نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تقريرا لآن برنارد، حول التوتر بين العراق وأمريكا بخصوص طريقة الحرب ضد
تنظيم الدولة، وظهر هذا التوتر علنا يوم الثلاثاء، حين أعلن المسؤولون العراقيون أنهم سيحاربون تنظيم الدولة بحسب برنامجهم بمساعدة أمريكا أو بعدمها، وفي الوقت ذاته لم يشارك الطيران الأمريكي في أكبر هجوم مضاد، وسط قلق بسبب الدور البارز لإيران.
ويشير التقرير إلى أن العراق أطلقت يوم الاثنين حملة حساسة سياسيا لإخراج مسلحي تنظيم الدولة من
تكريت، مسقط رأس الرئيس العراقي السابق صدام حسين، دون موافقة من أمريكا، بحسب مسؤولين. ومع أن العراق تقوم بالخطوة الأولى في أكبر معركة لاستعادة الموصل، إلا أن هناك إشارات إلى أن العلاقات مع أمريكا قد تكون أسوأ مما يعترف به المسؤولون.
وتقول الصحيفة إن المسؤولين الأمريكيين أعربوا عن عدم ارتياحهم للدور البارز الذي تؤديه إيران وحلفاؤها من المليشيات الشيعية في عملية تكريت. وقالت قيادات المليشيات الشيعية إن مقاتليهم يشكلون ثلثي القوات الموالية للحكومة العراقية المؤلفة من 30 ألف مقاتل، كما أن الجنرال الإيراني قاسم سليماني يساعد في إدارة المعركة قرب الخطوط الأولى.
ويلفت التقرير إلى وجود مستشارين وجنود من الحرس الثوري الإيراني يقومون بتشغيل المدفعية وراجمات الصواريخ وطائرات التجسس دون طيار، وقال مسؤولون أمريكيون إن مشاركة إيران في المعركة في قلب المناطق السنية في العراق قد يؤجج الطائفية التي استغلها تنظيم الدولة.
وتذكر الصحيفة أن هذه العملية تأتي على خلفية الغضب العراقي من تصريحات المسؤولين الأمريكيين بأن الهجوم على تنظيم الدولة في الموصل سيبدأ في نيسان/ أبريل، ثم تراجعوا عن ذلك قائلين إن القوات العراقية لن تكون جاهزة لهذا الهجوم قبل الخريف على أفضل الأحوال.
ويورد التقرير أن مستشار الرئيس العراقي حيدر العبادي، علي علاء، قد أعرب عن إحباطه مما وصفه بالوتيرة الأمريكية البطيئة وتقديرات الأمريكيين المتشائمة، حول المدة التي تحتاجها عملية طرد تنظيم الدولة من الموصل وإقليم الأنبار غرب العراق.
وقال علاء في مقابلة: "يستمر الأمريكيون بالمماطلة بشأن الزمن الذي نحتاجه لتحرير البلد.. والعراق ستحرر الموصل والأنبار دونهم".
وتنقل الصحيفة عن المتحدث باسم رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، عباس الموسوي، قوله إن هناك "أزمة ثقة" بين الأمريكيين والعراقيين، وإنه "إن لم تحل هذه المشكلة فسنواجه مشكلة كبيرة في الموصل".
وتجد الكاتبة أنه بالرغم من هذا، فإن التحالف، الذي تقوده أمريكا في شن غارات ضد تنظيم الدولة في مناطق أخرى من العراق، يستمر في أداء مهمته. وأصر المتحدث باسم وزارة الدفاع العراقية الجنرال تحسين الشيخلي، على أن التعاون العسكري العراقي مع أمريكا في حالة جيدة، مبينا أن المسؤولين الأمريكيين يشاركون بانتظام في اجتماعات العمليات المشتركة في بغداد، حيث يشارك ممثلون عن المليشيات الشيعية.
وتفيد الصحيفة بأن مسؤولين أمريكيين وعراقيين قالوا إن العراق لم يطلب العون من أمريكا في حملته على تكريت، ولكن بعض المسؤولين العراقيين برروا ذلك بعدم توقع مساعدة أمريكا. وبينما قال الجانبان إن أمريكا أعلمت بالعملية، فقد قال المتحدث باسم وزارة الدفاع العراقية إن ساعة الصفر يعرف بها العبادي فقط. وقال مستشار العبادي: "نرحب بدعم التحالف الدولي، ولكن إن لم يدعمونا فليست لدينا مشكلة".
ويستدرك التقرير بأن التقدم يبدو بطيئا في الدفع نحو تكريت دون تحقيق اختراق في جهود التحالف العراقي في دخول المدينة. وقال المسؤولون العسكريون العراقيون إنهم وصلوا إلى أبواب الدور جنوب المدينة، وإنهم يتقدمون ببطء، بعد أن حرروا 13 ضابط شرطة كان تنظيم الدولة قد احتجزهم.
وتنقل الصحيفة عن أحد قادة الحشد الشعبي، ويدعى محمد التركماني، قوله: "لو شاركت أمريكا في تكريت لتحركنا بضعف السرعة".
ويوضح التقرير أنه منذ أن اجتاح تنظيم الدولة مساحات واسعة من العراق في حزيران/ يونيو، فإن أمريكا وإيران تعملان رغم عداوتهما الطويلة في حلف ضد التنظيم، حيث يقوم الحلف الذي تقوده أمريكا بالغارات الجوية، بينما تقوم المليشيات الشيعية الموالية لإيران والقوات الكردية بالحرب البرية، وهناك تقارير عن مشاركة قوات إيرانية بشكل مباشر في العمليات في العراق.
وتكشف "نيويورك تايمز" عن أن مصدر عدم الارتياح لدى أمريكا هو فشل حكومة العبادي في حشد قوات سنية للانضمام إلى القتال ضد تنظيم الدولة، وهو ما ترى أمريكا أنه ضروري لكسر القبضة التي يحكمها التنظيم على المناطق ذات الغالبية السنية.
وتشير الكاتبة إلى أن شكاوى المسؤولين العراقيين من أن الدعم الأمريكي ليس بقوة الدعم الإيراني، آخذة بالازدياد. وكثير من العراقيين مستاءون مما يرونه حساسية أمريكية مفرطة تجاه المليشيات، التي لها دور يذكر في وقف زحف تنظيم الدولة، بعد أن هربت وحدات الجيش النظامي أمام زحف التنظيم.
وينقل التقرير عن أحد قيادات مليشيا بدر، معين الكاظمي، قوله: "إن أمريكا تعتبرنا مليشيات لا تمثل الحكومة، بينما نحن ندافع عن البلد ونساعد الحكومة، نحن الشعب العراقي".
وترى الكاتبة أن هجمة تكريت قد تكون الخطوة الأولى لطرد تنظيم الدولة، وقد تعمق الانقسام السياسي والطائفي الذي استغله المتطرفون لكسب تأييد بعض العراقيين
السنة ورضوخ الآخرين. وقام التنظيم بتكتيكات تخويف ضد السنة، الذين لا يقبلون به ولا يؤيدون الحكومة في بغداد.
وتستدرك الصحيفة بأن المليشيات الشيعية قامت في الوقت ذاته بعمليات انتقامية ضد السنة، الذين تنظر إليهم بعين الريبة والخوف.
وينوه التقرير إلى أن عملية تكريت تعد أول محاولة عراقية منذ حزيران/ يونيو، عندما قام تنظيم الدولة بقتل ألف جندي عراقي شيعي عندما فروا إلى قاعدة سبايكر الجوية، وكانت هناك تخوفات من أن أقرباء الجنود المقتولين في المليشيات الشيعية يفكرون بالثأر لهم من السكان السنيين المحليين إن هم دخلوا تكريت، وبعض قيادات المليشيات أطلقوا على العملية اسم "عملية الثأر".
وقال مسؤول عسكري أمريكي إن هناك مخاطر حقيقية، وأعرب عن قلقه من أن العلميات العسكرية العراقية قد لا تعير انتباها كافيا لمخاطر وقوع ضحايا مدنيين نتيجة القصف العشوائي بالمدفعية والصواريخ، بحسب الصحيفة.
وتختم "نيويورك تايمز" تقريرها بالإشارة إلى أن المسؤول الأمريكي، الذي اشترط عدم ذكر اسمه، اعترف بأنه إن أثمرت العملية عن طرد مقاتلي تنظيم الدولة من تكريت فإن ذلك سيكون إيجابيا.