ملفات وتقارير

"أونروا" تعيش أزمة مالية خانقة بعد 69 عاما على تأسيسها

تقدّم أونروا خدماتها الأساسية لنحو 5.9 مليون لاجئ فلسطيني- جيتي

تشهد وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، أزمة مالية خانقة في الذكرى الـ69 على تأسيسها، جراء وقف التمويل الأمريكي لأنشطتها.


وتقدّم الوكالة خدماتها المعيشية الأساسية لنحو 5.9 مليون لاجئ فلسطيني مسجلين في قوائمها بمناطق عملياتها الخمس بالشرق الأوسط، أي سوريا، لبنان، الأردن، قطاع غزة، الضفة الغربية وشرق القدس.

ويتخوف لاجئون فلسطينيون من تقليص خدمات "أونروا" العام القادم أو تقويض عملها، جرّاء التحديات الكبيرة التي تواجهها، عقب وقف واشنطن مساهمتها المالية للوكالة.

وتعاني الوكالة أكبر أزمة مالية في تاريخها، بعد قرار أمريكي، قبل أشهر، بوقف كامل مساهمتها السنوية للوكالة البالغة 365 مليون دولار، الأمر الذي شكل ضغطا كبيرا على الوكالة الأممية.

من جهته استبعد الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني، وديع أبو نصار، نجاح الإدارة الأمريكية الحالية بتقويض عمل وكالة "أونروا"، في مناطق عملياتها الخمس، لكنّه رجّح أن تشهد خدمات "أونروا"، في عامها الجديد، المزيد من التقليص.

 

وقال أبو نصار، في تصريح للأناضول: "من الممكن أن تؤثر السياسة الأمريكية بحق أونروا في ضرب خدماتها وإضعافها، لكنها لن تنجح في تقويضها أو وقفها".


وأكد استمرار الإجماع الدولي على "أهمية الدور الذي تقوم به أونروا في إغاثة وحماية اللاجئين الفلسطينيين".


واعتبر "انسحاب أونروا من واحدة من مناطق عملياتها الخمس أمرا مستبعدا، لكن تقليص الخدمات أمر وارد جدا"، موضحا أن "الوكالة تعمل في مناطق ملتهبة، تزداد فيها احتياجات اللاجئ الفلسطيني".


وعن محاولة واشنطن إعادة تعريف اللاجئ، قال أبو نصار إن "الولايات المتحدة حرة في كيفية تعريف اللاجئ، لكن اللاجئ أيضاً يحق له تعريف نفسه".


وأعرب أبو نصار عن استغرابه لـ"تصرف واشنطن الذي لا يدل على فهم ولا إقرار بالواقع، في وقت يوجد فيه ملايين اللاجئين الفلسطينيين ".


ورأى أن إعادة تعريف مصطلح اللاجئ أمر يتنافى مع "الحقائق ويضر بمصداقية واشنطن أكثر من ضرره على الفلسطينيين".


وفي 4 أغسطس/ آب 2018، كشفت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، أن الإدارة الأمريكية بدعم من مستشار الرئيس الأمريكي جاريد كوشنر، وأعضاء في الكونغرس، يعملون على إنهاء وضعية "لاجئ" لملايين الفلسطينيين من أجل وقف عمل "أونروا".


ونقلت المجلة أن هناك مشروعي قانون على الأقل يتم طرحهما في الكونغرس حاليا من أجل دفع هذه المسألة.


وقالت المجلة إنها حصلت على رسائل بريد إلكتروني تداولها كوشنر مع مسؤولين بالإدارة الأمريكية، دعا فيها صراحة، إلى "ضرورة وقف عمل الأونروا".

 

اقرأ أيضا: أونروا لـ"عربي21": لن ننهار وهذه خياراتنا لجلب التمويل

وسبق أن نقلت صحيفة "يسرائيل هيوم" في يوليو/ تموز 2018، عن عضو في الكونغرس الأميركي قوله إنه يسعى لسن قانون جديد يعتبر عدد اللاجئين الفلسطينيين 40 ألفا فقط من أصل 5.9 مليون لاجئ.


ويهدف العضو الجمهوري في مجلس النواب الأمريكي، داغ لمبورن، إلى تخفيض الدعم الأميركي لـ"أونروا"، عن طريق حصر تعريف اللاجئ الفلسطيني بمن تشردوا خلال النكبة فقط، واستثناء نسلهم من الأجيال اللاحقة.


ويقول لمبورن إن خلفية القانون الجديد مرتبطة بالاختلاف بين تعريف الأمم المتحدة للاجئ الفلسطيني، وتعريف باقي اللاجئين بالعالم ممن تتولى رعايتهم منظمات أخرى تابعة للأمم المتحدة غير "أونروا".


ويكمن الفرق حسب لمبورن، في أن تعريف اللاجئ من غير الفلسطينيين ينحصر فقط في الجيل الأول، فيما تتوارث أجيال الفلسطينيين صفة اللجوء.


وتنسب الصحيفة لمصادر في الكونغرس أن العدد سينحصر فقط في 40 ألف لاجئ منذ حرب 1948، وهو رقم ضئيل مقارنة بمعطيات "أونروا".

وتأسست "أونروا"، في 8 ديسمبر/ كانون أول عام 1949، بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 302.


ومنذ نشأتها، اعتُبرت "أونروا" وكالة مؤقتة تقدّم المساعدات للفلسطينيين الذين هاجروا من أراضيهم عقب تأسيس دولة إسرائيل.


وتتجدد ولاية الوكالة الأممية كل ثلاث سنوات، حتّى إيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية، وفي الأول من مايو/ أيار عام 1950، بدأت العمليات الميدانية لوكالة "أونروا".


وتقدّم "أونروا" التي بدأت عملياتها الميدانية عام 1950، مساعداتها للفلسطينيين عبر مقريْن رئيسييْن الأول بالعاصمة النمساوية فيينا، والثاني بالعاصمة الأردنية عمان، مع وجود مقرّات أخرى (فرعية) في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وفي كل من سوريا ولبنان.


ووفق بيانات الوكالة، تلتزم منذ عام 1950، "أونروا" بتقديم تلك الخدمات في أوقات الهدوء النسبي أو أوقات النزاعات.

 

اقرأ أيضا: مع وقف ترامب تمويل الأونروا: هل يجب على أوروبا سد الفراغ؟

و تُساهم في توفير حياة طويلة وصحية للاجئين الفلسطينيين، إلى جانب تحقيق مستويات معيشية تصفها بـ"اللائقة"، ومساعدة هؤلاء اللاجئين في التمتع بـ"حقوق الإنسان بأقصى درجة".


وتشير سجلات "أونروا" إلى أن عدد اللاجئين الفلسطينيين المسجلين لديها عام 2017، بلغ نحو 5.9 مليون لاجئ، والرقم يمثّل الحد الأدنى لعدد اللاجئين الفلسطينيين، بحسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني (حكومي).

وفي تقرير أصدره جهاز الإحصاء الفلسطيني، في يونيو/ حزيران 2018، شكل اللاجئون الفلسطينيون المقيمون بالضفة الغربية 17 بالمائة من إجمالي اللاجئين المسجلين لدى الوكالة، مقابل 24.4 بالمائة في غزة.


أما عربيا، فقد بلغت نسبة اللاجئين الفلسطينيين المسجلين لدى الوكالة بالأردن 39 بالمائة من إجمالي اللاجئين الفلسطينيين، في حين بلغت النسبة في لبنان 9.1 بالمائة، وفي سوريا 10.5 بالمائة.


وتشير الإحصائيات إلى أن 43 بالمائة من مجمل السكان في أراضي السلطة الوطنية الفلسطينية (الضفة الغربية وقطاع غزة) لاجئون.


ففي الضفة -بما فيها القدس الشرقية- يبلغ عدد اللاجئين الفلسطينيين 26.6 من إجمالي السكان، فيما وصلت النسبة في غزة إلى 66.2 بالمائة.


ووفق البيانات نفسها، فإن 39 بالمائة من اللاجئين الفلسطينيين تم تصنيفهم ضمن معدلات الفقر خلال عام 2017، تقدّم "أونروا" خدمات متعددة للاجئين المسجلين لديها، تشمل مجالات التعليم والصحة، والإغاثة، والخدمات الاجتماعية.


ويعيش نحو ثلث إجمالي اللاجئين المسجلين، في 58 مخيماً، تشرف عليها الوكالة.


وتتوزع مخيمات اللاجئين بواقع 12 مخيماً في لبنان، و10 في الأردن و9 في سوريا، و27 مخيماً في أراضي السلطة الفلسطينية، موزعة بدورها، بواقع 19 مخيما في الضفة و8 في غزة.


وبخصوص المنشآت التابعة لها بالدول التي استقبلت اللاجئين الفلسطينيين، أسست "أونروا" نحو 900 منشأة، مثل المدارس والعيادات الصحية ومراكز التدريب المهني، يعمل فيها نحو 30 ألف موظف في مناطق عملياتها الخمس (الأردن ولبنان وسوريا والضفة الغربية وغزة).


أما البرنامج التعليمي الذي تقدّمه "أونروا"، فيعتبر من أكبر البرامج التابعة للوكالة، إذ يستحوذ على أكثر من نصف ميزانيتها العادية (البالغة تقريبا 1.2 مليار دولار سنويا)، وفق مسؤولين أممين.

 

اقرأ أيضا: الأونروا تبدي قلقها من مخطط إسرائيلي بإغلاق خدماتها في القدس

وبحسب "أونروا"، فإنها تدير أكبر نظام مدرسي في الشرق الأوسط، وذلك بوجود أكثر من 703 مدارس.

وإلى جانب التعليم، أسست "أونروا" مراكز تدريب مهني في عدة مجالات متنوعة.


ومن خلال برنامج الصحة، تهدف الوكالة إلى تمكين اللاجئين من العيش حياة طويلة وصحية، وتوفير بيئة معيشية صحية، كما تقول.


ويهدف برنامج الإغاثة والخدمة الاجتماعية إلى تزويد اللاجئين الذين يعانون من الفقر، بمساعدة شبكة الأمان الاجتماعي بشكل دوري، وتعزيز التنمية والاعتماد على الذات.