كتب حسن حسن، وهو باحث سوري مقيم في دولة الإمارات العربية المتحدة، مقالا في صحيفة "أوبزيرفر" البريطانية، يرى فيه أن الهزيمة أو الفوز في حملة استعادة مدينة
تكريت ليس مهما طالما أنه لم يتحقق من
السنة أنفسهم.
ويقول الكاتب إن الحملة ضد تنظيم الدولة تتشكل وتتحول إلى أكثر اللحظات الحاسمة في الصراع الذي يدور في المنطقة.
ويشير حسن إلى تصريحات رئيس هيئة الأركان المشتركة مارتن ديمبسي يوم السبت، التي أكد فيها أن القوات المشتركة بين المليشيات المدعومة من
إيران وتلك التابعة للحكومة العراقية ستنتصر في الحرب ضد تنظيم الدولة في مدينة تكريت، مسقط رأس الزعيم العراقي السابق صدام حسين، وقال المسؤول: "إن عددهم ضخم".
ويعلق الكاتب بأن هناك العديد من الإشارات التي تكشف عن حجم المصاعب التي تتعرض لها الحملة، وهناك مخاوف من أن تؤدي الحملة إلى موجة جديدة من العنف الطائفي، بالإضافة إلى إعادة رسم توازن القوة في المنطقة.
ويجد حسن أن الحملة، التي دخلت أسبوعها الثاني يوم الأحد، تعد أول محاولة جادة لإخراج تنظيم الدولة من مناطق السنة، التي يسيطر عليها منذ تقدمه السريع العام الماضي.
ويبين الكاتب أنه رغم الحملة الجوية التي تقوم بها الطائرات الأمريكية والمتحالفة معها منذ صيف العام الماضي، إلا أن التنظيم لم يواجه مشاكل كبيرة داخل مناطق تعد قلب تأثيره، وتمتد من الرقة ودير الزور إلى الفلوجة والموصل.
ويرى حسن أن الحملة العسكرية تعد لحظة حرجة وتطورا مهما ستراقبه الأطراف المعنية كلها بقلق، فهو أول جهد عسكري تقوده المليشيات الشيعية دون غطاء جوي أمريكي. ويطرح غياب طائرات التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة عن الحملة الحالية أسئلة كثيرة.
ويشير الكاتب إلى أن الحكومة العراقية تصور حملتها على أنها جهود وطنية تقودها قوات الأمن العراقية، ويشارك فيها الآلاف من المقاتلين السنة، وتزعم أن تكريت باتت خالية من السكان المدنيين.
ويستدرك حسن بأن مزاعم الحكومة ليست دقيقة، فمن يقود العملية هم مقاتلو الحشد الشعبي، الذين تم تجميعهم من مليشيات شيعية لتحل محل الجيش العراقي، الذي انهار بعد سقوط الموصل بيد مقاتلين من تنظيم الدولة، وتدعم وتسلح العملية إيران، وحتى لو شارك مقاتلون سنة في العملية فهم في المقعد الخلفي.
ويرى الكاتب أن المزاعم حول خلو المدينة من المدنيين مثيرة للخوف؛ لأن سجل المليشيات في تعاملها مع السنة حافل بانتهاكات حقوق الإنسان والتطهير الطائفي والعرقي، الأمر الذي وثقته "هيومان رايتس ووتش" الأمريكية، خاصة في عمليات ديالى وجرف الصخر. وبدلا من تركيز الحكومة على خلو تكريت من السكان، فإن عليها التأكد من عدم حصول عمليات انتقامية مماثلة في تكريت.
ويورد حسن أنه قد تم نشر فيديو على الإنترنت، يظهر المليشيات الموالية للشيعة وهي تقتل صبيا، وهو ما أثار مخاوف الكثيرين من حدوث مجازر طائفية على قاعدة واسعة أثناء العملية التي قد تستمر لأسابيع أو أشهر.
ويجد الكاتب أن هذه المخاوف مشروعة؛ نظرا لطبيعة العملية التي صورتها مليشيات الحشد الشعبي باعتبارها عملية انتقامية لمجزرة معسكر سبايكر العام الماضي، عندما قتل مقاتلو تنظيم الدولة أكثر من ألف جندي عراقي معظمهم من
الشيعة. أما الأمر الثاني فهو تأكيد المليشيات على معاقبة "المتعاملين" مع التنظيم.
ويعتقد حسن أن هدف الحملة على ما يبدو سياسي، فتحقيق انتصار في تكريت سيعزز من قوة الحشد الشعبي السياسية والعسكرية والمالية. ودخول هذه القوات إلى الأحياء السنية يعد نصرا كبيرا.
وظهر هذا خلال الأسبوع الماضي، حيث تحول الحشد الشعبي إلى مركز للنقاش السياسي على وسائل التواصل الاجتماعي. وهذا جزء من محاولة دمج هذه المليشيات في المؤسسات الوطنية، ولهذا السبب فقد تعارض إنشاء قوات "الحرس الوطني"، التي تضم مقاتلين سنة وأبناء العشائر كي تقوم بمواجهة تنظيم الدولة.
ويذكر الكاتب أن مقاتلي الحشد ليست لديهم دافعية للقتال خارج مناطق سيطرتهم، إما لأنهم لم يتلقوا رواتبهم منذ شهور، أو لأنهم لا يجدون الحاجة الوطنية الملحة لمواجهة التنظيم، وذلك يعود إلى الغارات الجوية التي أدت إلى إعادة ترسيم الحدود، ونتج عنها ثلاث مناطق، كردية وسنية وشيعية. وهناك عناصر في الحشد يرون أنه ليس من مهماتهم القتال وتحرير مناطق السنة.
ويعتقد حسن أن الحرب من أجل استعادة تكريت ستطول وستترك آثارا سلبية. ففي حالة صمد مقاتلو تنظيم الدولة في تكريت، فسيؤدي ذلك إلى نقاش داخل المليشيات الشيعية وبين المسؤولين في بغداد حول قرار القتال في تكريت. فقد جمع الحشد الشعبي قواته على أساس أن القتال سيكون قصيرا وحاسما، والوضع ليس كذلك.
ويذهب الكاتب إلى أن هذا سيؤثر بالضرورة على التحالف الدولي، الذي تقوده الولايات المتحدة، وخاصة علاقة إيران وإشرافها على المعركة. فمن الواضح منذ البداية أن المليشيات الشيعية المدعومة من إيران أرادت الحصول على قصب النصر في تكريت، ما سيقود الولايات المتحدة إلى التفكير مليا قبل الهجوم على الموصل.
ويخلص حسن إلى أنه مهما كانت نتيجة القتال، فالمظهر مهم. وبالنسبة للسنة داخل وخارج العراق، فإن حقيقة وجود جنرال إيراني يقود عملية شيعية في مسقط رأس صدام حسين دون استشارة الأمريكيين مثير للمشاعر بشكل كبير. فقد كان إخراج تنظيم الدولة من مناطق شيعية أو مناطق مختلفة مفهوما، ولكن القيام بحملة ذات طابع انتقامي، واعتمادا على مليشيات لها سجل واضح في المجازر الطائفية ضد السنة، لن يفسر إلا أنه سوى عملية قصاص.