صحافة دولية

FT: هكذا صعد ترودو وهكذا سقط.. هل يملك فرصة للعودة؟

ترودو لم يكن ليفوز في انتخابات عام 2015 لولا ضعف رئيس الوزراء الكندي في حينه ستيفن هاربر- جيتي

نشرت صحيفة "فايننشال تايمز" تحليلا إخباريا تحت عنوان "كيف سقط جاستن ترودو على وجهه"، تحدثت فيه عن كيفية سقوط رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو بعد الشهرة التي اكتسبها عالميا.

وبحسب التحليل الذي كتبه "رافي ماتو"، وترجمته "عربي21"، فقد بدأ ترودو يكتشف أن الذين يصعد نجمهم بفضل الشعارات الأخلاقية يكون سقوطهم أشد إيلاما. فهو متهم اليوم بالتدخل في قضية فساد تخص إحدى أكبر الشركات الكندية. ويواجه استقالات في حكومته، فضلا عن تراجع شعبيته قبيل الانتخابات العامة في تشرين الأول/ أكتوبر.

وترودو ابن عائلة سياسية معروفة وفاز حزبه في الانتخابات عام  2015، ليصبح رئيس وزراء بلاده بسبب تعب المرشحين من رئيس الوزراء السابق وأخطاء معارضيه. وعندما وصل إلى  السلطة قرر ترودو تقديم نفسه كتقدمي يقود. وقال لأنصاره: "السبل المشعة أصدقائي.. السبل المضيئة"؛ في إشارة إلى السبل المتسامحة واللينة في السياسة.

وقدم ترودو حكومة عيّن فيها الكثير من النساء، ووعد بمواجهة التغيرات البيئية وفتح المجال أمام السكان الأصليين، إلا أنه اكتشف لاحقا أن من يبشّرون بالأخلاق العالية يقعون على وجهوهم عندما يتعثر الحصان.

ويواجه ترودو اتهامات بالتدخل في قضية فساد تورطت فيها شركة "أس أن سي لافلين". ويواجه استقالات وزراء في حكومته وتراجعا في شعبيته باستطلاعات الرأي، وأسئلة حول قيادته قبل انتخابات تشرين الأول/ أكتوبر.

ونفى ترودو يوم الخميس مزاعم وزيرة العدل المستقيلة جودي ويلسون ريبولد أنه قام وكبير مساعديه جيرالد باتس بالضغط عليها لتظهر ليونة مع الشركة الهندسية. وقالا إن إدانة الشركة ستؤدي إلى خسارة وظائف في مقاطعة ترودو، "كيبيك"، وهي ساحة انتخابية مهمة بالنسبة إليه.

 

وقال ترودو إن سبب الفضيحة هو غياب الثقة بين باتس وويلسون ريبولد. وقدم عرضا لطريقة حكمه ودعمه للعدل. ورفض الاعتذار، مؤكدا أن لا وجود لخطأ في محاولة تأمين الوظائف وحمايتها.

وتساءل كاتب التحليل عن السبب الذي وجد فيه داعية التقدم السياسي نفسه وسط فضيحة كلاسيكية؛ ويجيب بأن السبب كامن في الطريقة غير الصائبة لقراءة قوة التفويض السياسي الذي حصل عليه.

 

اقرأ أيضا: جاستن ترودو أمام فضيحة ثقيلة مرتبطة بالساعدي القذافي


ويعلق الكاتب قائلا إن ترودو لم يكن ليفوز في انتخابات عام 2015 لولا ضعف رئيس الوزراء الكندي في حينه ستيفن هاربر، الزعيم المحافظ وضعف زعيم "الديمقراطيين الجدد" توماس مولكير الذي يمثل اليسار.

ونظر إلى ترودو، ابن أشهر رئيس وزراء لكندا كشخصية سياسية ضعيفة، لكنه لم يتخذ قرارات خاطئة. ونقطة قوته جاءت من المناظرات السياسية التي استطاع الفوز فيها وقوت صورته بالإضافة لاستخدامه الجيد لوسائل التواصل الاجتماعي وبناء صورة عن نفسه كزعيم نشط وشاب، وهو ما ساعده على الفوز، إلا أن "ماركة ترودو" تحوّلت في بعض الأحيان إلى نوع من المهزلة.

ففي رحلة له إلى الهند العام الماضي ظهر في زي هندي، ما عرضه للسخرية حيث كتب سياسي محلي تغريدة قال فيها: "لمعلوماتك نحن الهنود لا نلبس بهذه الطريقة كل يوم ولا حتى في هوليوود". وخرق قواعد أخلاقيات الحكم وبدا نخبويا عندما أخذ عائلته عام 2016 في إجازة إلى جزيرة خاصة يملكها الملياردير آغا خان.

 

ويرى الكاتب أن محاولات ترودو تصوير نفسه بالرجل العصري التقدمي عزز حسا بأن كل ما يقوم به هو مجرد دعاية بدون إنجازات.

 

وجاء رده الضعيف على أزمة "لافلين" ليعزز هذا الإحساس، فضلا عن أنه قدم وعودا كبيرة لم يكن قادرا على الوفاء بها.

 

فوعوده لمكافحة التغيرات البيئية كان من الصعب تحقيقها في بلد يعتمد على النفط والغاز الطبيعي بشكل كبير.

 

وعادة ما تقود الثقة المبالغة بالنفس إلى سوء في الحسابات. فقد فسّر الحزب الليبرالي الذي يتزعمه ترودو وسيطرته على 148 مقعدا في انتخابات عام 2015 كدعم لأجندته، مع أن التحول نحو الحزب جاء بسبب ملل الناخب الكندي من سياسات هاربر.

وبدأت التداعيات السلبية تظهر على المستوى الإقليمي وقبل الكشف عن فضيحة لافلين؛ إذ فاز الزعيم الشعبوي دوغ فورد، شقيق عمدة المدينة روب الذي اعترف بتعاطيه المخدرات، من خلال استخدامه ترودو كصورة عن الفشل.

وتعرض ترودو للانتقادات بسبب تركيز السلطة في يد كبار مساعديه، خاصة باتس الذي التقاه عندما كانا يدرسان معا في جامعة ماكغيل قبل 30 عاما تقريبا.

 

ومن المعروف أن باتس كحام وحاجب لترودو قام بترتيب عملية صعوده لقيادة الحزب الليبرالي  عام 2013 وترشحه لانتخابات عام 2015.

وخاض باتس لعبة ملاكمة حول سياسات الحكومة من خلال "تويتر"، وهو أمر غير عادي لمساعد غير منتخب. وهناك مشكلة في الحكم عندما يكون مساعدك الأبرز صديقك، فمن الصعب التفريق بين ما هو سياسة وما هو صداقة.

 

والسؤال الآن هو ما إن كان ترودو قادرا على تحسين صورته قبل الانتخابات مع أنه فشل في إصلاح النظام الانتخابي كما وعد.

ومع ذلك، فلديه بعض النجاحات مثل إعادة التفاوض حول معاهدة التجارة الحرة في شمال أمريكا، مع أن البعض ينسب الفضل إلى وزيرة خارجيته كريستيا فريلاند.

 

وقد يستفيد رئيس الوزراء من حقيقة ضعف معارضيه، فأندرو شير من حزب المحافظين وجاغميت سينغ، من "الديمقراطيين الجدد" جديدان في القيادة، ويحاولان بناء شعبية وسمعة لهما.

 

ورغم تراجع شعبية ترودو، إلا أن استطلاعات الرأي تضع الحزب الليبرالي على نفس المستوى مع حزب المحافظين. ولكنه يعرف جيدا أنه حين يقرر الناخب التحرك ضد زعيم قوي، فلا شيء يضمن فوزه.