ملفات وتقارير

برلماني جزائري يستقيل احتجاجا على تبذير المال العام

اليامين زروال بعد 15 سنة من تطليقه الحكم - عربي 21
أعلن نائب في البرلمان الجزائري، استقالته من البرلمان، الأربعاء 19 آذار/ مارس، في سابقة، لم تعهد مثيلها المؤسسة التشريعية الجزائرية، بسبب ما أسماه "غياب الرقابة واكتفاءه بالمصادقة على قوانين الحكومة" وكذلك توزيع الحكومة مخصصات مالية للمحافظات دون سند قانوني، في إشارة منه إلى ماكان يقوم به الوزير الأول السابق، عبد المالك سلال، خلال زياراته المكوكية إلى المحافظات، وتوزيعه أغلفة مالية خارجة عن مخصصات قانون المالية لـ2013.

وقال مصطفى بوشاشي، نائب "جبهة القوى الاشتراكية"، أقدم حزب معارض في الجزائر، في رسالة الاستقالة التي بعث بها إلى رئيس البرلمان العربي ولد خليفة، وتحصلت صحيفة "عربي21" على نسخة منها: " إن المجلس الشعبي الوطني المنوط به رقابة صرف المال العام لا يقوم بهذه المهمة على أكمل وجه سواء تعلق الأمر بمشاريع قوانين المالية وخصوصا بمشاريع قوانين تسوية الميزانية بل يكتفي بالمصادقة على كل ما يقدم له رغم بعض الاختلالات الخطيرة".

وخاطب بوشاشي رئيس المجلس العربي ولد خليفة في الرسالة، بالقول "تبعا لمراسلات سابقة معبرة عن مواقف رفض ومطالب تقويم، ظلت دون رد أو تصويب، يؤسفني أن أتقدم إلى سيادتكم هذه المرة بقرار الاستقالة والانسحاب من المجلس الشعبي الوطني".

 وندد بوشاشي، الذي كان يشغل رئيسا "للرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان"، والمعروف بمواقفه المعارضة الجريئة ضد السلطة، بتوزيع الحكومة أموالا باهظة على المحافظات، خارج الأطر القانونية المتمثلة في الاحتكام لقانون المالية للعام 2013، الذي منح مسبقا المخصصات المالية.

وواجه الوزير الأول السابق عبد المالك سلال، حملة انتقادات شرسة من قبل المعارضة، على أنه "يقوم بحملة انتخابية مسبقة لفائدة الرئيس المترشح عبد العزيز بوتفليقة" مثلما أكد جيلالي سفيان، المترشح المنسحب من السباق الرئاسي، لانتخابات 17 نيسان/ ابريل الداخل ل"عربي21".

وأضاف بوشاشي أن المجلس"غير مدرك أن هذه الأموال أمانة واجبنا حمايتها والذود عنها". كما قال"  إنني نائب منذ أكثر من سنة ونصف، وعلى غرار أغلب النواب لا علم لي بجدول أعمال المجلس وقراراته، بل إنني كثيرا ما سمعت عن قراراته من خلال وسائل الإعلام".

وتعد هذه الاستقالة الأولى من نوعها منذ أول انتخابات تعددية، في نيسان /أبريل 1997، حيث "تغري" الاجور المبالغ فيها، النواب على البقاء في مناصبهم، حتى بعض نواب المعارضة الذين ينتقدون دوما المجلس على أنه "لا يقوم بمهامه الدستورية الرقابية" لكنهم لم يستقيلو.

وقرر الرئيس المترشح عبد العزيز بوتفليقة، رفع أجور النواب، العام 2008، قبل أيام قليلة من تمرير تعديل الدستور عبر البرلمان، وهو التعديل الذي تم بموجبه، رفع التقييد عن الفترات الرئاسية التي حددها دستور الرئيس السابق اليامين زروال العام 1996 ، بفترة واحدة قابلة للتجديد فترة واحدة اخرى من خمس سنوات.

  وبموجب هذا التعديل تمكن الرئيس بوتفليقة من الترشح لولاية ثالثة، وفاز بانتخابات الرئاسة لنيسان/ابريل 2009. كما تمكن من الترشح مجددا لاستحقاق الشهر الداخل.

واتهمت لويزة حنون، رئيسة حزب العمال، اليساري،  والمترشحة لثالث مرة لانتخابات الرئاسة، النواب بتلقي رشوة لقاء تمرير التعديل الدستوري.

ويتقاضى النواب في الجزائر، 330 الف دينار، ما يعادل  أكثر من ثلاثة آلاف دولار أمريكي، ومع ذلك، يطالب النواب برفع اضافي لأجورهم المرتفعة جدا مقارنة مع الموظفين .

وقال النائب المستقيل "عوض أن تقوم الحكومة بتقديم البيان السنوي طبقا لأحكام الدستور خصوصا المادة 84 منه، راح الوزير الأول يجوب الولايات ويوزع اعتمادات مالية بدون أي سند قانوني وفي تغييب تام للمجلس الشعبي الوطني، الذي التزم الصمت، وأجهز على ما بقي من مصداقية لهذه المؤسسة المتواطئة".

وينتمي بوشاشي إلى حزب، أثار عدم تقديمه موقفا محددا من ترشح الرئيس بوتفليقة لولاية رابعة، جدلا كبيرا، رغم  مواقفه المعارضة للنظام. 

وقال احمد بطاطش، الأمين الأول للحزب المعروف اختصارا بـ"الافافاس" قبل أسابيع "نعم تفاوضنا مع النظام". ولم يوضح طبيعة هذه الصفقة، لكن إعلان نائب الحزب عن استقالته اليوم، وضع احتمال أن يكون له علاقة بالصفقة، لكن مصدر رفيع المستوى قال في تصريح لـ"عربي21" الأربعاء " لقد أبلغت أن هناك صفقة رسمية بين الافافاس ودوائر في النظام لكنها لم تر النور"، وما طبيعة الصفقة؟، يرد المصدر"تفاوض الحزب مع السلطة على أن يترشح بوتفليقة وعلى أن يكون مولود حمروش نائبا للرئيس".

ومولود حمروش، وهو رئيس حكومة سابق، عرف بـ"رجل الإصلاحات"، ويقول نفس المصدر أن "حمروش المقرب من حزب الافافاس اشترط أن يتولى منصب نائب الرئيس بالانتخاب وليس بالتعيين". كما تابع المتحدث أنه اتفق على أن تشكل بعد الانتخابات "حكومة ائتلاف وطني، وحل البرلمان وتشكيل مجلس تأسيسي ووضع دستور توافقي.. إلا أن حمروش رفض ".

الرئيس الجزائري السابق اليامين زروال ينتقد ضمنيا ترشح بوتفليقة لولاية رابعة

في غضون ذلك، تمكنت صحيفة "عربي21" من معرفة فحوى اجتماع، تم، الثلاثاء، بين الرئيس السابق، اليامين زروال، ومقربين منه، حيث قال متحدث على صلة بالاجتماع، أن زروال "أبلغ محدثيه انه مستاء من التهكمات الأخيرة لمدير حملة الرئيس المترشح، عبد المالك سلال في حق امازيغ الشاوية".وينتمي زروال الى "امازيغ الشاوية" وقد تسلم بيان من محتجين تظاهروا بمحافظة باتنة، حيث مقر سكناه ، ودعوه الى ابداء موقف ازاء تصريحات سلال المثيرة للجدل.

وقال الرئيس الجزائري السابق، الذي يرفض الخروج إلى الأضواء، في الاجتماع ان "مراجعة الدستور الجزائري سنة 2008 وخاصة ما تعلق بفتح العهدات الرئاسية أنتج تعكيرا في التداول على السلطة".
 
 وفهم من تصريح زروال ، حسب محدث  لـ"عربي21" والذي اعتذر عن الكشف عن اسمه ان "الرئيس السابق غير مرتاح لترشح الرئيس بوتفليقة لعهدة رابعة"، كما أكد أن "زروال استاء أيضا للحملة التي شنت ضد الجيش في الأسابيع الماضية".

 يذكر أن اليامين زروال رفض دعاوى عدة لأحزاب سياسية وشخصيات وطنية بالترشح لانتخابات الرئاسة 17 نيسان / ابريل، القادم، كما رفض الترشح لانتخابات الرئاسة العام 2009.

ولم يكمل اليامين زروال ولايته الرئاسية، بعد انتخابه العام 1995، على رأس البلاد، وقرر إجراء انتخابات مسبقة العام 1999، وهي الانتخابات التي ترشح لها الرئيس الحالي عبد العزيز بوتفليقة، ومنذ ذلك الوقت وهو متربع على كرسي الرئاسة.