كتاب عربي 21

أيها الأغبياء: أما فهمتم بعد..؟

1300x600

أيها الأغبياء، أما فهمتم بعد ...
 أما بانت لكم الحقائق، أما ظهر لكم جليا واضحا كيف هي الصورة وكيف هو المشهد  .أيها الأغبياء، لقد أصبح قائد الانقلاب رئيسا، وماذا بعد حتى تفهموا !.
وما معنى الانقلاب العسكري عندكم، إذا لم يكن عزل الجيش لرئيس منتخب ليصل بعد ذلك قائد هذا الجيش إلى سدة الحكم انقلابا عسكريا، ما معنى الانقلاب العسكري عندكم وما توصيفه إذن ؟!.

أيها الأغبياء، أما فهمتم بعد ...
عمر سليمان نائب رئيس الجمهورية ساعتها، والمدير السابق للمخابرات العامة قبلها، يصرح في أثناء ثورة الخامس والعشرين من يناير أنه إذا لم يكن هناك اتفاق مع القوى السياسية تنهي به الحالة الثورية، فإن كل الخيارات مفتوحة وخصوصا خيار الانقلاب.

ثم بعد نهاية المشهد الثوري، وبعد خلع مبارك، وعندما كانت البلاد على أبواب الانتخابات الرئاسية، يصرح عمر سليمان مرة أخرى، أنه إذا ما نجح التيار الإسلامي في الاستحواذ على مقاليد السلطة في البلاد، فإن الجيش سيقوم بانقلاب عسكري.
هكذا كان تصريحه صريحا موثقا.

أيها الأغبياء، أما فهمتم بعد ...
الدكتور يزيد الصايغ الباحث الاستراتيجي الكبير، يكتب قبل وصول الإخوان إلى الحكم في مصر كتابه الذي عنونه بعنوان (دولة الضباط)، يشرح فيه الدكتور يزيد كيف أن الدولة المصرية أصبحت بالفعل دولة ضباط، يسيطر فيها العسكر على كافة المفاصل، وخصوصا المفصل الاقتصادي. ويتحدث عن حجم ذلك الفساد العسكري المستشري. ثم يجزم في نبوءة قاطعة، أنه إذا ما وصل الإخوان للحكم، فإن دولة الضباط هذه لن تصبر عليهم أكثر من عام.
وكأنه كان ينظر من وراء الغيب. لم تصبر دولة الضباط على حكم الإخوان المدني أكثر من عام، ولو ليوم واحد.

أيها الأغبياء، أما فهمتم بعد ...
أحمد ماهر مؤسس حركة 6 أبريل، يوثق في شهادته من وراء القضبان، أنه قبل الانقلاب على الإخوان كان الجميع يعلم ما تسير إليه البلاد، وقد طلب منه متآمرو الانقلاب أن يكون معهم هو وحركته، وأخبروه أن الترتيب هو أن يحدث الجميع اضطرابا متواصلا في الشارع يصل إلى حد إراقة الدماء، ثم يكون بعدها تدخل الجيش ليستلم زمام الأمور.
ولما أن رفض أحمد ماهر المشاركة في المشهد الذي ستخضبه دماء المصريين، هكذا قال هو، طلبوا منه أن لا يكون ضدهم إن لم يستطع أن يكون معهم.
وبالفعل كان لهم ما أرادوا، اضطراب ودماء وعسكر.

أيها الأغبياء، أما فهمتم بعد ...
(المندس) الفيلم التوثيقي الذي قام فيه الشاب (مهند) بعمل يضاهي به أجهزة المخابرات. ولا أدري كيف لهذا الشاب أن يقوم بكل هذا العمل، وأن يحمّل بكل هذه الإمكانيات التصويرية الدقيقة، إلا أن يكون مدعوما من جهة يعمل لها وهي التي تموله. المهم أن ذلك الشاب قد وثق بالصورة والصوت ما كنا نتحدث عنه دائما.

وثق لنا كيف أن أجهزة الدولة العميقة وعلى رأسها العسكر والشرطة هم الذين كانوا يستخدمون البلطجية ويحركونهم من أجل إحداث الاضطراب الدائم في الشارع، تمهيدا لتدخل الجيش في نهاية المشهد كما رأينا.

أيها الأغبياء، أما فهمتم بعد ...
أبو العلا ماضي سرب معلومة خصه بها الرئيس مرسي عندما كان في سدة الحكم قبل الانقلاب عليه.
ذكر المهندس أبو العلا أن الرئيس مرسي أخبره أن أجهزة المخابرات والشرطة وأمن الدولة قد قاموا بتجنيد جيش من البلطجية في عهد مبارك، وأن هذا الجيش قوامه ثلاثمائة ألف بلطجي، وهم يستخدمون هذا الجيش البلطجي الهائل في مهام كثيرة.
وقد استخدموه فعلا في عهد مرسي للانقلاب عليه، وذلك ما وثقه فيلم المندس كما ذكرنا آنفا.

أيها الأغبياء، أما فهمتم بعد ...
عندما أعيد الآن النظر والاستماع للحالة الإعلامية المصرية قبل الثلاثين من يونيو مباشرة وأثناءها وبعدها، أجد خطابا إعلاميا واحدا، دعوة من الجميع للجيش بأن يتدخل ويستلم زمام الأمور.
لا يتخيل عاقل أبدا أن يكون كل هذا من باب توارد الأفكار الذي هطل على الجميع.
واضح وضوح الشمس في رابعة النهار أن الخطاب الإعلامي كله كان خطابا موجها ومعدا من جهة واحدة، هذه هي الجهة التي خططت للمشهد كله من يوم استلام مرسي للحكم إلى النهاية.

أيها الأغبياء، أما فهمتم بعد ...
يفضح الله القوم من حيث يريدون ومن حيث لا يريدون، فيخرج علينا بعض من أقطابهم ليعلن أن الجيش قد استدعى بعضا من الرموز المصرية قبل الثلاثين من يونيو، وطلب منهم الاجتماع، ثم طلب منهم طلبا مباشرا أن يدعوا جميعا لتدخل الجيش، وأن يلحوا في الطلب، تحت ادعاء حماية البلاد من فتنة عمياء وحرب أهلية كبيرة.

أيها الأغبياء، أما فهمتم بعد ...
يسارع الرئيس الأمريكي بتهنئة السيسي المنقلب، وقد سارع وزير خارجيته قبل ذلك إلى إعلان تأييد خارطة المستقبل الانقلابية، والتأكيد في أكثر من مرة على أن الإخوان حاولوا سرقة الثورة المصرية، وأن ما حصل هو تصحيح للأوضاع.
ويوثق بعض المقربين من الرئيس مرسي أن أوباما كان قد اتصل به قبل الثالث من يوليو بيوم أو يومين ليؤكد له أن عليه أن يغادر منصبه وأن يدعو لانتخابات رئاسية لا يكون هو طرفا فيها.
يتأكد يوما بعد يوم، وبكل الشواهد، أن أمريكا لم تكن فقط راضية عن الانقلاب المصري، بل كانت مخططة وشريكة فيه من الأساس.

أيها الأغبياء، أما فهمتم بعد ...
الإسرائيليون لا يتركون مناسبة إلا ويثنون فيها على السيسي، وعلى حركته الانقلابية، بل ويدعون العالم صراحة إلى الوقوف معه في حربه على الإخوان والإرهاب.

وتخرج بعض التسريبات التي تؤكد أن إسرائيل كانت ضليعة في تمويل هذا الانقلاب ومساندته منذ التخطيط له من البداية.
ولم تكن أموالها التي دفعتها للانقلابيين، كما ذكرت التسريبات، بأقل كثيرا من أموال الخليج الذي يرى في نجاح الانقلاب المصري نجاحا له وإبقاء لأنظمته الطاغية، وأن في فشل هذا الانقلاب ودحره نهاية لتلك الأنظمة في القريب.

كل هذه الصور والمشاهد والتوثيقات، ألا تدلكم على شيء تغافلتم عنه جهلا وغباء أيها الأغبياء.
الانقلاب ليس انقلابا على الإخوان وفقط، ولكنه انقلاب على الإرادة المصرية كلها، وحياد عن طريق الحرية الذي كنا قد رسمناه معا في ثورة الخامس والعشرين من يناير.

ولن يكون الإخوان هم من سيكوى بنار الطغيان والاستعباد وحدهم، بل إن الجميع آتون، والقائمة طويلة، الإخوان أولها ولن يكونوا آخرها، فادّكروا أيها الأغبياء.