صحافة دولية

فيسك: أزمة داروك ترسل هذه الرسالة لسفرائنا بالشرق الأوسط

فيسك: ذنب داروك هو أنه قال الحقيقة- تويتر

نشرت صحيفة "إندبندنت" مقالا للصحافي روبرت فيسك، يقول فيه إن خيانة "رجلنا في واشنطن" ترسل رسالة لكل دبلوماسي بريطاني.

ويشير فيسك في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن هذه الرسالة مفادها: "لا تنتقدوا الديكتاتوريين أو شرطتهم ولا الجلادين، ويجب أن تحصروا حياتكم بحفلات الكوكتيل، ومهما كنت فتجنب قول الحقيقة".

ويقول الكاتب: "دعونا ولو للحظة ننسى إهانة الرجل المسكين كيم داروك، ودعونا نقفز أياما عن هذه القصة الجديدة، دعوني أخبركم عن الإهانة والتضحية به على يد ترامب، وبقبول من الرجل الذي سيصبح رئيسا للوزراء، وما أثر ذلك على الشرق الأوسط". 

ويضيف فيسك: "دعونا نذهب أولا إلى الرياض، حيث تقع السفارة البريطانية قرب شارع الكواكبي، حيث يعمل السفير سايمون كوليز، الذي عمل سابقا في البحرين وتونس وعمان ودبي وقطر ودمشق وبغداد، وبعبارة أخرى فهو رجل يعرف العالم العربي، بالإضافة إلى أنه اعتنق الإسلام، وهو أول سفير بريطاني يؤدي الحج".

ويشير فيسك إلى أن "كوليز سيفكر مرتين عندما يكتب لوزارة الخارجية عن المملكة التي يجب أن يرسل تقارير عنها وبطريقة صادقة ونزيهة، ولن ينفع عطر الجزيرة العربية كله لينظف الجو لو تم تمرير واحدة من رسائله الدبلوماسية، خاصة أن كوليز عليه أن يرسل تقارير عن ممارسات محمد بن سلمان، المسؤول عن الحرب الدموية في اليمن، وبحسب نتيجة المخابرات المركزية الأمريكية فإنه المسؤول عن قتل وتقطيع جمال خاشقجي".  

ويقول الكاتب: "لا أعلم بالتأكيد ماذا سيقول كوليز عن هذا الرجل الخطير، لكن عليه بالتأكيد أن يخبر مسؤوليه أن ولي عهد السعودية عاجز وعقيم وأحمق، أو ما يقابل هذا من كلمات، وهذا ينطبق على مذبحة اليمن وتقطيع خاشقجي". 

ويعلق فيسك قائلا إن "الكثير كتب عن ابن سلمان وأستبعد منه نوبة غضب مثل ترامب لو عرف أن كوليز كتب كلاما غير جيد عنه، لكن السفير لن يحصل على دعوات جديدة للبلاط الملكي، ولن تسهل عملية بيع أسلحة جديدة إلى السعودية ليستخدمها الأمير في اليمن، ولن يتم تقطيع كوليز، لكن غضب الأمير قد يشمل سفيرا أو سفيرين غير كوليز، الذي سيجد عمله الدبلوماسي قد توقف فجأة في سن الـ 63 عاما".

وينتقل الكاتب إلى مصر والسفر بالتاكسي إلى سفارة بريطانيا وشمال إيرلندا قرب النيل، و"في مقر السفارة في منطقة غاردن سيتي يعمل سير جيفري أدامز، رجلنا في مصر، الحفيد السياسي لكل من إيفلين بارينغ ومايلز لامبسون، حيث يكتب يوميا تقاريره إلى وزارة الخارجية، ويجب أن تحتوي تقاريره أخبارا مرعبة عن الدولة البوليسية التي يديرها المشير عبد الفتاح السيسي بوحشية بعدما أطاح بأول رئيس منتخب محمد مرسي". 

ويقول فيسك: "لا بد أن يكون سير جيفري قد كتب للخارجية عن وفاة مرسي الشهر الماضي، وربما كتب للخارجية عن آرائه حول أحلام السيسي الفرعونية عن القاهرة الجديدة، وتوسيعه الذي لا فائدة منه لقناة السويس، واحتجازه المثير للغضب لـ 60 ألف معتقل، وحالة التعذيب التي يقوم بها الأمن، والفساد المالي الذي تقوم عليه ثروة الجيش المصري". 

ويضيف الكاتب: "على الأقل فإن سير جيفري، خريج مدرسة إيتون العريقة، وعمل في طهران والقدس وجدة، ولم يبق على تقاعده سوى ثلاثة أعوام، وربما وصف السيسي المنتخب مثل صدام بنسبة 97.08% بالعاجز والأحمق أو كلمات شبيهة بها، ولو وقعت برقياته في يد مسرب في لندن فلن يتعامل معها السيسي الحساس للنقد بطريقة جيدة، وسيتم تجميده من المناسبات الرسمية للحكومة كلها، فيما سيقوم الإعلام، الذي لبس عدد من مقدمي برامجه الزي العسكري عندما قام بانقلابه، بتمزيق سير جيفري إلى قطع، وسيجد نفسه مضطرا للعودة دون أن يسحب رئيس الوزراء المحتمل والجبان البساط من تحت قدميه". 

ويلفت فيسك إلى أن "الشيء ذاته ينطبق على سفير بريطانيا في أنقرة سير دومنيكك تشي ويلكوت، نائب السفير سابقا في واشنطن، والسكرتير الخاص لوزيري خارجية سابقين، وسيكتب عن رجل له أحلام فرعونية مشابهة، سجن 50 ألف شخص بعد المحاولة الانقلابية الفاشلة في عام 2016، بينهم قضاة ومدرسون وصحافيون". 

ويستدرك الكاتب بأنه "رغم خسارته إسطنبول، وعدم سيطرته على الاقتصاد، إلا أنه يخطط لبناء قناة ضخمة بين بحر مرمرة والبحر المتوسط، ويتعامل رجب طيب أردوغان مع النقاد مثل نبات القراص اللاذع، وربما وصف سير دومنيك أردوغان بالأحمق والعاجز، ولن يتردد أردوغان بالأمر بطرده ليرد رئيس الوزراء المحتمل برميه تحت عجلات ترام إسطنبول". 

ويقول فيسك: "نستطيع السفر إلى الشرق الأوسط كله، وإلى إيران مثلا، حيث يعمل نيكولاس هوبتون، الذي عمل في الرباط وصنعاء وقطر، والذي يتمتع بحديقة سكنه في طهران، لكنه لن يتردد عن الكتابة إلى وزارة الخارجية حول الجمهورية الإسلامية العاجزة والحمقاء، ولن يتردد آية الله خامنئي بدفعه للخروج وأخذ أول طائرة من مطار آية الله الخميني الدولي إلى بريطانيا في مرحلة ما بعد البريكسيت". 

ويجد الكاتب أن "السفراء عادة ما لا يفهمون الواقع بدقة، فقد ظل واحد من أسلاف هوبتون يدعم الشاه في إيران عام 1979 حتى بعد الإطاحة به، وقام آخر قبل كوليز بإقناع المؤسسة في لندن بوقف تحقيق في الفساد والغش في واحد من أكبر عقود السلاح مع السعودية، لكنهم عادة ما يصفون الوضع بدقة". 

 

ويقول فيسك إن "خطأ سير كيم داروك ليس لأنه وصف بيت ترامب الأبيض بالعاجز، ولا في تسريب كلامه اللطيف عن الإدارة الأمريكية، ولا في كونه غبيا أو عاجزا، كما قال الرئيس العاجز والأحمق عنه، لكن إثم سير كيم هو قوله للحقيقة".

ويختم الكاتب مقاله بالقول إن "هذه هي مشكلة رئيس الوزراء المحتمل المتفاخر والجبان ليدافع عن داروك وحقه في كتابة الحقيقة، وكذلك حزب المحافظين وحزب البريكسيت والخدمة المدنية والسيرك الذي يريد إخراج بريطانيا من أوروبا بطريقة تهريجية".

لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)