صحافة دولية

NYT: هكذا كانت ردود الفعل العربية على خطة ترامب للسلام

ردود فعل عربية خافتة ردا على خطة ترامب- نيويورك تايمز

نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تقريرا للصحافيين بن هبارد وديكلان وولش، يقولان فيه إن ترامب صرح بثقة، خلال إعلانه عن خطته لحل الصراع بين الفلسطينيين والإسرائيليين، بأن العرب سيؤدون دورا رئيسيا في إنجاحها.

 

ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى عدم مصادقة أي دولة عربية حليفة لأمريكا رسميا بتأييدها للخطة، أو إعلان عن التزام أكيد بدعمها، ما أثار تساؤلات حول مدى المساعدة التي سيقدمونها في تحقيقها.

 

ويلفت الكاتبان إلى أن ترامب أعلن عن خطته في ظهور له في البيت الأبيض مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، واصفا إياها بأنها مفيدة لأمن إسرائيل وفرصة للفلسطينيين ليحكموا أنفسهم وينمو اقتصادهم، وقال لنتنياهو إن "هناك الكثير والكثير من البلدان التي تريد المشاركة في هذا الأمر.. ستلاقون دعما كبيرا من جيرانكم، وأبعد من جيرانكم". 

 

وتستدرك الصحيفة بأن المؤشرات الواضحة لهذا الدعم كانت غير موجودة، مشيرة إلى أنه في الوقت الذي كان فيه هناك ثلاثة سفراء عرب -من عمان والبحرين والإمارات- حاضرين خلال الإعلان، إلا أن ترامب قال إنه لا يوجد فلسطينيين.

 

وينقل التقرير عن الصحافي الفلسطيني وكاتب عمود في موقع "المونيتور" داود كتاب، تساؤله قائلا: "ألم تستطع أن تجد فلسطينيا واحدا يحضر؟"، وبالرغم من وجود اتفاقيات سلام بين كل من مصر والأردن مع إسرائيل، واختيار ترامب السعودية أول بلد يزورها بصفته رئيسا فإنه "لم تحضر أي منها"، كما أشار داود.

 

وينوه الكاتبان إلى أن القضية الفلسطينية كانت لعقود هي الشيء الوحيد الذي يوحد العرب في الشرق الأوسط، لكن أهميتها تراجعت في السنوات الأخيرة، مع تعثر العملية السلمية.

وتقول الصحيفة إن اهتمام بعض الحكام العرب أصبح داخليا مرتبطا بالأمن الداخلي والمشكلات الاقتصادية، فيما بدأت دول أخرى، مثل دول الخليج السعودية والإمارات، ترى أن إيران هي أكبر تهديد في المنطقة، وتجد أن إسرائيل حليف محتمل ضدها.

 

ويورد التقرير نقلا عن كتاب، قوله إن القلق بشأن إيران أصبح يعد "أكثر تهديدا وجوديا من القضية الفلسطينية.. فهم قلقون من أن يتم تهديد وجودهم المادي من إيران، أكثر من إسرائيل".

 

ويستدرك الكاتبان بأنه بالرغم من هذه التغيرات كلها فإن الزعماء العرب امتنعوا عن تأييد خطة ترامب، مشيرين إلى أن ترامب شكر خلال خطابه في البيت الأبيض يوم الثلاثاء عمان والبحرين والإمارات؛ "للعمل الرائع الذي قاموا به لمساعدتنا في الكثير"، وأشار إلى وجود سفرائهم، لكن حتى تلك الدول لم تصادق على الخطة رسميا.

 

وتشير الصحيفة إلى أن بعض الدول الأخرى اتخذت مواقف موزونة، فأشادت وزارة خارجية مصر، وهي أول بلد عربي يتوصل إلى اتفاقية سلام مع إسرائيل، بجهود ترامب للتوصل إلى اتفاق، لكن لغة البيان بقيت داخل حدود السياسة المصرية على مدى طويل تجاه الصراع. 

 

وينقل التقرير عن البيان، قوله إن مصر "تقدر الجهود المتواصِلة التي تبذلها الإدارة الأميركية من أجل التوصل إلى سلام شامل وعادل للقضية الفلسطينية، بما يُسهم في دعم الاستقرار والأمن في الشرق الأوسط، وينهي الصراع الفلسطيني الإسرائيلي"، وشجع البيان كلا الطرفين على الاستمرار في المفاوضات لتسوية القضية الفلسطينية بما يعيد للشعب الفلسطيني "كامل حقوقه المشروعة من خلال إقامة دولته المستقلة ذات السيادة".

 

ويجد الكاتبان أن "البيان، الذي صيغ بحرص، كان تعبيرا واضحا عن الدعم للرئيس الأمريكي، وإن لم يكن للخطة ذاتها، من ديكتاتور مصر، الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي قال عنه ترامب ذات مرة: (ديكتاتوري المفضل)".

 

وتلفت الصحيفة إلى أن إدارة ترامب تقوم حاليا بالتوسط في خلاف بين مصر وإثيوبيا والسودان، بما يتعلق بالسد الأثيوبي، الذي كلف 4 مليارات دولار.

 

وينوه التقرير إلى أن الأردن، وهو حليف آخر لأمريكا ووقع اتفاقية سلام مع الدولة اليهودية، لم يعر اهتماما لاتفاقية ترامب، وأكد التزامه بمطالب الفلسطينيين التي أهملها مقترح البيت الأبيض، ومن بينها: حدود الدولة الفلسطينية والعاصمة القدس.

 

ويورد الكاتبان نقلا عن وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، قوله في بيان له، إن الأردن سيستمر في العمل مع الدول العربية والمجتمع الدولي "للتوصل إلى سلام عادل ودائم يلبي الحقوق المشرعة كلها للشعب الفلسطيني".

 

وتشير الصحيفة إلى أن السعودية أشادت بجهود ترامب، لكنها لم تصادق على الخطة، لافتة إلى أن المملكة التزمت بموقفها المتمثل بأن المفاوضات يجب أن توصل إلى "اتفاقية تضمن الحقوق الشرعية للشعب الفلسطيني".

 

ويفيد التقرير بأن الحاكم الفعلي للمملكة، ولي العهد محمد بن سلمان، كسر تقليد الحكام السعوديين السابقين بحديثه عن حق إسرائيل في أرضها، وبامتداح اقتصادها، إلا أنه لم يتخذ خطوات رسمية لتحسين العلاقات خشية ردود فعل محتملة من شعبه.

 

ويستدرك الكاتبان بأنه في الوقت الذي كانت فيه ردة فعل حلفاء أمريكا للخطة حذرة، إلا أن أعداءها كالوا السخرية لأمريكا وإسرائيل، فوصف حزب الله اللبناني خطة ترامب بـ"صفقة العار"، ووجه أصابع الاتهام إلى تلك الدول العربية التي تتحالف مع أمريكا، وقال بيان الحزب: "هذه الصفقة لم تكن لتحصل لولا تواطؤ وخيانة عدد من الأنظمة العربية الشريكة سرا وعلانية في هذه المؤامرة". 

 

وتلفت الصحيفة إلى أن خطة ترامب استقبلت في العالم العربي بغضب وشعور بالإهانة أو استسلام المتعب، مشيرة إلى أن العداء للأمريكيين والإسرائيليين يبدو مساويا فقط للشعور بخيبة الأمل بين بعض العرب تجاه حكامهم.

 

وينقل التقرير عن الناشط الحقوقي في القاهرة جمال عيد، تغريده قائلا: "المهازل التاريخية تعيد نفسها.. من وعد بلفور البائس عام 1917 إلى إعلان ترامب المهزلة عام 2020، والحكام العرب إما أنهم بلا فائدة أو أنهم يطبلون".

 

ويورد الكاتبان نقلا عن رئيس الخارجية المصري السابق، نبيل فهمي، قوله إنه يخشى أن مقترح ترامب لن يفشل فقط في جلب السلام للمنطقة، لكنه قد يعطل فرص التوصل إلى صفقة دائمة، وأضاف: "عندما تطرح مقترحا بهذا الشكل، فأنت تريد أن يتم رفضه، وإن رفضت الصفقة فإنك تدمر أسس عملية السلام واحتمالات التقدم كلها، إنه أمر مذهل".

 

وتنقل الصحيفة عن المعلق المقرب من الحكومة السعودية، علي الشهابي، قوله إن الخطة كانت "كلها سلبية، وليست فيها إيجابية لحلفاء أمريكا في المنطقة"، كما استخفت عضوة البرلمان اللبناني بولا يعقوبيان، بالخطة، قائلة في تغريدة لها: "صفقة من جانب واحد إنها نكتة القرن".

 

ويورد التقرير نقلا عن نائب الرئيس المصري السابق، محمد البرادعي، قوله في تغريدة إنه شعر بالإهانة ذاتها التي شعر بها بعد هزيمة 1967، "فكيف يمكن لنا أن نبرر هذا الوضع البائس للأجيال القادمة؟".

 

ويفيد الكاتبان بأنه بالنسبة للكثير، فإن مقترح ترامب علامة فارقة أخرى فيما يعده الكثير من العرب تخلي أمريكا عن القضية الفلسطينية منذ عقود، مشيرين إلى أن التعليقات امتازت بشكل عام بالكآبة، وساد أيضا شعور بأن قضية وحدت الشرق الأوسط لعقود بدأت تتلاشى بصمت، وتخسر أهميتها بالنسبة للعرب العاديين الذين بدأوا يفقدون الاهتمام بها.

 

وتنقل الصحيفة عن البعض، قولهم بأن الشباب العرب مشغولون بالعنف أو الفوضى السياسية التي أعقبت ثورات الربيع العربي في عام 2011 في عدة بلدان عربية، أو أنه تم إسكاتهم.

 

وتختم "نيويورك تايمز" تقريرها بالإشارة إلى قول المحلل في معهد التحرير للسياسة في الشرق الأوسط في القاهرة، تيموثي كالداس: "لو كانت الحكومات في المنطقة تمثل رغبات الشعوب، لكان صوت العرب أعلى.. لكن مع القمع غير العادي الذي شهدته المنطقة، ومع كون الأنظمة غير مهتمة بالحوارات الناقدة في بلدانها، فإن من الصعب رؤية ما يمكن أن تفعله الشعوب في تلك البلدان".

 

لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)