حقوق وحريات

هل تجدي دعوات معارضين للإفراج عن معتقلي نظام السيسي؟

نظام السيسي لا يكترث بالضغوطات بشأن المعتقلين الذين توفي الكثير منهم نتيجة الإهمال- جيتي

يواجه المعتقلون السياسيون في السجون المصرية، أوضاعا مأساوية وقمعا ممنهجا، بحسب منظمات حقوقية، الأمر الذي دفع أحزابا معارضة وشخصيات عامة إلى توجيه دعوات لإنقاذ أرواحهم.

وكانت ثمانية أحزاب معارضة قد دعت السبت الماضي نظام قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي إلى التوقف عن الانتقام من المعارضين السياسيين المعتقلين، وجددت مطالبتها بالعفو العام الشامل عن جميع سجناء الرأي في البلاد.

وأعربت الأحزاب، التي تشكل معا "الحركة المدنية الديمقراطية"، في بيان نشرته عبر صفحتها على "فيسبوك"، عن قلقها البالغ جراء تعرض المعتقلين السياسيين لانتهاكات حقوقية خطيرة داخل السجون، منها سوء المعاملة والتعذيب والإهانات الجسدية والمعنوية، محذرة من أن هذه الانتهاكات تعرض حياتهم للخطر بشكل مباشر.

ودعت الحركة إلى تنظيم حملة واسعة النطاق تشارك فيها كافة القوى الديمقراطية، ومؤسسات المجتمع المدني، وجميع شرفاء الوطن، للضغط من أجل تحسين أوضاع المعتقلين داخل محبسهم، واحترام حقوقهم الإنسانية والطبيعية، وتطبيق القوانين واللوائح، واحترام المواثيق الدولية والعهود والاتفاقيات ذات الصلة بحقوق السجناء التي وقعت عليها مصر وأصبحت ملزمة لجميع السلطات في البلاد.

إمعان في القمع

وقال الصحفي المتخصص في حقوق الإنسان خالد حماد إن السنوات الست الأخيرة "أثبتت للجميع أن الظلم في مصر لا يستثني أحدا، وأن أي شخص لا يوافق نظام عبد الفتاح السيسي في قراراته أو توجهاته يتم التنكيل به، أيا كان انتماؤه السياسي".

وأضاف حماد، لـ "عربي21" أن مصر تعيش منذ تموز/يوليو 2013 أسوأ عصور القمع بشهادة كافة منظمات ونشطاء حقوق الإنسان في مصر والعالم، حيث تم اعتقال عشرات الآلاف من المعارضين، مات المئات منهم تحت التعذيب أو بسبب الإهمال الطبي وسوء المعاملة.

وكشف أن القمع الذى يمارسه نظام السيسي هو الأسوأ في تاريخ مصر، مشيرا إلى أن المعتقلات شهدت وفاة 823 معتقلاً منذ تموز/يوليو 2013، منهم 15 خلال العام الجاري فقط نتيجة الإهمال الطبي المتعمد ومنع العلاج عنهم.

وأكد خالد حماد أن الإهمال الطبي المتعمد وسوء المعاملة باتا نهجا اعتمده النظام للتخلص من معارضيه المعتقلين، لافتا إلى تصاعد الاستغاثات الواردة من السجون ومقار الاحتجاز لإنقاذ أرواح مئات المعتقلين المعرضين للموت بسبب هذه الانتهاكات.

وتابع: "في مطلع أيار /مايو الجاري توفي معتقل آخر داخل سجن أسيوط العمومي بسبب الإهمال الطبي ورفض السماح له بالعلاج على نفقته الخاصة، وحاول أحد المعتقلين الانتحار منذ أسبوعين بعد تعرضه للضرب والإهانة داخل سجن طرة".

 

إقرأ أيضا: "عربي21" تنشر رسالة لعصام سلطان مسربة من سجن العقرب

وفي شباط /فبراير الماضي، اتهمت منظمة "هيومن رايتس مونيتور" النظام المصري بالإمعان في قتل المعارضين المعتقلين، عبر احتجازهم في ظروف غير إنسانية ومنع الدواء عن المرضى منهم، إضافة إلى اكتظاظ أماكن الاحتجاز غير اللائقة آدمياً بما ينشر العدوى بسرعة فيما بينهم".

وفي مقال له، يوم الأحد الماضي، قال الكاتب المصري علاء الأسواني إن 60 ألف معتقل مصري، معظمهم معارضون سلميون جريمتهم الوحيدة أنهم لا يوافقون على سياسات السيسي، محرومون من حقوقهم القانونية وأن حالتهم النفسية والبدنية سيئة للغاية، مؤكدا أن السلطات تستهدف إذلالهم وقتلهم ببطء.

وفي رسالة مسربة من محبسه بسجن "برج العرب" بالإسكندرية، حملت عنوان "افتح بنموت"، تحدث القيادي بحزب التحالف الشعبي محمد رمضان، الشهر الماضي، عن تعرض المعتقلين السياسيين في السجن لأوضاع مزرية، موجها استغاثة عاجلة لجميع الجهات للتدخل الفوري لوقف تلك الانتهاكات.

"لا نملك سواها"

وحول جدوى هذه الحملات والدعوات وقدرتها على التخفيف من معاناة المعتقلين، قال الباحث الحقوقي عادل اسكندر إن "نظام السيسي، وللأسف الشديد، في مأمن من أي ضغط دولي حقيقي، وعلى الرغم من الانتهاكات الحقوقية التي يرتكبها إلا أنه يحظى بدعم سياسي من الغرب، مقابل ما يقدمه من خدمات وحماية لمصالح الغرب في منطقة الشرق الأوسط وداخل مصر.

وأضاف اسكندر، في تصريحات لـ "عربي21"، أنه لم يبق أمام المدافعين عن حقوق الإنسان وأقارب المعتقلين سوى الضغط الشعبي وغير الرسمي والاستمرار في فضح الانتهاكات التي يمارسها النظام، مشيرا إلى أن الأنظمة الديكتاتورية، وعلى رأسها نظام السيسي، تنزعج من أي صوت يفضح انتهاكاتها، وتريد أن تمارس هذه الانتهاكات في صمت ودون أن يراجعها أحد.

وتابع: "الضغوط الشعبية والحملات المحلية والدولية تحرك المياه الراكدة، وإذا ما نجح المدافعون عن حقوق الإنسان في الوصول إلى المجالس النيابية وأعضاء البرلمانات في الغرب فإن هذه الحملات تدفع الأنظمة الغربية، وهي مضطرة، إلى الضغط بدورها على نظام السيسي للتخفيف من قمعه والتوقف عن ممارسة الانتهاكات الحقوقية الفجة حتى لا يضع تلك الحكومات في حرج أمام شعوبها وأمام البرلمانات التي تحاسبها بسبب دفاعها عن أحد أسوأ ديكتاتوريات العالم".

وأشار إلى أن "السنوات الأخيرة شهدت العديد من الحالات الفردية التي تثبت صحة هذا التوجه، وعلى الرغم من ندرتها إلا أننا لا نملك، حتى الآن، سوى التحرك في هذا الطريق"، حسب قوله.