صحافة إسرائيلية

الحملة على أوباما غير حكيمة

صحافة
ينتقد الكاتب الاسرائيلي يهودا بن مئير اولئك الذين يتهمون الولايات المتحدة بالتخلي عن اصدقائها.

ويضيف في مقال له بعنوان "ليس سابقا ولا حكيما"، نشرته صحيفة هآرتس في عددها الصادر اليوم الاربعاء  "إن محاولة تصوير صورة تقول إن الولايات المتحدة تخلت فجأة عن جهد دام سنين لوقف البرنامج الذري الايراني وإنها تُدير ظهرها لكل صديقاتها في الشرق الاوسط وفي مقدمتها اسرائيل، ليست غير صادقة فحسب بل غير حكيمة ايضا".

وفيما يلي نص المقال:

نشهد في الايام الاخيرة عقب الاتفاق في جنيف حملة دعائية متزامنة ومنظمة ومنسقة بين جهات اليمين في اسرائيل والولايات المتحدة لتسويد صورة الرئيس براك اوباما. ويكتب محللون في اسرائيل والولايات المتحدة عن خيانته لاسرائيل والسعودية في ظاهر الامر.

ونقول بالمناسبة إن اهتمام اليمين الاسرائيلي المفاجيء بالسعودية وبدول الخليج يؤثر في القلب حقا. كان ثم من شبهوا اوباما بـ نيل تشمبرلين، واتفاق جنيف باتفاق ميونيخ، وزعم محللون في اسرائيل أن اوباما تخلى عن الخيار العسكري وكل ذلك برغم أن رئيس الولايات المتحدة يقول عكس ذلك. بل بالغت صحيفة "اسرائيل اليوم" وهي صحيفة شلدون ادلسون وقالت في عنوان لها إن اوباما سلم بايران الذرية.

إن غاية هذه الجهات واضحة وهي تساوق أجندتها العامة، أي اقناع الجمهور في اسرائيل بأن اوباما عدو لنا، ولا يمكن أصلا الاعتماد على الولايات المتحدة ولهذا يجب ألا نحسب حسابا لالحاحات واشنطن أو لمواقفها مما يتعلق بالصراع الاسرائيلي الفلسطيني.

وماذا نفعل اذا لم تؤيدنا الولايات المتحدة؟ أجاب عن ذلك وزير الخارجية افيغدور ليبرمان الذي قال إننا سنبحث عن صديقات جديدات ويبدو أنه يقصد روسيا والصين اللتين نعرف تصويتهما المؤيد لاسرائيل في مؤسسات دولية، من الوكالة الدولية للطاقة الذرية الى مجلس الامن؛ أو ربما الاتحاد الاوروبي الذي مواقفه من المستوطنات جد مريحة لاسرائيل.

إن محاولة تصوير صورة تقول إن الولايات المتحدة تخلت فجأة عن جهد دام سنين لوقف البرنامج الذري الايراني وإنها تُدير ظهرها لكل صديقاتها في الشرق الاوسط وفي مقدمتها اسرائيل، ليست غير صادقة فحسب بل غير حكيمة ايضا. فهي غير صادقة لأن الامر ليس صحيحا وهذه النظرية لا أساس لها ولا مستمسك لها في الواقع لكنها الى ذلك ايضا تضر بمصالح اسرائيل الحيوية. يوجد قدر لا يستهان به من الصدق في انتقاد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لاتفاق جنيف – فالاتفاق اشكالي ومن المؤكد أنه ليس فيه ما يدعو الى الفرح وإن لم يكن كارثة ايضا. لكن الخلوص من هنا الى الاستنتاج الهاذي وهو أن اوباما قلب جلده وأصبح مستعدا للتسليم بايران الذرية بعيد.

إن اوباما هو الذي يقف وراء منظومة عقوبات على ايران من أشد ما عرف العالم. وهو يعتقد اليوم أن العقوبات فعلت فعلها ونشأ امكان التوصل الى تسوية مع ايران يقف من ورائها مجتمع دولي موحد. وهي تسوية غير مثالية لكن يبدو أن معناها أنه لن تملك طهران سلاحا ذريا. وقد يكون اوباما مخطئا – وستخبرنا الايام بذلك – لكن ينبغي ألا نسلبه الحق أو الواجب في الحقيقة أن يحاول.

إن هذه الحملة الدعائية غير حكيمة فضلا عن كونها غير صادقة لأن لهذه النظريات – كلما كانت هاذية وداحضة – سمة النبوءة التي تحقق نفسها. إن مصلحة اسرائيل العليا هي أن تكرر بكرة وعشية التزام اوباما "استعمال كل عناصر القوة القومية الامريكية لمنع ايران من الحصول على السلاح الذري" وأن تقنع العالم كله وفي مقدمته ايران بأن "رئيس الولايات المتحدة لا يخدع".

هل المصلحة الاسرائيلية هي زعم أن اوباما سلم بايران الذرية؟ اذا كان هذا صحيحا لا سمح الله، فان ذلك يجعل اسرائيل تواجه امكانات بعضها اسوأ من بعض. يجب العودة الى ارض الواقع والعمل في تعقل وتقدير للامور.