صحافة إسرائيلية

إسرائيل "دولة زميلة" في معسكر سلام جديد

رابين الاردني - صحافة اسرائيلية
إذا كان رئيس الوزراء الاسرائييلي بنيامين نتنياهو قد ملأ الدنيا صراخا للتنديد والتحذير من اتفاق الدول الكبرى وايران حول ملفها النووي، فيبدو ان الوقت حان لتحويل الخسارة الى مكسب ثمين.

هذا ما يطرحه عدد من الكتاب الاسرائيليين اليوم.

الكاتب والصحفي عامي دور يطرح في معاريف مقاربة جديدة لما بات يعرف باتفاق ايران النووي، حيث يرى في صحيفة معاريف أن اسرائيل يمكن ان تقدم مظلة نووية لدول الخليج وعلى رأسها السعودية، في مقابل تهدد طهران النووي.

يقول عامي دور:

السؤال اذا كانت الكلمات الغامضة "الخيار النووي لاسرائيل" لا تزال تُستخدم كدرع لاخفاء أسرار الذرة لاسرائيل، لم يعد منذ زمن بعيد موضوع عجب في أرجاء العالم. فهذه الأسرار الدفينة، التي أُبقيت على مدى السنين طي الكتمان، انكشفت لضوء الشمس قبل سنوات عندما فاجأ العالم في نهاية العام 2006 التصريح "الذري" لمن كان في تلك الايام المرشح لمنصب وزير الدفاع الامريكي، د.
روبرت غيتس. ففي اثناء الاستماع الذي أُجري له في مجلس الشيوخ قُبيل أدائه اليمين القانونية، كشف غيتس النقاب بكلمات لا لبس فيها حين قال دون رتوش إن "لدى اسرائيل سلاح نووي".

 لم يدع غيتس في الاستماع بأن هذا رأيه الشخصي أو تقدير المحافل الاستخبارية الامريكية. فقد طرح الامور كحقيقة ناجزة – وكل من تعاطى بجدية مع القول الدراماتيكي الذي أُطلق مشفوعا بالقسم، ما كان يمكنه أن يتفادى الفهم بأن لدى اسرائيل مخزونا من القنابل الذرية وقدرة على نقلها الى أهداف العدو، كائنا من كان.
         
منذ اطلاق التصريح الذري لغيتس لم تعد أهمية لمسألة اذا كان بالفعل لدى اسرائيل سلاح نووي. فعلى مدى السنين تعرض العالم – وذلك ايضا بفضل المساعدة الدبلوماسية النشطة لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو – لسباق لا يكل ولا يمل من جانب ايران نحو
انتاج سلاح ذري لنفسها كي تتمكن من الانضمام الى نادي القوى العظمى النووية. وكانت نتيجة هذا الكشف أن عمدت اسرائيل الى العمل انطلاقا من فرضية أساس على أن الهدف الاستراتيجي لايران هو ابادة اسرائيل. 

الحقيقة، كما تراها محافل استخبارية رفيعة المستوى في العالم، تختلف تماما. فالتقديرات المهنية تعرض صورة معناها التالي: نية ايران هي السيطرة على كل الدول الاسلامية المنتجة للنفط في الشرق الاوسط كي تتمكن من أن تعيد للاسلام، بواسطة ايران، مكانة
الامبراطورية العظمى. هذه النية القتالية خلقت "نادٍ" من الدول المهددة بالنووي الايراني: السعودية، اتحاد الامارات في الخليج الفارسي، الكويت والعراق، وكي يكون "الاحتفال" الديني الاسلامي كاملا، فقد ضُمت اسرائيل ايضا الى النادي، وكم هو هذا السيناريو حقيقي ومهدد يمكن لنا أن نعرف من النبأ الذي نشر هذه الايام في الـ "بي.بي.سي" وجاء فيه أن السعودية ستحصل على سلاح نووي من الباكسان، كخطوة دفاعية اذا ما تزودت ايران بقنبلة ذرية.

من ناحية عملية، فان هذا الوضع الجديد يمكن أن يشكل مسارا مشوقا لخدمة مصالح اسرائيل. ومع ذلك، فان تماثل المصالح بين كل اعضاء "نادي المهددين" يمكنه بالتأكيد أن يولد تعاونا سريا حتى وإن كان غير معقول، إلا أنه يمكنه أن يكون واقعيا تماما.

لن أتفاجأ اذا ما تبين لنا جميعا ذات يوم بأن خلف الكواليس وبسرية تامة تجري اتصالات قيادية بين اسرائيل وبعض من جيرانها الاسلاميين للوصول الى الصفقة التالية: أن تعرض اسرائيل "خيارها النووي" كأداة استراتيجية توفر الحماية المناسبة
لكل الجيران المهددين من ايران، وبالمقابل تحصل اسرائيل على مكانة "دولة زميلة" في معسكر جديد من السلام الشرق اوسطي.

اذا ما تحقق بالفعل مثل هذا الخيار، فيمكن القول إن تهديد الذرة الايراني سيشكل رأس حربة بالذات للسلام وليس للحرب. وربما، حسب ما ورد في الأصول، عسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم.