
 
ويتابع بأن المبيعات تشمل مختلف أنواع الذخائر الخاصة بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة، وصواريخ القاذفات، ومدافع الهاون، بعد أن استنفدت قوات الصحوة في حديثة معظم مخزونها من هذه الذخائر في المعارك التي تدور في محيط مدينتهم منذ أكثر من تسعة أشهر.

وينفي العبيدي تسلمهم أي مواد إغاثية من قبل الحكومة، التي أعلنت في أكثر من مرة عن افتتاح جسر جوي يتولى عملية إيصال المواد الغذائية إلى المدينة المحاصرة، مشيرا إلى أن الوجبة الوحيدة من الأغذية الواصلة كانت تتضمن مواد أقل من عدد القنوات الفضائية المصاحبة لها، والتي تولت تصويرها قبل أن يتم تسليمها كاملة إلى قيادات في قوات الصحوة، ولم يوزع منها شيء على المواطنين، بحسب تأكيد العبيدي.