ملفات وتقارير

"عربي21" تتحدث لزوجات شهداء رابعة.. هذه معاناتهن

زوجات الشهداء أكدن أنهن يعانين مصاعب عدة في ظل الأوضاع الحالية في مصر- جيتي

تحدثت زوجات شهداء الجرائم التي ارتكبها الانقلاب العسكري في مصر منذ الاطاحة بالرئيس المنتخب محمد مرسي، وأكدن أنهن وبعد مرور سنوات على فقدان أزواجهن، إلا أنهن لا زلن يعانين العديد مصاعب الحياة في ظل الحالة المعيشية المضنية التي تحياها مصر في ظل النظام الحالي.


"عربي21"، فتحت خزانة أسرار بعض زوجات شهداء فض اعتصام رابعة العدوية 14 آب/ أغسطس 2013، وسألتهن عن ألامهن وأبنائه، وكيف يواجهن مصاعب الحياة بعدما مات عائلهن؟.

البداية كانت مع زوجة الشهيد وجيه مخيمر، التاجر الذي قتل بميدان رابعة صباح يوم الفض، تاركا زوجة 36 عاما، وابنة جاءت إلى الدنيا بعد تأخر بالإنجاب لمدة 12 سنة وعبر عملية حقن مجهري ليتركها بعمر 3 فقط.

من مثلي؟

"سنأخذ حقهم في الدنيا وإن لا؛ ففي الآخرة"، هكذا بدأت "أم حنين"، حديثها الصوتي لـ"عربي21"، مؤكدة أنها وجدت رعاية كاملة بعد وفاة زوجها من أسرته وأسرتها ومن الجيران، مضيفة "لم أر شماتة من أحد لأن زوجي كان بين الناس ولم يكن له أولاد، ورغم أنه ليس عضوا بالاخوان بل محب لهم، لكنه رأى بعد الانقلاب أن هذا هو طريق الحق ويجب الوقوف بجانبه حتى لاقي ربه شهيدا".

وحول ظروف حياتها بعد وفاة زوجها، أجابت: "من مثلي بعدما اصطفاه ربنا واختاره"، مضيفة: "أيام ثورة يناير 2011، لم يذهب ميدان التحرير، ولكن مع أول يوم اعتصام ذهب ميدان رابعة وكان يطلب غيارات أرسلها له مع إخوته وكنت أذهب معه أنا وحنين ولأول مرة ينسي التجارة التي كانت كل حياته قبل الانقلاب حيث كنت لا أراه".

وأشارت إلى أن "حنين بالصف الثالث الابتدائي الآن وكانت قطعة منه يحبها كثيرا وتشبهه بالطباع والشكل، لكنها لا تتذكر منه إلا القليل حتى أنها تحكي أكثر عن عمها الأكبر، ومع ذلك فهي دائمة السؤال عن والدها الشهيد فأقول لها إنه بطل ورجل أفضل من كثيرين وأذكر لها قوله: "يانموت شهداء يانعيش رجالة"، موضحة أن ابنتها فهمت الآن واستوعبت كل شئ.

وقالت: "أحاول أن أزرع فيها حب الحق وأقول لها ربنا ميزك عن الكثيرين؛ ورغم رفض والدتي إلا أنني دائما ما أشاهد معها مقاطع فيديو عن الشهداء حتى تفهم أن والدها ليس جبانا وعرف الحق ولم يسكت على الظلم كما أصطحبها لزيارة عمها المعتقل".

 

اقرأ أيضا: 5 أسر مصرية قيد الاعتقال بسجون السيسي.. هذه قصصهم

وتحكي أم حنين، أن معلمتها وقفت بالفصل وقالت للتلاميذ: "والد حنين بطل ومات شهيدا نصرة للحق"، مضيفة "يومها عادت البيت وكأنها تحلق بالسماء لكنها قالت: أنا فرحت بأبي كبطل ولكني حزنت لأنه ليس بجواري، فقلت لها : "بابا في الجنة وكلنا نغبطك لكونه والدك".

طردني أهله

وفي قصة "‏أم معاذ"، زوجة الشهيد "أ. ز‏"،وشهيد مذبحة النصب التذكاري أزمات ومآسي زادت آلامها بعد فقدان رفيق دربها، وهو ما عبرت عنه بالقول: "لا يغمض لي جفن ليلا وما زلت أبكي ألما لفراق الحبيب".

وأضافت لـ"عربي21"، "استشهد زوجي في رابعة، وكنت 24سنة، وترك لي معاذ عمره عام واحد، وكنت أسكن في شقة ببيت أسرة زوجي (شقة الزوجية)، ولكن بدأت أولى الأزمات بعد فقدان الشهيد".

وأكدت أن أول إجراء قام به حماها هو طردها من الشقة كي يتزوج فيها الأخ الأصغر لزوجها الشهيد، موضحة "ولأنه لم يكن للشهيد معاش كي أصرف منه ولا يوجد له شقة أخرى أسكن بها لم يكن لدي خيار غير الإقامة مع والدي ووالدتي".

وقالت: "لم يدم الأمر طويلا وأصبح يُفرض علي الحصار؛ لكن من تعود حياة خاصة لا يستطيع الحياة كتابع يخضع لأوامر وتوجيه هذا صواب وهذا خطأ ويستأذن كالأطفال"، موضحة أن والدها بنى لها بسطوح منزله غرفة ومطبخ وحمام لتنام فيها مع ابنها حتى تشعر بشيء من الاستقلالية.

وأوضحت "رغم أن الجميع يواصل ضغوطه علي كي أتزوج إلا أن ابني أصبح القضية الأولى والأخيرة بحياتي، ولم أعد أرغب بالزواج أو على الأقل هو خطوة مؤجلة حتى أتعافى نفسيا، ويكبر ابني الذي مازال بأول سنوات عمره في حضني، في الوقت الذي لا يهتم أهل الشهيد بالولد ولا يسألون عنه".

اتهموني بقتله

وتقول زوجة شهيد أخرى: "صورته لا تفارق خيالي بعدما قتله الظالمون يوم فض رابعة أمام عيني، ولا أنسى رقدته بالمشرحة حيث ظللت معه 22 ساعة فاقدة الوعي".

وأكدت لـ"عربي21"، رافضة ذكر اسمها ولا اسم زوجها، أن ما عايشته بعد ذلك من معاناة وآلام كانت قاسية أيضا وخاصة أنها جاءت من أقرب المقربين للشهيد، موضحة أن "أسرتي وأسرة زوجي اتهموني كلاهما بالمشاركة في قتله مع جماعة الإخوان المسلمين".

 

اقرأ أيضا: مطاردون من الانقلاب بمصر يروون بمرارة معاناتهم لـ"عربي21"

وأضافت "عن أي أوجاع وآلام أتحدث؛ عن تلك الاتهامات الباطة التي لم يراعوا فيها مصابي، ولا عن المسؤولية الكبيرة التي وضعت على عاتقي لإطعام وكساء وتربية وتعليم أطفال أربعة".

وأشارت إلى أن أزماتها لم تنتهي بعد "فبين اعتقال قوات الأمن لها مرتين بلا ذنب، وبين المطاردة الأمنية التي تتعرض لها ومخاوف الاعتقال مجددا، وبين السجن الذي قد تعود إليه بعد إصدار حكم سجن بحقها في قضية تظاهر، وبين مرض أمها بالفشل الكلوي تأثرا لحالها وحزنا عليها".