ملفات وتقارير

نيويورك تايمز: إسرائيل تتبنى استراتيجية "القلعة"

جندي إسرائيلي يتفقّد موقع سقوط صاروخ كاتيوشا أطلق من لبنان (أرشيفية) - أ ف ب
في تقرير حول الأوضاع السائدة في المنطقة وردود الفعل الإسرائيلية تجاهها، قالت صحيفة "نيويورك تايمز" إن "المسؤولين الإسرائيليين يواصلون التأكيد أنهم لا يريدون التدخل فيما يحدث، وعوضا عن ذلك يتبنون عقلية "القلعة"، آملين أن يكون الخندق (المجازي: من أسيجة حدودية عالية التقنية وانتشار عسكري مركز ومعلومات استخباراتية متطورة) الذي حفروه حول القلعة متسعًا بما يكفي لشراء الوقت على الأقل".



وتضيف أنه عندما سقط صاروخ كاتيوشا على شمال "إسرائيل" الشهر الماضي حمل  نتنياهو حزب الله المسؤولية، ولكن المخابرات الإسرائيلية نسبت الهجوم لمجموعة جهادية مرتبطة بالقاعدة، وهذا مثال للمعضلة التي تواجهها "إسرائيل" في منطقة تمزقها الحروب الطائفية التي قد تعيد رسم خارطة الشرق الأوسط.



ومع أن نتنياهو والقيادات الأخرى ترى في برنامج إيران النووي وحزب الله الخطر الرئيسي لإسرائيل، إلا أنه لا يمكن إهمال قوة الخلايا السنية في سورية والعراق وغيرها والذين يهددون بالزحف نحو القدس.



ويقول المستشار السابق للأمن القومي الإسرائيلي يعقوب أميدرور: "ما علينا أن نفهمه هو أن كل شيء حولنا سيتغير، لأي شيء .. لا أدري. ولكن علينا أن نكون حذرين جدًا من أن نصبح جزءا من هذا الصراع. ما نراه اليوم هو انهيار لنظام تاريخي وفكرة الدولة القومية العربية. وهذا يعني أننا سنكون محاطين بأرض غير تابعة لأحد في النهاية". وأضاف باختصار على الإسرائيليين أن "ينتظروا ويحافظوا على القلعة".



وتضيف الصحيفة أن الزعماء الإسرائيليين يحاولون استغلال الأحداث للحفاظ على تواجد عسكري طويل الأمد في الأغوار، وهي قضية خلافية في محادثات السلام التي تجري بوساطة أمريكية. وأن المسؤولين والمحللين المرتبطين بالحكومة والأمن يشيرون إلى ما يحدث في العراق ليؤكدوا المخاطر التي تواجه إسرائيل من الناحية الشرقية.



وتشير إلى ما قاله نتنياهو للصحفيين يوم الخميس: "من مضيق جبل طارق إلى معبر خيبر (في أفغانستان) لا توجد هناك بقعة آمنة .. يمكن بناء السلام على الأمل ولكن هذا الأمل يجب ربطه بالحقائق وأي سلام لا يقوم على الصدق، فإنه سيصطدم بواقع الشرق الأوسط".



وتذكر رأي الجنرال المتقاعد والمفاوض الإسرائيلي السابق ميشيل هيرزوغ حول ما يحدث في المنطقة وانعكاساته، حيث يقول إن الولايات المتحدة تقبل القلق الأمني الإسرائيلي بشأن التغيرات في المنطقة كوجود الجهاديين في سوريا وعدم وضوح مآل الأمور في مناطق أخرى.



وتضيف الصحيفة أن التغيرات السريعة في المنطقة أزعجت المسؤولين الإسرائيليين ومنها ما حصل بين أمريكا وإيران، ليس بشأن الملف النووي فقط بل فيما يتعلق بالعراق وسوريا حيث عكست اختلافا في رؤية الحليف الاستراتيجي "لإسرائيل" للأمور، وحتى السعودية التي تشارك اسرائيل التخوف من النووي الإيراني، إلا أنها تدعم مجموعات سنية ترى "إسرائيل" عدوها اللدود.



وبشكل عام، فقد أقنع الاقتتال الحاد في المنطقة الكثير من الإسرائيليين بأن المنطقة ستفقد الاستقرار، بل ستدخل في فوضى لفترة لتقلب رأسًا على عقب، عقودًا من الترتيبات الاستراتيجية والتخطيط  العسكري.



ويقول الباحث جوناثون سباير إن: "إسرائيل كانت تاريخيًا تفضل الزعماء الأقوياء حتى لو كانوا معادين لها"، ويذكر الأسد كمثال ويضيف أن مشكلة "إسرائيل" مع الإسلاميين هو عدم وجود عنوان، حيث إن "إسرائيل" تحب وجود عنوان دائما، ويضرب مثالا: "لا نحب الأسد، ولكن عندما يحصل شيء في أرضه نستطيع التفاوض معه. ولكن مع هؤلاء الناس ليس هناك عنوان، ليس هناك من نفاوضه."



وتذكر ما قاله مدير قسم التخطيط العسكري في مقابلة مع "يديعوت أحرونوت" حيث قال إن الجهاديين حققوا تقدما في سورية وإنه ليس لديه خطة للقضاء على الجهاد العالمي، "لكنني أطور مقدرة استخباراتية لمراقبة الأحداث، وإذا لاحظت هدفًا ممكن أن يتحول إلى مشكلة سأستخدم المعلومات الجيدة التي تردني وأحللها وأبني عليها خطة، وعندي الآن العديد من هذه الأهداف."



ومنذ بداية الربيع العربي عام 2011 أصبح في "إسرائيل" مدرستان؛ الأولى تقول إن عدم الاستقرار في المنطقة بمقتضى الإسراع في حل الصراع مع الفلسطينيين، والأخرى تنادي بعدم القيام بأي تنازلات ما دام مستقبل المنطقة غير واضح، والأحداث الأخيرة جعلت كلا من الطرفين يتمسك بآرائه أكثر.



وتختتم  الصحيفة مقالها برأي المدير السابق للموساد إفرايم هاليفي الذي يرى أن تدخل إيران في سورية والعراق سيأخذها بعيدا عن برنامجها النووي كما أن حزب الله خسر محاربين في سورية وخسر شعبية في لبنان، وحماس في غزة ضعفت بشكل كبير بسبب الانقلاب العسكري في مصر وقمع الإخوان. كما أن قوة سوريا العسكرية ضعفت بشكل كبير وهذا مما يبرر "لإسرائيل أن تتنفس الصعداء إذا ما قارنا الأوضاع مع ما كنت عليه قبل ستة أشهر".